مع الحديث الشريف
كيف تضيع الأمانة
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أورد البخاري رحمه الله تعالى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ”إِذَا ضُيِّعَتْ الْأَمَانَةُ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: إِذَا أُسْنِدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ”
قال الكرماني:[المراد من “الأمر” جنس الأمور التي تتعلق بالدين كالخلافة والإمارة والقضاء والإفتاء وغيرها]. وقال أيضاً:[معنى “أُسند الأمر إلى غير أهله” أن الأئمة قد ائتمنهم الله على عباده وفرض عليهم النصيحة لهم، فينبغي لهم تولية أهل الدين، فإذا قلدوا غير أهل الدين فقد ضيّعوا الأمانة التي قلدهم الله تعالى إياها].
إننا نعيش في زمان أُسند الحكم فيه وهو رأس الأمر إلى غير أهله من الحكام الخونة الذين نسمعهم ونراهم، فهم ليسوا أهلاً للحكم لأن الكافر المستعمر هو الذي عيّنهم وسلّطهم على رقاب المسلمين يسومونهم سوء العذاب ويحكمونهم بالكفر الصراح، ولأنهم لا يستطيعون تدبير شراك النعال إذا فسدت، فهم أشباه الحكام وأشباه الرجال فبهم وبسببهم تضيع الأمانة والأمانات وتسود الخيانة والخيانات، ويأخذ حكمهم كل من رضي لنفسه أن يكون سيئة من سيئاتهم من الذين يُتابعونهم ويرضون عنهم ولا ينكرون عليهم فعالهم من العلماء وأشباه العلماء والمُفتون والقضاة وغيرهم. هؤلاء الذين خانوا الله ورسوله والمسلمين وخانوا أمانتهم وهم يعلمون، هؤلاء الذين يستهزئون بآيات الله ويحرّفون الكلم عن بعض مواضعه، هؤلاء هم الغافلون المتغافلون المُضيّعون للأمانة، أمانة الحكم وأمانة العلم.
إن الأمانة لن ترجع إلى الأرض إلا إذا وُسد الأمر إلى أهله وهم أهل الدين الذين يدعون لإقامته عبر قيام دولة الخلافة الثانية على منهاج النبوة فبها توجد الأمانات وتُرفع الخيانات، فاللهم اجعلها قريبة واجعلنا من جنودها وشهودها.
احبتنا الكرام وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر نترككم في رعاية الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.