Take a fresh look at your lifestyle.

الصلاة  تدريب عملي على نظام الحكم في الإسلام

 

\n

بمناسبة شهر رمضان المبارك نشاهد طفرة في أعداد المصلين في البيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه جل وعلا، ومعلوم للجميع أن الصلاة من العبادات وهي أي العبادات توقيفية ولا تحتمل التعليل بأي وجه من الوجوه، رغم أنه قد يترتب على تأديتها على وجهها حكمة، مثل كون الصلاة بمجموعها كالواعظ الناهي عن الفحشاء والمنكر، قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾. ومن أشد الفحشاء والمنكر عدم وضع الإسلام موضع التطبيق في دولة، بل والاستخفاف بعقول الناس بمقولات مثل أن \”الإسلام ليس فيه نظام للحكم، وعليه لا بد أن نأخذ أنظمة الحكم مما توصل إليه العقل البشري\”.

\n

وقف رجل وأقام الصلاة، واصطف المصلون بنظام متجهين إلى القبلة التي أمرهم الله أن يولوا وجوههم شطرها، نظر الناس إلى بعضهم البعض ثم قدموا أحدهم ليؤمّهم، هم يعرفونه ويعرفون ما هو عليه من علم واستقامة، وهذا واضح من تعابير وجوههم الراضية عن هذا الاختيار، وهنا تذكرت قول الرسول ﷺ: «خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ». توجه الإمام إلى القبلة كما المصلين، لا فرق بينه وبينهم إلا أنه يتقدمهم مكانيا وعمليا، حيث يعلم الجميع أنه لا يجوز استباق الإمام في كل حركاته أثناء الصلاة، فقد جُعِل الإمام ليُؤتم به. قال الإمام استووا، نُفّذ الأمر في الحال ولم يلتفت الإمام للتأكد من تنفيذ الأمر، ولا إلى شاشات للمراقبة، ولا انتظر تقارير تؤكد له التزام المصلين بأمره، هي فقط العقيدة عند الجميع بأن الله يرى الجميع والجميع يبتغي مرضاته ويسعدون بنظر الله إليهم في صلاتهم لأن الله لا ينظر إلى الصف المعوج.

\n

كبر الإمام فكبرنا، بعض المتأخرين في محاولة للفوز بمكان في الصفوف المكتظة مروا أمامي ولم أمد يدي لاعتراضهم كما هو حكم المصلي المفرد، لعلمي بأن الإمام هو من يجب ألا يمر أمامه أحد، فالإمام في هذه الحالة كان هو الجُنّة الذي وقانا وجعل لكل المأمومين ساترا. انتهى الإمام من الفاتحة وأمّن الجميع، بدأ بقراءة ما تيسر من القرآن، كانت قراءته منضبطة بقواعد التلاوة، ساعدتنا على تدبر ما كان يتلوه على مسامعنا مما زاد في خشوعنا.

\n

الإمام إنسان يجوز عليه الخطأ والنسيان، هو يعلم ذلك وكذلك المأمومون، فإن أخطأ فيما هو مقطوع به من آيات القرآن أو أركان الصلاة، أسرع أولو العلم من المأمومين إلى تصويبه بكل لطف دون أن يخطر ببالهم تبرير أخطائه وعدم محاسبته لأنهم اختاروه وقدموه على أنفسهم، وهو بهذه الأخطاء يجعل اختيارهم له مطعونا فيه، ويلتزم الإمام بتصويبات مأموميه دون حرج ولا عناد أو تعنّت.

\n

سَلّم الإمام وسلمنا ثم توجه بالشكر لمن صوب أخطاءه بكل ود وبدأ الناس بالانصراف وجلست أتفكر في هذا النظام الرائع الذي يعايشه المسلمون خمس مرات في اليوم بكل رضا واطمئنان، ولا يفكر أحدهم في أن الإمامة يجب أن يتداول عليها أكثر من إمام حتى يضمنوا صحة صلواتهم، فما دام الإمام لا يغير الكلم عن مواضعه وملتزماً بأركان الصلاة التي لا تخفى على أحد، فصلاتهم صحيحة وأجرهم على الله. ومعاذ الله أن يخطر ببالهم أن إمامة الصلاة حق مشروع لكل من هب ودب بحجة تساويهم أمام القانون الوضعي الذي يرزح تحته الناس في البلاد الإسلامية، فهم يعلمون الشروط التي وضعها الخالق للإمامة ويلتزمون بها ولا معقب لأمره سبحانه وتعالى.

\n

أليس هذا تدريباً عملياً على نظام الحكم في الإسلام الذي شرعه الله من فوق سبع سماوات وجعله متفردا لا يمكن تشبيهه بأي نظام حكم من وضع البشر؟ فنظام الخلافة السيادة فيه للشرع (الكل متجه للقبلة في الصلاة)، والسلطان فيه للأمة التي تختار برضاها من يحكمها بشرع ربها، لا حصانة للخليفة وهو معرض للمحاسبة إن خالف الشرع، القيادة فردية وبشروطها التي وضعها الشرع الحنيف، الطاعة ظاهرا وباطنا للخليفة ما لم يخالف الشرع، الأمة تعرف ما لها وما عليها من معرفتها لدينها، والتزامها بالنظام منبعه إدراكها لصلتها بالله، لا الحديد والنار كما هو الحال في الأنظمة الوضعية، الخليفة أو رئيس الدولة جُنّة يُقاتل من ورائه ويُتّقى به وبيعته على كتاب الله وسنة رسوله ﷺ، لا حدود زمنية لها ما دام قائما بما بويع من أجله ومستوفياً الشروط التي أوصلته للمنصب… أقيمت الصلاة، فقوموا إلى خلافتكم يرحمكم الله.

\n

 

\n

 

\n

 

\n

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
جمال علي – مصر

\n

 

\n

 

\n