إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي
(ح 161)
الصرف بين نقدين متخالفين
الحمد لله الذي شرع للناس أحكام الرشاد, وحذرهم سبل الفساد, والصلاة والسلام على خير هاد, المبعوث رحمة للعباد, الذي جاهد في الله حق الجهاد, وعلى آله وأصحابه الأطهار الأمجاد, الذين طبقوا نظام الإسلام في الحكم والاجتماع والسياسة والاقتصاد, فاجعلنا اللهم معهم, واحشرنا في زمرتهم يوم يقوم الأشهاد يوم التناد, يوم يقوم الناس لرب العباد.
أيها المؤمنون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: نتابع معكم سلسلة حلقات كتابنا إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي ومع الحلقة الحادية والستين بعد المائة, وعنوانها: “الصرف بين نقدين متخالفين”. نتأمل فيها ما جاء في الصفحة الثالثة والستين بعد المائتين من كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام للعالم والمفكر السياسي الشيخ تقي الدين النبهاني.
عملة ذهبية عثمانية عملة فضية عثمانية
يقول رحمه الله: “يتبين من تتبع جميع ما تجري عليه عقود البيع، من المعاملات المالية الجارية في الأسواق العالمية، أن عمليات الشراء والبيع تجري في ستة أنواع:
– أحدها: شراء عملة بنفس العملة كاستبدال أوراق النقد الجديدة من الدينار العراقي بأوراق قديمة.
– والثاني: هو استبدال عملة بعملة أخرى، كاستبدال دولارات بجنيهات مصرية.
– والثالث: شراء بضاعة بعملة معينة، وشراء هذه العملة بعملة أخرى، كشراء طائرات بدولارات،
واستبدال دولارات بدنانير عراقية، في صفقة واحدة.
– والرابع: بيع بضاعة بعملة بجنيهات إسترلينية، واستبدال دولارات بالجنيهات الإسترلينية.
– والخامس: بيع سندات معينة بعملة معينة.
– والسادس: بيع أسهم في شركة معينة بعملة معينة.
فهذه المعاملات الست تجري فيها عقود البيع في المعاملات المالية. أما شراء السندات والأسهم وبيعها فلا يجوز شرعا مطلقا، لأن السندات لها فائدة مقررة، فيدخل فيها الربا، بل هي نفسها معاملة ربا. وأما الأسهم فإنها حصة في شركة باطلة شرعا غير جائزة. فشراؤها وبيعها باطل، ولذلك لا يجوز التعامل بالأسهم في الشركات المساهمة كلها، سواء أكانت في شركة عملها حلال، كالشركات التجارية والصناعية، أم كانت في شركات عملها حرام كأسهم البنوك. وأما شراء البضاعة بعملة، والاستبدال بتلك العملة لعملة أخرى، وبيعها بعملة، والاستبدال بتلك العملة لعملة أخرى، فكل واحدة منها عمليتان: عملية بيع وشراء، وعملية صرف. فيجري عليهما أحكام البيع والصرف، ويجري فيهما حكم تفريق الصفقة. وأما بيع عملة بنفس العملة، أو بيع عملة بعملة أخرى فهو عملية الصرف وهي جائزة؛ لأن الصرف مبادلة مال بمال من الذهب والفضة إما بجنسه مماثلة وإما بغير جنسه مماثلة ومفاضلة. ويجري الصرف في النقد كما يجري في الذهب والفضة، لأنه ينطبق عليه وصف الذهب والفضة باعتباره عملة، وليس هو قياسا على الذهب والفضة، وإنما هو نوع من أنواعهما، لاستناده إليهما في الاعتبار النقدي. فإذا اشترى ذهبا بفضة عينا بعين، بأن يقول: بعتك هذا الدينار الذهب بهذه الدراهم الفضة ويشير إليهما، وهما حاضران، أو اشترى ذهبا بفضة بغير عينه، بأن يوقع العقد على موصوف غير مشار إليه، فيقول: بعتك دينارا مصريا بعشرة دراهم حجازية، فهذا كله جائز، لأن النقود تتعين بالتعيين في العقود فيثبت الملك في أعيانها، فإن بيع الذهب بالفضة جائز، سواء في ذلك الدنانير بالدراهم، أو بالحلي من الفضة، أو بالنقار، والنقار هو ما يقابل التبر في الذهب من الفضة، وكذلك بيع الفضة بالذهب، وبحلي الذهب، وسبائكه، وتبره. غير أن ذلك كله يكون يدا بيد ولا بد، وعينا بعين ولا بد، متفاضلين ومتماثلين وزنا بوزن، وجزافا بجزاف، ووزنا بجزاف في كل ذلك. هذا إذا كان الصرف بين نقدين متخالفين.
وقبل أن نودعكم مستمعينا الكرام نذكركم بأبرز الأفكار التي تناولها موضوعنا لهذا اليوم:
عمليات الشراء والبيع تجري في ستة أنواع:
1. شراء عملة بالعملة نفسها كاستبدال أوراق النقد الجديدة بأوراق قديمة.
2. استبدال عملة بعملة أخرى، كاستبدال دولارات بجنيهات مصرية.
3. شراء بضاعة بعملة معينة، وشراء هذه العملة بعملة أخرى.
4. بيع بضاعة بعملة، واستبدال عملة أخرى بالعملة الأولى.
5. بيع سندات معينة بعملة معينة.
6. بيع أسهم في شركة معينة بعملة معينة.
حكم الشرع في الأنواع الستة لعمليات البيع والشراء:
1. بيع عملة بالعملة نفسها، أو بيع عملة بعملة أخرى هو عملية الصرف وهي جائزة.
2. شراء البضاعة بعملة، والاستبدال بتلك العملة لعملة أخرى. هاتان عمليتان: عملية بيع وشراء، وعملية صرف. فيجري عليهما أحكام البيع والصرف، ويجري فيهما حكم تفريق الصفقة.
3. بيع البضاعة بعملة، والاستبدال بتلك العملة لعملة أخرى هاتان عمليتان: عملية بيع وشراء، وعملية صرف. فيجري عليهما أحكام البيع والصرف، ويجري فيهما حكم تفريق الصفقة.
4. بيع بضاعة بعملة، واستبدال عملة أخرى بالعملة الأولى. هاتان عمليتان يجري عليهما أحكام البيع والصرف، ويجري فيهما حكم تفريق الصفقة.
5. شراء السندات وبيعها لا يجوز شرعا مطلقا, لأن السندات لها فائدة مقررة، فيدخل فيها الربا، بل هي نفسها معاملة ربا.
6. شراء الأسهم وبيعها لا يجوز شرعا مطلقا, لأن الأسهم حصة في شركة باطلة شرعا غير جائزة. فشراؤها وبيعها باطل. ولا يجوز التعامل بالأسهم في الشركات المساهمة كلها، سواء أكانت في شركة عملها حلال، كالشركات التجارية والصناعية، أم كانت في شركات عملها حرام كأسهم البنوك.
تعريف الصرف:
الصرف: مبادلة مال بمال من الذهب والفضة, إما بجنسه مماثلة, وإما بغير جنسه مماثلة ومفاضلة. والصرف عملية جائزة.
جواز الصرف في النقد:
1. يجري الصرف في النقد كما يجري في الذهب والفضة.
2. ينطبق على النقد وصف الذهب والفضة باعتباره عملة، وليس هو قياسا على الذهب والفضة.
3. النقد نوع من أنواع الذهب والفضة لاستناده إليهما في الاعتبار النقدي.
من الأمثلة على الصرف الجائز بين نقدين متخالفين:
1. المثال الأول: كأن يشتري ذهبا بفضة عينا بعين، بأن يقول: بعتك هذا الدينار الذهب بهذه الدراهم الفضة ويشير إليهما، وهما حاضران.
2. المثال الثاني: كأن يشتري ذهبا بفضة بغير عينه، بأن يوقع العقد على موصوف غير مشار إليه، فيقول: بعتك دينارا مصريا بعشرة دراهم حجازية.
النقود تتعين بالتعيين في العقود ويثبت الملك في أعيانها:
النقود تتعين بالتعيين في العقود فيثبت الملك في أعيانها.
جواز بيع الذهب بالفضة والفضة بالذهب بشروط:
1. بيع الذهب بالفضة جائز، سواء في ذلك أشكال البيع الآتية:
1) الدنانير بالدراهم.
2) الدنانير بالحلي من الفضة.
3) الدنانير بالنقار، والنقار هو ما يقابل التبر في الذهب من الفضة.
2. وكذلك بيع الفضة بالذهب، وبحلي الذهب، وسبائكه، وتبره.
شروط بيع الذهب بالفضة والفضة بالذهب:
1. أن يكون يدا بيد ولا بد.
2. أن يكون عينا بعين ولا بد.
3. يجوز أن يكونا متفاضلين ومتماثلين وزنا بوزن، وجزافا بجزاف، ووزنا بجزاف. والجزاف هو الشيء لا يعلم كيله أو وزنه. نقول: كان البيع والشراء بينهما جزافا: أي بغير وزن ولا كيل.
أيها المؤمنون:
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. نشكركم على حسن استماعكم, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.