لستِ مثل سائر النّساء لتسيري على دربهن! فدربك وحيد وفريد و… سعيد
\n
كلّما توجهتُ إليكِ بالنظر لأتقصّى ما تعيشينه هذه الأيام لا أرى سوى تضجّرٍ وشكوى من ضنك العيش… كلما تحدثت معك لا أسمع منك إلا عدم الرضا والتأفف من حياة التعب والجري وراء لقمة العيش…كلّما سألتك هل حصلت على حقوقك وحرياتك التي أصمّوا بها آذانك تردّين بالنفي وبأنّك منهكة القوى متعبة الجسد والفكر… تبحثين عن حياة هنيئة مطمئنة مع زوجك وأولادك ولكنّ ضغوطات الحياة تحول دون ذلك وتجعل كل فرد من العائلة غريبا عن الآخر له عالمه الخاص لا وئام ولا محبة بل لهث وانشغال كل بما يحقق فرحون.
\n
هذه حياة المرأة اليوم تسعى لتحقيق سراب أوهموها به فعاشت وما زالت تحيا عيشة صعبة، تجاهلوا فيها خصوصيتها وقدراتها التي أودعها الله فيها وطالبوها بما لا تقدر عليه فصارت بين عملها الأصلي داخل البيت (ربة بيت وزوجة وأم) وبين كونها عاملة تطالب بالجودة والعطاء خارج البيت، فتفتّتت الجهود وصارت لا إلى هذا مستوفية ولا إلى ذاك ملبية، أصبحت تعيش حالة من التمزق والحيرة وتعاني من التوتر والإرهاق، وعوض أن تجد الراحة والسعادة الموعودتين لم تنل إلا الألم والتعب والتعاسة.
\n
هل تساءلت لماذا يحدث لك كل هذا؟ بحثت عن السعادة في حريتك وخروجك إلى العمل ولم تجديها؟ أردت أن تتساوي مع الرجل لتحظي بكل ما ترغبين فيه من متع الحياة من لباس وأكل وعيش رغيد فلم تسعدي بل صرت معه تتسابقين وتتصارعين حتى تحققي جميع الأمنيات التي ما عادت فيها كماليات بل كلها ضروريات.
\n
صرت تبحثين عن السعادة لأبنائك في حصولهم على أرقى الدرجات العلمية وفي توفير أكبر قسط من الثروة، ولما تتحقق الآمال والأحلام تقفين وقفة تأمل فتجدين أبناء أنانيين لا يهمهم إلا أنفسهم ولا يبحثون إلا عن إرضائها متغافلين جاحدين لك ولما بذلته من أجلهم من جهد وركض لتوفير ما يطالبون به.
\n
هذه أنت، نظر إليك الغرب نظرته للمرأة عموما ولم يفرق بينك وبين اليهودية ولا النصرانية ولا الملحدة الكل موضوع في خانة واحدة \”المرأة\” وتعامل معك على هذا الأساس… تجاهل أنك مسلمة وأنك تختلفين اختلافا جوهريا عن الأخريات، فأنت تلتزمين بأحكام ربك في تعاملك مع زوجك وأبنائك وتسعين لنيل رضاه برعايتك لهم وبإرضائهم.
\n
لست مثلهن لتلهثي وراء هذه الدعوات وهذه الشعارات التي لا همّ لها إلا صرفك عن دينك وعن أحكام ربّك… لست مثلهن لتقفي في وجه زوجك تتصارعين معه على حقوق وواجبات لأنك مكفولتها من ربّك وأنت والرجل شقيقان تتنافسان لنيل الخيرات والفوز بالجنات… لست مثلهنّ لتنسي واجبك كأم، وتحصرينه في توفير الحاجات المادية وتنسين العواطف والحب والحنان فلا تجدين لها وقتا!!!!
\n
هل بات همّنا تربية أجيال أقصى أمانيها درجة علمية عالية وسيارة فخمة وسكناً رائعاً؟؟ هل هذا هو دورنا أختي المسلمة؟ هل صرنا نلهث وراء هذه الدنيا الزائلة وتغافلنا عن الآخرة؟ هلّا ألقينا بنظرة إلى ما يلحق بأخواتنا المسلمات في سوريا وأوزبيكستان وبورما والعراق واليمن ومصر ووو… والقائمة تطول.. والبكاء على حالهن يطول وذكرهن والحديث عنهنّ يطول ويطول…
\n
يقول ربنا عزّ وجلّ: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ ويقول الرسول ﷺ: «من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم»، فأين المسلمات والمسلمون من اهتماماتنا؟ هل سعينا لنصرتهم؟ ماذا عسانا أن نفعل وأخواتنا يغتصبن ويقتلن؟
\n
أين نحن من العاملات لإعادة دين الله إلى الحياة للاهتداء بهديه بعد أن فصله أعداؤه عن حياتنا وجعلونا نتخبّط بين براثن مفاهيمهم الفاسدة الضاربة لكل ما شرعه الله لنا؟ إنّ العمل لنصرة هذا الدين وإعلاء كلمته ورفع رايته لترفرف وحدها في السماء ولمّ شتات أمة جعلها ربّها خير أمة أخرجت للناس لهو أجلّ الأعمال وأعظمها، وقد وعت المرأة المسلمة هذا منذ بزوغ فجر الإسلام فدفعت في سبيل ذلك الغالي والنفيس فضحت بالنفس والمال والولد والزوج والأب والأخ مقبلة غير مدبرة تبتغي مرضاة ربها وترجو جنته ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾ [آل عمران: 142]
\n
هذا جزاء الصبر على حمل دعوة الإسلام وتبليغها لتكون للعالمين رحمة فيهتدوا إليها ويعلموا أنّ السعادة كل السعادة في الإسلام وحده… فأن نصبر على أذى من يكيدون لديننا ونعمل مع المخلصين الصادقين ونتحمل التعب والألم لمصاب أمتنا، ويكون عملنا الأساسي واهتمامنا الرئيسي هو الخلاص من هذا الواقع المرير الذي قلب الموازين فجعل الباطل يسود والحق يطمسه الأعداء ويحاربونه فذلك فوزنا الكبير يقول سبحانه وتعالى ﴿إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾ [المؤمنون: 111].
\n
سبقتنا أمهات المؤمنين ونساء المسلمين لنيل رضا ربّهنّ، فلم يعنيهن ماذا سيحققن من حملهن للإسلام والدعوة إليه بل كنّ يطعن الله الذي خلق الكون والإنسان والحياة من عدم، وعليه فواجب عليهنّ طاعته فيما أمر والانقياد لأحكامه كما أراد لا كما يردن.
\n
هذا دربهن وبهذا فزن بجنة ربهنّ بإذنه وعليه سنسير نحن أحفادهن نؤدي الأمانة التي أشفقت منها السماوات والأرض والجبال وحملناها نحن ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً﴾ حملناها لنكون من الأمة الوسط التي تقود العالم وتشهد على تبليغها له هذه الرحمة التي نزلها رب العالمين ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾ [البقرة: 143]
\n
فهلا سارعت أختاه للخيرات ولبّيت الدعوات وكنت من خيرة المسلمات حتى تفوزي بالجنات التي عرضها الأرض والسماوات؟ ﴿وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [آل عمران: 133]
\n
\n
\n
\n
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
زينة الصامت
\n
\n
\n