Take a fresh look at your lifestyle.

مع الحديث الشريف – إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي

 

 مع الحديث الشريف

 

إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف ” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يضحي

روى مسلم في صحيحه قال:

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يُحَدِّثُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ

أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “إِذَا دَخَلَتْ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا “

قِيلَ لِسُفْيَانَ فَإِنَّ بَعْضَهُمْ لَا يَرْفَعُهُ قَالَ: لَكِنِّي أَرْفَعُهُ.

جاء في شرح النووي على مسلم:

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا دَخَلَتْ الْعَشْر وَأَرَادَ أَحَدكُمْ أَنْ يُضَحِّي فَلَا يَمَسّ مِنْ شَعْره وَبَشَره شَيْئًا)

وَفِي رِوَايَة: (فَلَا يَأْخُذَنَّ شَعْرًا وَلَا يُقَلِّمَنَّ ظُفْرًا) وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِيمَنْ دَخَلَتْ عَلَيْهِ عَشْر ذِي الْحِجَّة وَأَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فَقَالَ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَرَبِيعَة وَأَحْمَد وَإِسْحَاق وَدَاوُد وَبَعْض أَصْحَاب الشَّافِعِيّ: إِنَّهُ يَحْرُم عَلَيْهِ أَخْذ شَيْء مِنْ شَعْره وَأَظْفَاره حَتَّى يُضَحِّي فِي وَقْت الْأُضْحِيَّة، وَقَالَ الشَّافِعِيّ وَأَصْحَابه: هُوَ مَكْرُوه كَرَاهَة تَنْزِيه وَلَيْسَ بِحَرَامٍ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة: لَا يُكْرَه، وَقَالَ مَالِك فِي رِوَايَة: لَا يُكْرَه، وَفِي رِوَايَة: يُكْرَه، وَفِي رِوَايَة: يَحْرُم فِي التَّطَوُّع دُون الْوَاجِب. وَاحْتَجَّ مَنْ حَرَّمَ بِهَذِهِ الْأَحَادِيث. وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيّ وَالْآخَرُونَ بِحَدِيثِ عَائِشَة – رَضِيَ اللَّه عَنْهَا – قَالَتْ: “كُنْت أَفْتِل قَلَائِد هَدْي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ يُقَلِّدهُ، وَيَبْعَث بِهِ وَلَا يَحْرُم عَلَيْهِ شَيْء أَحَلَّهُ اللَّه حَتَّى يَنْحَر هَدْيه ” رَوَاهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم. قَالَ الشَّافِعِيّ: الْبَعْث بِالْهَدْيِ أَكْثَر مِنْ إِرَادَة التَّضْحِيَة، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْرُم ذَلِكَ وَحَمَلَ أَحَادِيث النَّهْي عَلَى كَرَاهَة التَّنْزِيه. قَالَ أَصْحَابنَا: وَالْمُرَاد بِالنَّهْيِ عَنْ أَخْذ الظُّفْر وَالشَّعْر النَّهْي عَنْ إِزَالَة الظُّفْر بِقَلَمٍ أَوْ كَسْر أَوْ غَيْره، وَالْمَنْع مِنْ إِزَالَة الشَّعْر بِحَلْقٍ أَوْ تَقْصِير أَوْ نَتْف أَوْ إِحْرَاق أَوْ أَخْذه بِنَوْرَةٍ أَوْ غَيْر ذَلِكَ، وَسَوَاء شَعْر الْإِبْط وَالشَّارِب وَالْعَانَة وَالرَّأْس، وَغَيْر ذَلِكَ مِنْ شُعُور بَدَنه، قَالَ إِبْرَاهِيم الْمَرْوَزِيُّ وَغَيْره مِنْ أَصْحَابنَا:

حُكْم أَجْزَاء الْبَدَن كُلّهَا حُكْم الشَّعْر وَالظُّفْر، وَدَلِيله الرِّوَايَة السَّابِقَة: (فَلَا يَمَسّ مِنْ شَعْره وَبَشَره شَيْئًا) قَالَ أَصْحَابنَا: وَالْحِكْمَة فِي النَّهْي أَنْ يَبْقَى كَامِل الْأَجْزَاء لِيُعْتِق مِنْ النَّار، وَقِيلَ: التَّشَبُّه بِالْمُحْرِمِ، قَالَ أَصْحَابنَا: هَذَا غَلَط؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَزِل النِّسَاء وَلَا يَتْرُك الطِّيب وَاللِّبَاس وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا يَتْرُكهُ الْمُحْرِم.

هذا الحديث الشريف يعلمنا بعض ما يستحب للمضحي أن يفعله في نفسه إذا ما نوى تقديم الأضحية …….فمن نوى القيام بهذه الشعيرة المباركة فليتهيأ لها, ليعيش أجواءها ويستشعر ثوابها من اليوم الأول لدخول شهر التضحية والفداء ….شهر ذي الحجة ….فلا يحلق شعره ولا يقلم أظافره ….

إن ما هو مطلوب في هذا الحديث شيء ثقيل على النفس مناقض للفطرة ……لكنه في هذه الأجواء المباركة يكون محببا تتقبله النفس بل وتسعد به …لم لا وهي تعلم أن هذا مما يستحب لها فعله ليكون عملها كاملا متكاملا, تستحق عليه الثواب غير منقوص بل مضاعفاً باذن الله. نعم إن الثواب متحصل بالذبح المجرد ما دام خالصاً لله تعالى …إلَّا أن أداءه في أجواء إيمانية,على الهيئة التي حثنا عليها رسولنا صلى الله عليه وسلم, ليس بدافع الخوف من عقاب الله وإنما حباً فيه وحرصاً على تقديم طاعاتنا له بأحب صورة ترضيه ليضاعف حسناتنا ويرفع درجاتنا

ثم إن التحلل من هذه الممنوعات بعد ذبح الأضحية قربة خالصة لوجه الله ليشعر المضحي بالفرحة التي تعم الحجيج وهم يتحللون من إحرامهم وتكتمل لهم شعائر حجهم ….فما أسعدها من لحظات …..وما أجملها من أوقات, تستحق المشاركة فيها والعيش في أجوائها

 
إن كل عبادة من العبادات تحتاج إلى أجواء إيمانية تبين عظمتها وجميل أثرها على نفس المؤمن, وإن شعيرة الأضحية وما يصاحبها من أعمال وما يرافقها من أجواء, لتذكر المؤمن بأن الحياة الحقة هي بالبذل والعطاء, وأن السعادة تأتي بعد الجهد والعناء, ولعلها تحثنا على مزيد من الجهد والبذل في سبيل إقامة دين الله, فالعبودية لله لا تتجزأ ….والطاعة لا تتنوع ….وإن الله ليحب أن يطاع بما افترضه علينا قبل أن نتقرب إليه بالنوافل …. وإن فريضة إقامة دولة الإسلام مقدمة على غيرها من الفرائض بل هي تاج الفروض …..وإن الأجواء الإيمانية التي ترافق أعمالنا لتجعلنا نعرف مقادير العبادات …..فنقدم الفريضة على النافلة,والنافلة على المباح ليس نفياً لأي منها بل وضعاً لكل في منزلته حتى تكون أعمالنا متقبلة ….وهنا تكون الفرحة الكبرى ورضوان من الله أكبر …..

 

احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.