Take a fresh look at your lifestyle.

تونس والإصلاح التربوي!!

 

\n

أي نهضة يمكن لأبنائنا تحقيقها وهم يُفنون أعمارهم في متاهة الكتب والأوراق والحواسيب علَهم يظفرون بشهادة بلا قيمة ولا فائدة؛ فحصيلة هذه السنوات من التعب أدمغة فارغة وفكر قاصر وطاقات مجمدة معطلة، هذا ما جنيناه جراء قبول القائم على أمرنا بسياسة التبعية التي قدمت له برامج ومناهج تعليم وجب عليه الحرص على تفعيلها دون مراجعة أو متابعة أو مجرد تقييم، وخلنا أن زمن الارتهان للكافر المستعمر قد مضى وأن سقف المطالب ارتفع بمقتضى ثورة شعب أبيّ، ولكن أنى يتحقق لنا هذا وخُداَم الغرب لا يتوانون عن خذلان شعوبهم في سبيل إرضاء أسيادهم… وخير دليل على هذا ما افتعله اتحاد الشغل من أزمة مع الوزارة وما عمدت إليه هذه الأخيرة من تصعيد ليكون اللجوء للحوار الوطني أمراً حتمياً لا حل إلا من خلاله.

\n

مكر وخداع لا يعدو أن يكون جرا للناس نحو سياقات تسهل تمرير الأجندات الغربية وتضفي عليها صفة الشرعية من خلال الحاضنة الشعبية التي انخرطت في هذه المهزلة… وهي فعلًا مهزلة بكل المقاييس، فالوزارة تركت المجال للوزير يتحفنا برؤيته – العبقرية – في الإصلاح وهي لا تمثل إلا بعض التحسينات الشكلية لظروف الدراسة كالتخلي عن العمل بنظام الحصتين وإلغاء الأسبوع الغلق والإكثار من العطل واختزال مدتها والعمل على تحسين البنية التحتية بالتعويل على جيوب الناس…

\n

رؤية ثاقبة سبقها بحث عميق في تحديد المشاكل ورصد الأهداف وحصرها في جعل الفضاء المدرسي فضاء للأنشطة الثقافية والرياضية والترفيهية وغيرها… وحلول جذرية لم يسبقه أحد إليها، سيكتب التاريخ أن ناجي جلول ضمن لأبنائنا مدرسة جميلة ومناهج قويمة ونتائج قطعًا لن تكون إلا وخيمة على قطاع له أهمية كبيرة في بناء أسس المجتمع بفضل ما يسعى إليه من تمييع للدور التعليمي والتربوي للمدرسة.

\n

وعلى النهج نفسه يسير الشريك الثاني الذي يزعم أن لهياكله دور الرهان في صياغة البدائل وهو الاتحاد العام التونسي للشغل الذي أعلن رئيسه حسين العباسي أن: \”المدرسة مدعوة مستقبلًا إلى إنتاج مواطنين قادرين على بناء المجتمع الديمقراطي وقطعًا لن يكون من خلال الوعظ والإرشاد بل من خلال التدرب على الممارسة الفعلية لهذه المواطنة في فضاء تدريب تكتمل شروط إمكانية وجوده انطلاقًا من البنية التحتية وصولًا إلى الأهداف والبرامج وأشكال التنظيم والتسيير وغيرها…\”. تناغم وانسجام مفضوح في الرؤى والتوجهات بين الفاعلين الرئيسيَين في إدارة الحوار والسير به نحو الحداثة وتعميق الفجوة بيننا وبين عقيدتنا… أي إصلاح هذا وكل المؤشرات ترتفع باتجاه الفساد والإفساد؟!

\n

ويكتمل المشهد وتتضح الصورة أكثر حين نكتشف الشريك الثالث والممثل للتبعية في أعلى درجاتها، فالمعهد العربي لحقوق الإنسان منظمة غير حكومية ذات علاقة رسمية استشارية لدى اليونسكو وهو أيضًا مرتبط بإدارة الإعلام في الأمم المتحدة فأي دور يمكن أن يلعبه خارج الإرادة الدولية؟ حضر المعهد بوصفه الراعي الرسمي للإملاءات وقدمها على أنها العلاج الشافي الذي لا بديل عنه. فجاء على لسان رئيسه عبد الباسط بن حسين أن الهدف من مشاركته في هذا الحوار هو: \”صيانة مكاسب الحداثة والمدنية والديمقراطية وحقوق الإنسان.\” فلا نرى في اجتماع الشركاء ومن حركهم نحو مشروع المدرسة الجديدة المتكاملة التي تجمع بين التعليم والترفيه والثقافة والرياضة إلا تكريسًا للتبعية وإمعانًا في تركيع الشعب وإخضاعه لعدوه بتسليم أهم الملفات له يتلاعب بها لخدمة مصالحه… وأكبر خدمة نقدمها للغرب هي أن نستمر في سباتنا ويستمر هو في مدِّ يد العون بكل مكر وخبث… يدَعون الإصلاح ويسلكون طريق الإفساد ويفتحون المجال للجميع حتى يكونوا شركاء في الوزر.. فالمهمة التي أوكلت للأساتذة لا تعدو أن تكون استخفافا بهم حين أسندوا لهم دور الاستماع للتلاميذ ورفع مقترحاتهم للهيئة المعنية بالأمر، فانخرط بعضهم في المهزلة وذهب بالحديث مع التلاميذ نحو أمور شكلية كاختيار لون المعهد أو عدد الحصص أو مناقشة الضوارب… ورفض البعض الآخر المشاركة معلنًا أن الأمر لا يعنيه. والحال أنه المباشر الفعلي للعملية الدراسية وأن عملية الإصلاح تنطلق من رؤيته.

\n

فهل نستطيع التعويل على هذه الأطراف التي تلهث وراء التعلق بذيل الحداثة والتنصل من كل مظهر قد يعيد إلى أذهاننا هويتنا الإسلامية وينسينا أننا خير أمة أخرجت للناس وأن لنا من الثقافة ما يغنينا عن طلب العون بل ما يجعلنا في أعلى المراتب كما كنا؟ ألم يئن الأوان بعد لنتخلى عن دور التبعية ونعود إلى عقيدتنا مصدر قوتنا وعزنا وطريق نهضتنا؟

\n

 

\n

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

\n

 

\n


أ. سهام عروس – تونس

\n

 

\n