إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي – ح 122
التأمين كله حرام لخلوه من شروط صحة الضمان
الحمد لله الذي شرع للناس أحكام الرشاد، وحذرهم سبل الفساد، والصلاة والسلام على خير هاد، المبعوث رحمة للعباد، الذي جاهد في الله حق الجهاد، وعلى آله وأصحابه الأطهار الأمجاد، الذين طبقوا نظام الإسلام في الحكم والاجتماع والسياسة والاقتصاد، فاجعلنا اللهم معهم، واحشرنا في زمرتهم يوم يقوم الأشهاد يوم التناد، يوم يقوم الناس لرب العباد.
أيها المؤمنون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: نتابع معكم سلسلة حلقات كتابنا إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي، ومع الحلقة الثانية والعشرين بعد المائة، وعنوانها: “التأمين كله حرام لخلوه من شروط صحة الضمان”. نتأمل فيها ما جاء في الصفحة السادسة والثمانين من كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام للعالم والمفكر السياسي الشيخ تقي الدين النبهاني. يقول رحمه الله:
هذا هو الضمان شرعا، وبتطبيق تعهد التأمين عليه وهو ضمان قطعا، نجد أن التأمين خال من جميع الشروط التي نص عليها الشرع لصحة الضمان وانعقاده. فإن التأمين ليس فيه ضم ذمة إلى ذمة مطلقا. فشركة التأمين لم تضم ذمتها إلى ذمة أحد في التزام مال للمؤمن، فلم يوجد ضمان، فكان التأمين باطلا. والتأمين لا يوجد فيه حق مالي للمؤمن عند أحد قد التزمته شركة التأمين. إذ ليس للمؤمن أي حق مالي عند أحد، وجاءت الشركة وضمنته، فهو خال من وجود الحق المالي، فتكون الشركة لم تلتزم أي حق مالي، حتى يصح أن يقال: إنه ضمان شرعا.
وأيضا فإن ما التزمته الشركة من التعويض، أو الثمن أو دفع المال لم يجب للمضمون له عند عقد التأمين تجاه آخرين، لا حالا، ولا مآلا، حتى يصح ضمانه. فتكون شركة التأمين قد ضمنت ما لا يجب في الحال، ولا يجب في المآل، فيكون الضمان غير صحيح، وبالتالي يكون التأمين باطلا. علاوة على أن التأمين، لا يوجد فيه مضمون عنه؛ لأن شركة التأمين لم تضمن عن أحد استحق عليه حق، حتى يسمى ضمانا. فيكون عقد التأمين قد خلا من عنصر أساسي من عناصر الضمان اللازمة شرعا، وهو وجود مضمون عنه. لأنه لا بد في الضمان من وجود ضامن ومضمون عنه ومضمون له. وبما أن عقد التأمين لم يوجد فيه مضمون عنه فهو باطل شرعا.
وأيضا فإن شركة التأمين حين تعهدت بتعويض العين، أو دفع ثمنها إذا تضررت، أو دفع مال عند حصول الحادث، قد التزمت هذا الدفع، مقابل مبلغ من المال فهو التزام بمعاوضة، وهو لا يصح لأن شرط صحة الضمان أن يكون بدون معاوضة، فكان التأمين بوجود المعاوضة فيه ضمانا باطلا. وبهذا يظهر مقدار خلو تعهد التأمين من شروط الضمان التي نص عليها الشرع، وعدم استيفائه لشروط انعقاد الضمان، وشروط صحته.
وبذلك يكون سند التعهد الذي أعطته الشركة وضمنت به التعويض والثمن، أو ضمنت المال، باطلا من أساسه فيكون التأمين كله باطلا شرعا. وعلى هذا فإن التأمين كله حرام شرعا، سواء أكان التأمين على الحياة أم على البضاعة، أم على الممتلكات، أم على غير ذلك. ووجه حرمته أن عقده عقد باطل شرعا. وإن التعهد الذي تعطيه شركة التأمين بموجب العقد، تعهد باطل شرعا. فكان أخذ المال بحسب هذا العقد، وهذا التعهد، حراما، وهو أكل مال بالباطل ويدخل في مال السحت”.
وقبل أن نودعكم أحبتنا الكرام نذكركم بأبرز الأفكار التي تناولها موضوعنا لهذا اليوم:
لدى تطبيق تعهد التأمين على الضمان نجد أن التأمين خال من جميع الشروط التي نص عليها الشرع لصحة الضمان وانعقاده. وذلك من خلال الأمور الآتية:
1. أن التأمين ليس فيه ضم ذمة إلى ذمة مطلقا. فشركة التأمين لم تضم ذمتها إلى ذمة أحد في التزام مال للمؤمن، فلم يوجد ضمان، فكان التأمين باطلا.
2. أن التأمين لا يوجد فيه حق مالي للمؤمن عند أحد قد التزمته شركة التأمين. فتكون الشركة لم تلتزم أي حق مالي، حتى يصح أن يقال: إنه ضمان شرعا.
3. أن ما التزمته الشركة من التعويض، أو الثمن أو دفع المال لم يجب للمضمون له عند عقد التأمين تجاه آخرين، لا حالا، ولا مآلا، حتى يصح ضمانه. فتكون شركة التأمين قد ضمنت ما لا يجب في الحال، ولا يجب في المآل، فيكون الضمان غير صحيح، وبالتالي يكون التأمين باطلا.
4. علاوة على أن التأمين، لا يوجد فيه مضمون عنه؛ لأن شركة التأمين لم تضمن عن أحد استحق عليه حق، حتى يسمى ضمانا. وبما أن عقد التأمين لم يوجد فيه مضمون عنه فهو باطل شرعا.
5. أن شركة التأمين حين تعهدت بتعويض العين، أو دفع ثمنها إذا تضررت، أو دفع مال عند حصول الحادث، قد التزمت هذا الدفع، مقابل مبلغ من المال فهو التزام بمعاوضة، وهو لا يصح لأن شرط صحة الضمان أن يكون بدون معاوضة. فكان التأمين بوجود المعاوضة فيه ضمانا باطلا.
6. وبهذا يظهر مقدار خلو تعهد التأمين من شروط الضمان التي نص عليها الشرع، وعدم استيفائه لشروط انعقاد الضمان، وشروط صحته.
وبذلك يكون سند التعهد الذي أعطته الشركة وضمنت به التعويض والثمن، أو ضمنت المال، باطلا من أساسه فيكون التأمين كله باطلا شرعا.
أيها المؤمنون:
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة، موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى، فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما، نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه، سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام، وأن يعز الإسلام بنا، وأن يكرمنا بنصره، وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة في القريب العاجل، وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها، إنه ولي ذلك والقادر عليه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.