الدولة بالدولة.. والدستور بالدستور.. وتحيا مصر بإحياء الخلافة الراشدة على منهاج النبوة فيها
حظر طاغوت النظام في مصر على الفتيات في المدارس ارتداء الحجاب، وهو ما ينذر باشتعال غضب المسلمين هناك وتصعيد المواجهات بين النظام المجرم وبين الشعب المنكوب. فقد جاء على لسان وزير تعليم السيسي، محب الرافعي، أنه لن يُسمح للفتيات بارتداء الحجاب في المدارس، موضحاً أن الإسلام لا يتطلب ارتداء الفتيات الحجاب لحين وصولهن إلى سن البلوغ، ولا حاجة لارتدائهن الحجاب وهن لا زلن في الصف الابتدائي، مما أثار جدلاً واسعاً في الشارع. ويُذكر أن الحكومة المصرية قامت في العام 1994 بمنع الفتيات دون سن الـ 21 من ارتداء الحجاب، وهو ما أثار وقتها موجة من الغضب كونه تحدياً سافراً للأحكام الشرعية المعتبرة، وانصياعاً لقوانين وضعية تدعي أن التعري من حقوق المرأة. وفي عام 1996 قضت المحكمة العليا بأن هذا القانون غير (دستوري)، ولم يتجرأ النظام على تطبيق القانون عملياً، إلا أن أذناب الكفر في بلاد المسلمين لا يكلون ولا يملون من محاربة التُّقى والعفاف فكل إناء بما فيه ينضح.
والحقيقة أن تقنين التبرج والسفور وإفساد المرأة المسلمة والمجتمع هي من أهداف النظام المصري المجرم الذي يسن القوانين ضمن مخطط وحرب عالمية ممنهجة ضد الإسلام، فارتداء الحجاب يوجه رسالة للجميع بأن المرأة المسلمة متمسكة بدينها وترفض ثقافة العهر الغربية العلمانية التي يرفع السيسي الفاسق وعصابته شعاراتها، التي لا تخفي أن الرويبضة يريد “إسلاماً جديداً”، ويقصد إسلاماً أمريكياً معتدلاً يتناسب مع مصالح يهود وأمريكا في المنطقة، فالحرب شرسة على العقيدة الإسلامية وعلى أنظمة المجتمع في الإسلام، وما قمع المرأة المسلمة بقوة القانون ودفعها إلى التخلي عن ارتداء الخمار والجلباب إلا جزءٌ منها.
إلا أن هذا مثل هذه القرارات تكون سبباً مباشراً في إسقاط الأنظمة، حيث يضع هذا القانون السلطة في مواجهة المجتمع، وهو ليس القانون الوحيد، ولكن هذا القانون تحديداً يهدف إلى نشر السفور في المجتمع وتسهيل ارتكاب الفواحش منذ الصغر، فالقرار يخالف الشرع صراحة، ويتنافى مع أسس تربية الأبناء والبنات الشرعية على طاعة الله، وتهيئة النشء على الالتزام بما يطلب منهم شرعاً بعد سن البلوغ، وهي مسؤولية شرعية مشتركة تقع على عاتق البيت والمدرسة والمجتمع والدولة التي يجب عليها أن تحاسب من لا تلتزم بارتداء الخمار والجلباب وتحافظ على المرأة وعلى الرجل وتصونهما بتطبيق أحكام الله تعالى. ويعتبر هذا القانون كارثة جديدة يجرها نظام السيسي على الكنانة التي تمتلئ شوارعها بالعفيفات المنتقبات، ولابسات الخمار والجلباب، ولكن في عهد السيسي المنحدر والترويج الإعلامي للفنانات والممثلات المنحطات وامتلاء المحلات التجارية بملابس تروج لحجاب مشوه وغير مكتمل، تجد الطفلة منذ صغرها هذا النموذج أمامها لتقلده، ويتماشى ذلك مع القرار فتمنع المدرسة ارتداءها للزي الإسلامي، فيتولد عند البنت تناقض بين البيت وبين المجتمع، فهذا القانون يخلق عداء بين الصغار وأسرهم الملتزمة، وبينهم وبين الدولة التي تفرض عليهم قوانين تحيل حياتهم اليومية إلى مشاكل، وبما أن شعب الكنانة مسلم ولن يفرط في ثوابت الدين، فستتصاعد وتيرة هذا العداء للدولة، ومع الصحوة الإسلامية عند صغار السن، سترجح كفة الإسلام، فالباطل قد كشف عن وجهه القبيح والمواجهة صارت واضحة، والقانون الوضعي يفضح ضعف حكومة السيسي وفشله في رعاية شؤون الصغار والكبار، الذين يعانون من مشاكل لا حصر لها، في مختلف المجالات، وخاصة في نظام التعليم، فهناك مشكلة النفقات الباهظة في المدارس، وتكدس الفصول بالطلاب والطالبات، ومشاكل تأهيل المدرسين وانضباطهم، وتدني رواتبهم، وعدم الاهتمام بتأدية رسالتهم، فالصراع ليس صراعاً مع حجاب التلميذات، بل هو صراع لتطبيق نظام سياسي ينجح في حل هذه المشكلات الموجودة، ويوفر العيش الكريم للمجتمع، على أساس العدل الرباني، وهذا منعدم تماماً، مما أوجد رأياً عاماً متمرداً في مصر، التي يُعرف أهلها بحبهم الشديد لبلدهم، ويُعرفون بغيرتهم على نسائهم، ويُعرفون بقوة انتمائهم للهوية الإسلامية، وبالتالي قوة رفضهم وغضبهم طبيعية لمثل هذه القوانين، ورفضهم لحكومة السيسي الجبرية، لذلك عليهم أن يستغلوا هذا الغضب في تحقيق التغيير الذي يعملون له، فبينما يهتف شعب مصر بـ”تحيا مصر”، لن تبقى لهم مصر حية إن لم تُحكم بالإسلام الخالص، الذي يعتقها من سيطرة النفوذ الغربي المتحكم بنظام الحكم، فما يُحيي مصر وينقذها هو إقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فالمبدأ يحاربه مبدأ، والدولة تسقطها دولة، والخلافة الراشدة على منهاج النبوة وحدها هي القادرة على أن تكون نداً قوياً ورادعاً لأعداء الإسلام، وهي وحدها القادرة على أن تنتصر عليهم بقوة الدستور والقانون الذي يضمن أن السيادة للشرع وأن السلطان بيد المسلمين. إن المعنى الصحيح لتطبيق الأحكام الشرعية في واقع الدولة يكون بجعل الأحكام الشرعية نفسها مواد الدستور وقوانين البلاد، فارتداء الخمار والجلباب فرض في الإسلام لا خلاف عليه، يجب أن يكون مادة مكتوبة من مواد الدستور، ويصبح الحكم الشرعي هو القانون، حين يكون مصدر التشريع في الدولة هو الإسلام. بل النظام الاجتماعي والنظام الاقتصادي ونظام الحكم والتعليم والسياسة، كل هذه الأحكام الشرعية يجب أن تكون مفصّلة في الدستور. وهذا هو معنى تطبيق الشرع الصحيح. وهذا هو دستور دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، وهذا هو نظام الحكم في الإسلام:
جاء في كتاب “مقدّمة الدستور أو الأسباب الموجبة له” لحزب التحرير في قسم الأحكام الخاصة بالنظام الاجتماعي في الإسلام:
– المادة 117: المرأة تعيش في حياة عامة وفي حياة خاصة. ففي الحياة العامة يجوز أن تعيش مع النساء والرجال المحارم والرجال الأجانب على أن لا يظهر منها إلا وجهها وكفاها، غير متبرجة ولا متبذّلة. وأما في الحياة الخاصة فلا يجوز أن تعيش إلا مع النساء أو مع محارمها ولا يجوز أن تعيش مع الرجال الأجانب. وفي كلتا الحياتين تتقيد بجميع أحكام الشرع.
– المادة 118 – تمنع الخلوة بغير محرم، ويمنع التبرج وكشف العورة أمام الأجانب.
– المادة 119 – يمنع كل من الرجل والمرأة من مباشرة أي عمل فيه خطر على الأخلاق، أو فساد في المجتمع.
فلن تحيا مصر بمعزل عن الأمة، ولن تحيا مصر ومبدأ الإسلام مغيب، وأنظمته معطلة، ولن تحيا مصر والقانون يخلع عن الناس ثوب الدين، ولن تحيا مصر إن سكت أهلها ولم يثوروا لقضية منع ارتداء الحجاب التي يجب أن تسحب البساط من تحت أقدام العلمانية، وأن تسقط المبدأ الرأسمالي الذي يفصل الدين عن الحياة. وستحيا مصر فقط بإحياء الخلافة الراشدة على منهاج النبوة فيها، التي سترفع راية لا إله إلا الله محمد رسول الله، والتي ستقر بها فقط أعين الأجيال القادمة والأسر والمجتمع، فالدولة بالدولة والدستور بالدستور، والحق هو الظاهر والمنتصر بإذن الله.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
غادة محمد حمدي – ولاية السودان
2015_09_10_Art_Egypt_long_live_by_the_revival_of_the_Khilafah_system_AR_OK.pdf