Take a fresh look at your lifestyle.

أضواء على قصيدة خلافة الإسلام لأمير الشعراء احمد شوقي ح3

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

\n

الإخوة الكرام:

\n

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد: أنا محدثكم محمد أحمد النادي أقدم إليكم هذه السلسلة المكونة من تسع حلقات ألقي فيها الضوء على قصيدة خلافة الإسلام لأمير الشعراء أحمد شوقي ومع الحلقة الثالثة أقول وبالله التوفيق:

\n

لا زلنا في مقام تسليط الضوء على جو النص الذي قيلت فيه القصيدة: إن بقاء تلك المضايق (البسفور والدردنيل) تحت حكم الخلافة العثمانية يعني هزيمة روسيا أمام الألمان، وهذا يعني خسارة بريطانيا التي تفضل أن تقاتل عن طريق غيرها، ثم تنتظر النتائج… ولم يبق أمام بريطانيا سوى السيطرة على المضايق لضمان وصول الإمدادات إلى روسيا .. كان على بريطانيا أن تعد روسيا بوعود ترفع من همتها وشجاعتها.. وبريطانيا مشهورة بالوعود واقتطاع الأراضي، فقد وعدت بريطانيا روسيا في حالة سيطرتها على المضايق بأنها ستهدي إليها مدينة استانبول، لحثها على الثبات والصمود. انتشرت الأخبار في وسط الجيش الإسلامي الرابض على أعتاب مدينة الإسلام \”إسلام بول\” ودرسوا المسألة المترتبة على دخول البريطانيين إلى المضايق، ومنها أن بريطانيا ستتوقف عن دفع الأموال لإدخال البضائع وخصوصا القمح المنتج من روسيا، ومنها أن رسو الأسطول البريطاني أمام إسلام بول يشطر الجيش الإسلامي إلى شطرين، ويفتح الطريق إلى نهر الدانوب .. فقررت قيادة الجيش بقيادة مصطفى كمال مواجهة البريطانيين، فأنزل عشرات الألغام في منطقة المضايق.. وإن تعجب فاعجب لأن مصطفى كمال الذي عمل على إلغاء الخلافة هو ذاته الذي يقود جيش المسلمين ضد أعدائهم البريطانيين وينتصر عليهم! وإن تعجب فاعجب أيضا لأن أمير الشعراء أحمد شوقي كان قد امتدح مصطفى كمال، وشبهه بسيف الله خالد بن الوليد رضي الله عنه فقال:

\n

الله أكبر كم في الفتح من عجب … يا خالد الترك جدد خالد العرب

\n

آخر انتصارات الخلافة العثمانية في معركة جاليبولي:

\n

في الشهر الحادي عشر من سنة ألف وتسعمائة وأربع عشرة ميلادية، اقترب الأسطول البريطاني من مياه الدردنيل وهو يتوقع النصر على الرجل المريض، والمعروف أن مضيق الدردنيل هو أول ما تقابله السفن القادمة من البحر المتوسط، والمتجهة نحو البحر الأسود، وخلال ذلك تمر بالدردنيل ثم بحر مرمرة، ثم البسفور، ثم مدخل البحر الأسود .. وأمر مصطفى كمال جيشه بأن لا يردوا على أي قصف بريطاني، وفعلا قبل أن تتوغل بعض السفن البريطانية في مياه مضيق الدردنيل، ألقت بعض المدمرات قنابلها على الاستحكامات العسكرية العثمانية، ولم ترد القوات بأي رصاصة، فبث هذا الأمر الثقة في رجال الأسطول البريطاني، وأيقنوا بضعف القوات الإسلامية وعجزها على التصدي لهم، وتهيؤوا لاستكمال حملتهم البحرية.. بعد مضي شهرين أو أكثر من هذه العملية السريعة، أعطت القوات البريطانية الأمر بتوجه قطع عظيمة من الأسطول البريطاني إلى الدردنيل. ففي اليوم التاسع عشر من شهر شباط/فبراير عام ألف وتسعمائة وخمس عشرة ميلادية، وهي لا تشك لحظة في سهولة مهمتها، وعند الاقتراب من المضيق استأنفت ضرب الاستحكامات العسكرية الأمامية مرة أخرى، ثم اقتحم الأسطول البريطاني المضيق في جسارة، وكم كانت المفاجأة مروعة له، حيث اصطدمت سفن الأسطول بحقل خفي من الألغام في مياه الدردنيل، وأصيبت السفن بأضرار بالغة بسبب ذلك، فكانت ضربة هائلة مدوية انتشر صداها في جميع أنحاء العالم، فالرجل المريض المفكك استطاع هزيمة الرجل العظيم، وبعد تلك الضربة لم تحاول بريطانيا الاقتراب من الدردنيل مرة ثانية.. ولكن المعركة لم تنته بعد ..

\n

بريطانيا وحلفاؤها يتصدون لجيش الخلافة العثماني:

\n

لم تسكت بريطانيا وحلفاؤها على هذا النصر العثماني الذي قام على استدراج وحدات الأسطول البريطاني إلى مياه المضيق واصطيادها بسهولة وسط حقول الألغام البحرية، فقررت الانتقام عن طريق هجوم بري يدعم هجوما بحرية أخرى، على أن يكون الدور الرئيس للقوات البرية… أما الدور البحري فيقتصر على إمداد القوات البرية بما تحتاج إليه من أسلحة وذخائر ومواد تموينية، ومساعدتها على النزول إلى البر، وحماية المواقع البرية التي ستحتلها .. حشدت بريطانيا قوات عظيمة، فاستدعت جنودا استراليين ونيوزلنديين، وهم معروفون بالبأس الشديد في القتال، ويقود هذه القوات سير أيان هاملتون، كما اشتركت القوات الفرنسية بقيادة الجنرال جورو، كما اشتركت قوات هندية وسنغالية، وكتيبة يهودية وأخرى يونانية .. توجهت هذه القوات إلى بعض المناطق في شبه جزيرة \”جاليبولي\” في شهر نيسان/أبريل عام ألف وتسعمائة وخمس عشرة ميلادية، حتى إذا اكتمل عددها بدأت هجومها على منطقة المضايق، ونزلت بعض قواتها في بعض المناطق، لكن قدر الله تعالى أن يكون اختيار المكان غير صحيح، فنزلت في أراض تنحدر تدريجيا نحو ساحل البحر..

\n

الإخوة الكرام:

\n

نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة، موعدنا معكم في الحلقة الرابعة إن شاء الله تعالى، فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما، نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه، سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام، وأن يعز الإسلام بنا، وأن يكرمنا بنصره، وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة على منهاج النبوة في القريب العاجل، وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها، إنه ولي ذلك والقادر عليه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

\n

 

\n

 

\n

أخوكم محمد أحمد النادي