Take a fresh look at your lifestyle.

إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي (ح 100) منع إجارة الأرض للزراعة

 

 

 

 إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي (ح 100)

 

منع إجارة الأرض للزراعة

 

 

 

 

\n

الحمد لله الذي شرع للناس أحكام الرشاد, وحذرهم سبل الفساد, والصلاة والسلام على خير هاد, المبعوث رحمة للعباد, الذي جاهد في الله حق الجهاد, وعلى آله وأصحابه الأطهار الأمجاد, الذين طبقوا نظام الإسلام في الحكم والاجتماع والسياسة والاقتصاد, فاجعلنا اللهم معهم, واحشرنا في زمرتهم يوم يقوم الأشهاد يوم التناد, يوم يقوم الناس لرب العباد.

\n

أيها المؤمنون:

\n

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: نتابع معكم سلسلة حلقات كتابنا إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي, ومع الحلقة المائة, وعنوانها: \”منع إجارة الأرض للزراعة\”. نتأمل فيها ما جاء في الصفحة الحادية والأربعين بعد المائة من كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام للعالم والمفكر السياسي الشيخ تقي الدين النبهاني.

\n

يقول رحمه الله: \”لا يجوز لمالك الأرض أن يؤجر أرضه للزراعة مطلقا، سواء أكان مالكا لرقبتها ومنفعتها معا، أم مالكا لمنفعتها فقط، أي سواء أكانت الأرض عشرية، أم خراجية، وسواء أكان الأجر نقودا، أم غيرها. كما إنه لا يجوز أن يؤجر الأرض للزراعة بشيء مما تنبته من الطعام أو غيره، ولا بشيء مما يخرج منها مطلقا، لأنه كله إجارة. وإجارة الأرض للزراعة غير جائزة مطلقا.

\n

فقد جاء في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: \”من كانت له أرض فليزرعها، أو ليمنحها أخاه فإن أبى فليمسك أرضه\”. وجاء في صحيح مسلم: \”نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤخذ للأرض أجر أو حظ\” وجاء في سنن النسائي: \”نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كراء الأرض. قلنا: يا رسول الله، إذن نكريها بشيء من الحب، قال: لا. قال: وكنا نكريها بالتبن، فقال: لا. وكنا نكريها بما على الربيع الساقي، قال: لا، ازرعها أو امنحها أخاك\”. والربيع النهر الصغير أي الوادي، أي كنا نكريها على زراعة القسم الذي على الربيع، أي على جانب الماء.

\n

وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم: \”أنه نهى عن أن يؤخذ للأرض أجر أو حظ، وعن أن تكرى بثلث أو ربع\”. وروى أبو داود عن رافع بن خديج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: \”من كانت له أرض فليزرعها، أو فليزرعها أخاه، ولا يكاريها بثلث، ولا بربع، ولا بطعام مسمى\”. وروى البخاري عن نافع أن عبد الله بن عمر حدث عن رافع بن خديج: \”أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كراء المزارع\”. فذهب ابن عمر إلى رافع فذهبت معه نسأله، فقال: \”نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كراء المزارع\” . وروى البخاري عن سالم أن عبد الله بن عمر ترك كراء الأرض.

\n

فهذه الأحاديث صريحة في نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن تأجير الأرض. والنهي وإن كان يدل على مجرد طلب الترك، غير أن القرينة هنا تدل على أن الطلب للجزم، فقد قالوا للرسول: نكريها بشيء من الحب، قال: لا، ثم قالوا له: نكريها بالتبن، فقال: لا، ثم قالوا: كنا نكريها على الربيع، فقال: لا، ثم أكد ذلك بقوله: \”ازرعها، أو امنحها أخاك\”. وهذا واضح فيه الإصرار على النهي وهو للتأكيد. علاوة على أن التوكيد في العربية إما لفظيا بتكرار اللفظ، وإما معنويا، وهنا قد تكرر لفظ النهي فدل على التأكيد.

\n

وأما تأجير الرسول لأرض خيبر على النصف، فليس من هذا الباب، لأن أرض خيبر كانت شجرا، وليست أرضا ملساء، بدليل ما روى ابن إسحق في السيرة عن عبد الله بن أبي بكر: \”أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث إلى أهل خيبر عبد الله بن رواحة خارصا بين المسلمين ويهود، فيخرص عليهم … ثم أصيب عبد الله بن رواحة بمؤتة يرحمه الله فكان جبار بن صخر ابن أمية بن خنساء، أخو بني سلمة، هو الذي يخرص عليهم بعد عبد الله بن رواحة\”.

\n

والخارص هو الذي يقدر الثمر، وهو على أصوله قبل أن يجد. فهذا صريح بأن أرض خيبر شجر، وليست أرضا ملساء. وأما ما فيها من زرع، فهو أقل من مساحة الشجر، فيكون تابعا له. وعليه فليست أرض خيبر من باب تأجير الأرض، بل هي من باب المساقاة، والمساقاة جائزة.

\n

وفوق ذلك فإنه بعد نهي الرسول صلى الله عليه وسلم امتنع الصحابة عن تأجير الأرض، ومنهم عبد الله بن عمر، فدل على أنهم فهموا تحريم إجارة الأرض.

\n

غير أن تحريم إجارة الأرض إنما هو إذا كانت إجارتها للزراعة. أما إن كانت إجارتها لغير الزراعة فيجوز، إذ يجوز أن يستأجر المرء الأرض لتكون مراحا، أو مقيلا أو مخزنا لبضاعته، أو للانتفاع بها بشيء معين غير الزراعة. لأن النهي عن تأجير الأرض منصب على تأجيرها للزراعة، كما يؤخذ من الأحاديث الصحيحة. فهذه الأحكام للأراضي، وما يتعلق بها تبين الكيفية التي قيد بها الشارع المسلم حين يعمل لتنمية ملكيته عن طريق الزراعة\”.

\n

وقبل أن نودعكم مستمعينا الكرام نذكركم بأبرز الأفكار التي تناولها موضوعنا لهذا اليوم: بين الشيخ تقي الدين النبهاني رحمه الله تعالى الأحكام الشرعية المتعلقة بالأراضي التي ينبغي للمسلم أن يتقيد بها حين يعمل لتنمية ملكيته عن طريق الزراعة, وهي كالآتي:

\n

1. لا يجوز لمالك الأرض أن يؤجر أرضه للزراعة مطلقا.
2. لا يجوز لمالك الأرض أن يؤجر الأرض للزراعة بشيء مما تنبته من الطعام أو غيره، ولا بشيء مما يخرج منها مطلقا.

\n

3. من أدلة منع إجارة الأرض للزراعة الأحاديث النبوية الشريفة الآتية:

\n

1) ما جاء في صحيح البخاري: \”من كانت له أرض فليزرعها، أو ليمنحها أخاه فإن أبى فليمسك أرضه\”.
2) ما جاء في صحيح مسلم: \”نهى رسول الله أن يؤخذ للأرض أجر أو حظ\”.
3) ما جاء في سنن النسائي: \”ازرعها أو امنحها أخاك\”.
4) ما جاء في سنن أبي داود: \”من كانت له أرض فليزرعها، أو فليزرعها أخاه، ولا يكاريها بثلث، ولا بربع، ولا بطعام مسمى\”.
5) ما روى البخاري عن سالم أن عبد الله بن عمر ترك كراء الأرض.

\n

4. رد الشيخ تقي الدين النبهاني رحمه الله على شبهة تأجير أرض خيبر للزراعة بما يأتي:

\n

1) إن تأجير النبي لأرض خيبر على النصف ليس من باب تأجير الأرض للزراعة.
2) إن أرض خيبر كانت شجرا، وليست أرضا ملساء. وما فيها من زرع أقل من مساحة الشجر.
3) كان النبي يبعث إلى أهل خيبر عبد الله بن رواحة خارصا بين المسلمين ويهود.
4) بعد أن أصيب عبد الله بن رواحة بمؤتة كان جبار بن صخر هو الذي يخرص عليهم.
5) المعنى اللغوي للخارص: هو الذي يقدر الثمر، وهو على أصوله قبل أن يجد.
6) أرض خيبر ليست من باب تأجير الأرض، بل هي من باب المساقاة، والمساقاة جائزة.
7) فهم الصحابة من نهي النبي تحريم إجارة الأرض فامتنعوا عن ذلك, ومنهم عبد الله بن عمر.
8) تجوز إجارة الأرض لغير الزراعة. فيجوز للمرء أن يستأجر الأرض لتكون مراحا، أو مقيلا أو مخزنا لبضاعته، أو للانتفاع بها بشيء معين غير الزراعة.

\n

أيها المؤمنون:

\n

نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. نشكركم على حسن استماعكم, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.