Take a fresh look at your lifestyle.

العثور على صفحات من إحدى “أقدم” نسخ المصحف في جامعة برمنغهام

 

\n

ذكرت بي بي سي بتاريخ 22 تموز/يوليو 2015 أن باحثين في جامعة برمنغهام عثروا على صفحات من المصحف، وتبين بعد فحصها بتقنية الكربون المشع، أن عمرها يبلغ نحو 1370 عاما، وهو ما قد يجعلها من أقدم نسخ المصحف في العالم. وقد بقيت الأوراق في مكتبة الجامعة مدة قرن لم يلتفت إليها أحد. ويقول خبير المخطوطات في المكتبة البريطانية، الدكتور محمد عيسى والي، إن هذا \”الاكتشاف المذهل\” سيدخل \”السعادة في قلوب\” المسلمين. وحفظ المخطوط مع مجموعة أخرى من كتب ووثائق عن الشرق الأوسط، دون أن يعرف أحد أنه من أقدم نسخ المصحف في العالم.

\n

لا شك أن العلماء والباحثين الذين تعلقت أبحاثهم بالتاريخ والآثار قد أصيبوا بدهشة عظيمة وذهلوا بهذا الاكتشاف التاريخي. لا سيما أن هذا الاكتشاف هو أمر يتعلق بدين يعتنقه زهاء أكثر من ربع سكان العالم. فحسب ادعائهم أن هذه المخطوطة كانت من بين أقدم نصوص القرآن المحفوظة في العالم. وللتعليق على هذا الأمر وددت أن أذكر ما ذكره الشيخ الفاضل العالم أيمن سويد المشتهر بعلم التجويد في القرآن. يقول الشيخ أيمن حفظه الله: (لقد أعلن عن وجود نسخة قديمة جدا من المصحف الشريف ولعله لوحات وإن لم تكن كاملة، ولكن لا يهمنا إن كانت كاملة أو غير كاملة، تبين لهم بعد الفحص الكربوني أنها تعود إلى العصر النبوي تقريبا وأنها قديمة جدا وأنها خبر عظيم وكذا، أنا أريد هنا فقط أن أنبه إلى الفرق بين منهج البحث العلمي عند الغربيين ومنهج البحث العلمي عند المسلمين. إن منهج البحث العلمي عند الغربيين يقوم على القدم فقط، يقولون عثر على كذا ويعود للعصر الفلاني، لا يهمهم أكثر من ذلك. أما عندنا نحن المسلمين ولله الحمد، فمثلا لو وجدت قطعة من القرآن الشريف وأثبتت الفحوص الكربونية أنها قديمة جدا وتعود للعصر النبوي، عندنا نحن المسلمين في منهجنا سؤالان للتوثيق مهمان. السؤال الأول من كتبها؟ لأننا لا نأخذ ديننا عن نكرات ولا نأخذ ديننا عن مجاهيل. فقد يكون الكاتب جاهلاً، وقد يكون الكاتب عدواً. قد يكون الكاتب كتب من رأسه وذاكرته، والذاكرة تنسى. والسؤال الثاني من أين كتبها؟ من أين نسخها؟ لأن القرآن لا يكتب من الرأس وإنما يكتب من قطعة قبله. نحن نعلم أنه أول ما دون القرآن العظيم فقد دون بين يدي رسول الله ﷺ على القطع التي كانت متاحة في ذلك الزمان، وفي عصر سيدنا الصديق أبي بكر رضي الله عنه لما أحضر سيدنا زيد بن ثابت لكتابة القرآن وجمعه، قام زيد بجمع تلك القطع التي كتبت بين يدي رسول الله وفرغها في ما يسمى الصحف البكرية الصديقية، وفي عهد سيدنا عثمان لما أراد أن ينسخ من الصحف نسخا، أيضا سيدنا زيد هو الذي ترأس العملية وقال عثمان للسيدة حفصة بنت عمر أرسلي إلينا الصحف ننسخها. إذن القرآن يكتب من نسخة قبله ولا يكتب من الرأس. فنحن لما تأتينا نسخة هكذا مبتورة. في الجامع الكبير في صنعاء بالسقف حفروا فوجدوا نسخة قديمة أو في برمنغهام أو غدا في أي مكان في العالم يظهر، لا يهزنا هذا الكلام، أنا أعلم علم اليقين أن بعض المستشرقين استغل هذا لهز عقيدة المسلمين في كتابهم المقدس، وقال ظهرت نسخة كذا كذا تعود إلى القرن الأول وفيها مخالفات النص الموجود بين يدي المسلمين وهذا قد يعيد النظر في شأن قواعد الإسلام إلى آخره، وثوابت الإسلام. فهذا كله عندنا لا قيمة له، نحن منهجنا يقوم على من كتب؟ ومن أين كتب؟ هذا توثيقنا. من كتب؟ حتى يكون دينا صينا رصينا. والأمر الثاني من أين كتب؟ لا بد أن يكتب من نسخة موثقة، فلا يكتب من رأسه ولا يكتب من نسخة غير موثقة. أحببت أن أنبه إلى هذا الأمر إذا وصلكم هذا الخبر عن ظهور صحف أو مصحف قديم جدا يعود إلى العصر النبوي بحسب التحليل أن نقول إذا وافق ما عندنا فيا أهلا وسهلا وإن خالف ما عندنا فالموثق هو ما عندنا والحمد لله رب العالمين) انتهى قول الشيخ أيمن جزاه الله خيرا.

\n

وهنا أحببت أن ألقي الضوء على طريقة البعض في تحكيم التاريخ في القضايا؟ من عاش قبل في فلسطين العرب أم اليهود؟ فمن عاش قبل الآخر له الحق في البلاد ومن عاش بعد الآخر فيتوجب عليه الرحيل منها؟ وهذه نسخة من المصحف أقدم من النسخة التي لدى المسلمين، ولذا هي أحق أن تتبع إذا خالفت ما عند المسلمين من قرآن موثق! هذه هي العقلية التي يتبعها علماء التاريخ وأتباعهم في حل القضايا والأمور. ولذا هم يحكمون على عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأنه ارتكب جريمة كبيرة في حق العلم والإنسانية حينما أتلف كتب فارس بعد أن من الله عليه بفتحها:

\n

فرحم الله ابن الخطاب ورضي عنه وأرضاه، انظر منهجه في التعامل مع مثل هذه المسائل:

\n

(ولما فتحت أرض فارس ووجدوا فيها كتبا كثيرة كتب سعد بن أبي وقاص إلى عمر بن الخطاب ليستأذنه في شأنها وتنقيلها للمسلمين فكتب إليه عمر أن اطرحوها في الماء فإن يكن ما فيها هدى فقد هدانا الله بأهدى منه وإن يكن ضلالا فقد كفانا الله فطرحوها في الماء أو في النار وذهبت علوم الفرس فيها عن أن تصل إلينا) تاريخ ابن خلدون – ابن خلدون – ج ١ – الصفحة ٤٨٠.

\n

بالنسبة لما فعله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بكتب وحضارة فارس فصدق رسول الله ﷺ «لو كان نبيا من بعدي لكان عمر». فقد ارتد العرب بعد موت الرسول عليه الصلاة والسلام وقطفت حروب الردة العديد من أخيار المسلمين. ثم جاء فتح فارس وفي هذا السياق يتوقع من خليفة فذ مثل عمر أن يفعل كذلك.

\n

كما أن الجميع يعلم مدى الخطر الذي سببته ترجمة الكتب عن الحضارات الأخرى في العصور ما بعد الصحابة إلى اللغة العربية. وكمثال فقط مسألة القضاء والقدر والنقاشات وما نشأ عنها من مذاهب. هذا فقط أحد آثار الثقافات الأخرى على الإسلام والفطرة النقية.

\n

بالنسبة لعلماء التاريخ فنعم يعتبر ما فعله عمر جريمة لأنهم أصلا مجردون من كل إيمان. لا بل معظمهم لا يعترفون بالدين وكثير منهم يفصلونه عن الحياة. ولذا رأيهم فيما فعله عمر بن الخطاب لا يهم المسلمين أبدا لا من قريب ولا بعيد. ليس ما يهم المسلمين أي النسخ القرآنية أقدم؟ بل ما يهمنا هو أي النسخ القرآنية التي تعتبر في الإسلام موثقة. ولا يهمنا من سبق وعاش في فلسطين قبل الآخر، بل ما يهمنا هو من يملك الحق في اعتبارات الشرع أن يكون مالك فلسطين. ولا يهمنا كذلك من سبق وعاش في خيبر قبل من؟ بل ما يهمنا هو من يملك الحق في اعتبارات شرعنا أن يكون مالك خيبر. فحذار حذار من أن نصبح صيدا سهلا لعلماء التاريخ العلمانيين وأحكامهم.

\n

 

\n

 

\n

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الدكتور فرج ممدوح

\n

\n


\n