أتقتلون القتيل وتذرفون دموع التماسيح عليه؟!
خلال الزيارة التي قام بها الرئيس اليمني للعاصمة السودانية الخرطوم في آب/أغسطس 2015، أوضحت السلطات في السودان أنها قامت بإلغاء تأشيرة الدخول لأراضيها لجميع حاملي الجواز اليمني حيث أصبح بإمكان أهل اليمن الدخول للأراضي السودانية دون أي تأشيرة دخول، تأتي هذه الزيارة والقرارات الجديدة في ظل التطور الكبير الذي تشهده العلاقات السودانية اليمنية. ويأتي هذا القرار في ظل ظروف صعبة واقتتال تشهده اليمن نتيجة صراع غربي؛ أمريكي – بريطاني على السلطة في اليمن ودخول دول التحالف بقيادة السعودية الحرب على اليمن وأهله بدعوى محاربة الحوثيين. وقبل خمسة أشهر، في شهر آذار/مارس 2015، صرّح الجيش السوداني أن قواته بدأت التحرك صوب مواقع العمليات في السعودية للمشاركة في “عاصفة الحزم” ضمن حلف عربي واسع للحد من سيطرة الحوثيين في اليمن، وبررت الخرطوم وقتها المشاركة بالدفاع عن أمن السعودية والسودان والمنطقة عموما.
وكانت السعودية أعلنت أن السودان يشارك بثلاث طائرات حربية، في \”عاصفة الحزم\” وسط تقارير تؤكد إبداءه الاستعداد اللازم لمشاركة قوات برية، هذا إلى جانب مشاركة الإمارات والكويت وقطر والبحرين ومصر والمغرب والأردن وباكستان، وإلى جانب 100 طائرة سعودية تشارك في العملية، و150 ألفاً من القوات السعودية، تشارك دول الخليج والدول العربية الأخرى بطائراتها المقاتلة في تنسيق مع القيادة السعودية.
وأعلن وزير الدفاع السوداني السابق، عبد الرحيم محمد حسين، أن بلاده ستشارك بقوات برية إلى جانب الجوية في عملية “عاصفة الحزم” التي أطلقتها السعودية بمشاركة “عربية وإسلامية” ضد الحوثيين في اليمن كما أعلن المتحدث الرسمي للقوات المسلحة السودانية “… ومن منطلق مسئوليتنا الإسلامية يشارك السودان ولن يبقى مكتوف الأيدي، والخطر يحدق بقبلة المسلمين، مهبط الوحي والرسالة الخاتمة”.
وفي الوقت نفسه، فتحت المستشفيات في السودان أبوابها لاستقبال عشرات الجرحى من اليمن من جراء الحرب، في بادرة “أخوية” لإغاثة شعب اليمن.
إن تضارب المواقف السياسية يجب أن يُفقد المسلم ثقته في هذه الأنظمة المتخبطة التي تتخذ قرارات همجية بحق قضايا المسلمين، وذلك لأن هذه الأنظمة الجبرية الحاكمة، هي أنظمة علمانية، تتصرف بحسب أوامر أمريكا، ولا تتخذ العقيدة الإسلامية مرجعاً صلباً يرشدها إلى القرارات الصحيحة بخصوص هذه القضايا المهمة.
فلقد تحركت طائرات الحكام وبوارجهم لغزو اليمن بدلاً من طرد اليهود وتحرير فلسطين المباركة، وهي أقرب إليهم من سبأ! وشر البلية أن يقال في المبررات أنها لحماية قبلة المسلمين مع أنها غير محتلة، وتترك قبلة المسلمين الأولى وهي محتلة تصرخ وتستغيث! تتحرك طائراتهم إلى اليمن لخدمة مشاريع الكفار المستعمرين، ولا تتحرك طائراتهم لإنقاذ الأرض المباركة التي يحتلها أشد الناس عداوة للمسلمين! إن كل صاحب بصر وبصيرة يدرك أن الصراع في اليمن مستعر بين فريقين: أمريكا وأتباعها وعملائها من جهة، وبين بريطانيا وأتباعها وعملائها من جهة أخرى، وكل من الطرفين يستعمل وسائله وأساليبه، الجميع أدرك ذلك، حكومة الإنقاذ، التي لم تحرك ساكناً عندما قصف اليهود بلدهم، هي واحدة من هؤلاء العملاء والأتباع، هؤلاء هم حكامنا، فلسطين أرض الإسراء والمعراج أولى القبلتين تستغيث فلا يغيثون، تستنصر بهم فلا ينصرون كأن في آذانهم وقراً وعلى أعينهم غشاوة، ولكنهم يهرولون خانعين لتنفيذ مصالح الكفار المستعمرين، فلا ترى طائراتهم ودباباتهم وبوارجهم متحركة في وجه أعداء الإسلام والمسلمين، بل تكون في ثكناتها رابضة بل نائمة، ولكنها تصحو وتزمجر بإشارة من بنان دهاقنة السياسة الذين لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة، يظهر الحكام بمظهر الكبار على أهل البلاد، ولكنهم أقل من الصغار أو دون ذلك أمام الأعداء، وبعد ذلك تقتلون القتيل وتذرفون دموع التماسيح عليه؟ قاتلكم الله أنى تؤفكون.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. ريم جعفر – أم منيب
2015_09_10_Art_Killing_the_victim_and_crying_saddened_him_AR_OK.pdf