Take a fresh look at your lifestyle.

مع الحديث الشريف – باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن

 

مع الحديث الشريف

 

باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة المستمعون في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جاء في صحيح الإمام مسلم في شرح النووي “بتصرف” في “باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن”

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عَاصِمٌ وَهُوَ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ، حِينَ كَانَ مِنْ أَمْرِ الْحَرَّةِ مَا كَانَ، زَمَنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ: اطْرَحُوا لِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وِسَادَةً فَقَالَ: إِنِّي لَمْ آتِكَ لِأَجْلِسَ أَتَيْتُكَ لِأُحَدِّثَكَ حَدِيثًا، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُهُ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: “مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً”.

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ أَيْ: لَا حُجَّةَ لَهُ فِي فِعْلِهِ، وَلَا عُذْرَ لَهُ يَنْفَعُهُ.

أيها المستمعون الكرام:

الحذر الحذر… في هذا الزمان تعيش الأمة بلا إمام، بلا قرآن يطبق فيها، بلا حياة إسلامية، والله سبحانه وتعالى ميز هذه الأمة عن غيرها من الأمم، بأن فرض عليها أن تعيش وفق منهجه وسنة نبيه، ولا معنى لوجودها بدون تطبيق الكتاب. يقول تعالى: “وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون”، فحكمة الخلق العبادة. إلا أننا نرى اليوم حياة بعيدة كل البعد عمّا أراد الله، بل حياة تغضب الله تعالى، كيف لا والأمة بدون بيعة لإمام على السمع والطاعة، وقد حذر رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- أشد التحذير من غياب الإمام وعدم البيعة،

فالرسول هنا أوجب على كل مسلم أن تكون في عنقه بيعة لخليفة، ولكنه لم يوجب مباشرة البيعة من كل مسلم للخليفة. فالواجب هو وجود بيعة في عنق المسلم. فوجود الخليفة هو الذي يوجد في عنق المسلمين بيعة سواء بايعوا بالفعل أم لم يبايعوا. ولهذا كان الحديث دليلاً على وجوب نصب الخليفة وليس دليلاً على وجوب أن يبايع كل فرد الخليفة. لأن الذي ذمّه الرسول هو خلو عنق المسلم من بيعة حتى يموت، ولم يذم عدم البيعة. والقعود عن إقامة خليفة للمسلمين معصية من أكبر المعاصي لأنها قعود عن القيام بفرض من أهم فروض الإسلام، يتوقف عليه إقامة أحكام الدين، بل يتوقف عليه وجود الإسلام في معترك الحياة. فالمسلمون جميعاً آثمون إثماً كبيراً في قعودهم عن إقامة خليفة للمسلمين. فإن أجمعوا على هذا القعود كان الإثم على كل فرد منهم في جميع أقطار المعمورة. وإن قام بعض المسلمين بالعمل لإقامة خليفة ولم يقم بعضهم الآخر فإن الإثم يسقط عن الذين قاموا يعملون لإقامة الخليفة ويبقى الفرض عليهم حتى يقوم الخليفة. لأن الاشتغال بإقامة الفرض والتلبس به يسقط الإثم عن تأخير إقامته وعن وقته وعلى عدم إنجازه. أما الذين لم يتلبسوا بالعمل لإقامة الفرض فإن الإثم بعد ثلاثة أيام من ذهاب الخليفة يبقى ساريا عليهم حتى ينصبوا من يليه، لأن الله قد أوجب عليهم فرضاً فامتنعوا عن القيام به ولم يتلبسوا بالأعمال التي من شأنها أن تقيمه، ولذلك استحقوا الإثم واستحقوا عذاب الله وخزيه في الدنيا والآخرة. فاستحقاق العذاب على ترك أي فرض من الفروض التي فرضها الله ظاهر صريح، لا سيما الفرض الذي به تنفذ الفروض، وتقام به أحكام الدين، ويعلو به أمر الإسلام، وتصبح كلمة الله هي العليا في بلاد الإسلام، وفي سائر أنحاء العالم.

مستمعينا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.