إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي – ح 123
الطرق الممنوع تنمية الملك بها: القمار، الربا
الحمد لله الذي شرع للناس أحكام الرشاد, وحذرهم سبل الفساد, والصلاة والسلام على خير هاد, المبعوث رحمة للعباد, الذي جاهد في الله حق الجهاد, وعلى آله وأصحابه الأطهار الأمجاد, الذين طبقوا نظام الإسلام في الحكم والاجتماع والسياسة والاقتصاد, فاجعلنا اللهم معهم, واحشرنا في زمرتهم يوم يقوم الأشهاد يوم التناد, يوم يقوم الناس لرب العباد.
أيها المؤمنون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: نتابع معكم سلسلة حلقات كتابنا إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي, ومع الحلقة الثالثة والعشرين بعد المائة, وعنوانها: “الطرق الممنوع تنمية الملك بها: القمار, الربا”. نتأمل فيها ما جاء في الصفحة التاسعة والثمانين بعد المائة من كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام للعالم والمفكر السياسي الشيخ تقي الدين النبهاني.
يقول رحمه الله: “جعل الشرع الإسلامي تنمية الملك مقيدة في حدود لا يجوز تعديها. فمنع الفرد من تنمية الملك بطرق معينة منها:
أولا: القمار: منع الشرع القمار منعا باتا، واعتبر المال الذي يؤخذ بسببه غير مملوك قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون. إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون). (المائدة 91)
أكد تحريم الخمر والميسر بوجوه من التأكيد، منها: تصدير الجملة ب(إنما)، ومنها: أنه قرنهما بعبادة الأصنام، ومنها: أنه جعلهما رجسا كما قال تعالى: (فاجتنبوا الرجس من الأوثان). ومنها: أنه جعلهما من عمل الشيطان، والشيطان لا يأتي منه إلا الشر البحت، ومنها: أنه أمر بالاجتناب، ومنها: أنه جعل الاجتناب من الفلاح. وإذا كان الاجتناب فلاحا كان الارتكاب خيبة وخسرانا. ومنها أنه ذكر ما ينتج منهما من الوبال وهو وقوع التعادي والتباغض من أصحاب الخمر والقمار، وما يؤديان إليه من الصد عن ذكر الله، وعن مراعاة أوقات الصلاة، وقوله: (فهل أنتم منتهون). من أبلغ ما ينهى به، كأنه قيل: قد تلي عليكم ما فيها من أنواع الصوارف والموانع فهل أنتم مع هذه الصوارف والموانع منتهون؟ ومن القمار أوراق اليانصيب مهما كان نوعها ومهما كان السبب الذي وضعت له. ومن القمار الرهان في سباق الخيل. ومال القمار حرام لا يجوز تملكه.
ثانيا: الربا: منع الشرع الربا منعا باتا مهما كانت نسبته، سواء أكانت كثيرة أم قليلة. ومال الربا حرام قطعا، ولا حق لأحد في ملكيته، ويرد لأهله إن كانوا معروفين. قال الله تعالى: (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون (275) يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحب كل كفار أثيم (276) إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون (277) يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين (278) فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون(279)). (البقرة).
والوصف الواقع للربا هو أن هذه الفائدة التي يأخذها المرابي، هي استغلال لجهد الناس، وهي جزاء من غير بذل جهد. ولأن المال الذي يؤخذ عليه ربا هو مضمون الفائدة غير معرض للخسارة، وهذا يخالف قاعدة (الغرم بالغنم). ولذلك كان استغلال المال بالشركة، والمضاربة، والمساقاة بشروطها، جائزا لأنه تنتفع به الجماعة، ولا يستغل جهد آخرين، بل يكون وسيلة تمكنهم من الانتفاع بجهد أنفسهم، وهو معرض للخسارة كما هو معرض للربح، وهذا بخلاف الربا. على أن تحريم الربا إنما كان بالنص، ولم يعلل هذا النص بعلة، وقد جاءت السنة مبينة الأموال الربوية.”
وقبل أن نودعكم أحبتنا الكرام نذكركم بأبرز الأفكار التي تناولها موضوعنا لهذا اليوم:
1. جعل الشرع الإسلامي تنمية الملك مقيدة في حدود لا يجوز تعديها.
2. منع الإسلام الفرد من تنمية الملك بطرق معينة منها:
أولا: القمار:
1. منع الشرع القمار منعا باتا، واعتبر المال الذي يؤخذ بسببه غير مملوك.
2. من القمار أوراق اليانصيب مهما كان نوعها ومهما كان السبب الذي وضعت له.
3. من القمار الرهان في سباق الخيل.
4. مال القمار حرام لا يجوز تملكه.
5. أكد القرآن تحريم الخمر والميسر بثمانية من وجوه التأكيد هي:
1- تصدير الجملة ب (إنما).
2- أنه قرنهما بعبادة الأصنام.
3- أنه جعلهما رجسا كما قال تعالى: (فاجتنبوا الرجس من الأوثان)
4- أنه جعلهما من عمل الشيطان، والشيطان لا يأتي منه إلا الشر البحت.
5- أنه أمر بالاجتناب.
6- أنه جعل الاجتناب من الفلاح. وإذا كان الاجتناب فلاحا كان الارتكاب خيبة وخسرانا.
7- أنه ذكر اثنين مما ينتج منهما من الوبال:
الأول: وقوع التعادي والتباغض من أصحاب الخمر والقمار.
الثاني: الصد عن ذكر الله، وعن مراعاة أوقات الصلاة.
8- قوله تعالى: (فهل أنتم منتهون). من أبلغ ما ينهى به.
ثانيا: الربا:
1. منع الشرع الربا منعا باتا مهما كانت نسبته، سواء أكانت كثيرة أم قليلة.
2. مال الربا حرام قطعا، ولا حق لأحد في ملكيته.
3. يرد مال الربا لأهله إن كانوا معروفين.
4. الفائدة التي يأخذها المرابي، هي استغلال لجهد الناس.
5. ما يأخذه المرابي هو جزاء من غير بذل جهد.
6. مال الربا مضمون الفائدة غير معرض للخسارة.
7. ضمان الفائدة يخالف القاعدة الفقهية التي تنص على أن (الغرم بالغنم)
8. تحريم الربا كان بالنص، ولم يعلل بعلة، وقد جاءت السنة مبينة الأموال الربوية.
أيها المؤمنون:
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة على منهاج النبوة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.