Take a fresh look at your lifestyle.

مع الحديث الشريف – وزراء التفويض

 

 

 مع الحديث الشريف –  وزراء التفويض

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة المستمعون في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

روى الترمذي في سننه قال: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ حَدَّثَنَا تَلِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي الْجَحَّافِ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا لَهُ وَزِيرَانِ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ وَوَزِيرَانِ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ فَأَمَّا وَزِيرَايَ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ فَجِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَأَمَّا وَزِيرَايَ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ فَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ”.
جاء في تحفة الأحوذي:

قَوْلُهُ: “مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَلَهُ وَزِيرَانِ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ وَوَزِيرَانِ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ” الْوَزِيرُ الْمُوَازِرُ لِأَنَّهُ يَحْمِلُ الْوِزْرَ أَيْ الثِّقَلَ عَنْ أَمِيرِهِ، وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ إِذَا أَصَابَهُ أَمْرٌ

 

شَاوَرَهُمَا كَمَا أَنَّ الْمَلِكَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ مُشْكِلٌ شَاوَرَ وَزِيرَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اُشْدُدْ بِهِ أَزْرِي} قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْوَزِيرُ هُوَ الَّذِي يُوَازِرُهُ فَيَحْمِلُ عَنْهُ مَا حَمَلَهُ مِنْ الْأَثْقَالِ وَاَلَّذِي يَلْتَجِئُ الْأَمِيرُ إِلَى رَأْيِهِ وَتَدْبِيرِهِ فَهُوَ مَلْجَأٌ لَهُ وَمُفْزِعٌ

قَوْلُهُ: (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ)

وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَأَقَرَّهُ وَالْحَكِيمُ فِي نَوَادِرِهِ عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ

كلمة الوزير في اللغة تعني المعين والمساعد، وقد استعمل القرآن الكريم كلمة وزير بهذا المعنى اللغوي، قال تعالى: {وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي} (29) ….طه … أي معيناً ومساعداً.

وفي هذا الحديث فإن الكلمة جاءت بمعناها اللغوي أي وزير بمعنى معاون أو مساعد، كما جاءت مطلقة تشمل أي معونة، وأي مساعدة في أي أمر من الأمور ومنها معونة الخليفة في مسؤولية الخلافة وأعمالها… ومن الحديث أخذ حزب التحرير الأحكام الآتية

للخليفة أن يعين معاونين له ليعاونوه في تحمل أعباء الخلافة والقيام بمسؤولياتها

جواز تعدد المعاونين … فللخليفة أن يعين معاوناً له أو أكثر حسب حاجته،

 للخليفة أن يعين معاونين له في الحكم وفي غير الحكم … إذ أن معاوني الرسول صلى الله عليه وسلم من السماء لم يكونا معاونين له في الحكم، بينما كان أبو بكر وعمر معاونين في الحكم. فدل على أن للخليفة أن يعين معاونين له في الحكم وغير الحكم….

أما المعاونون في الحكم فيطلق عليهم لقب: معاونو التفويض:

معاونو التفويض:

هم الوزراء الذين يعينهم الخليفة معه ليعاونوه في تحمل أعباء الخلافة والقيام بمسؤولياتها وبخاصة أنه كلما كبرت وتوسعت دولة الخلافة، ينوء الخليفة بحملها وحده ويحتاج إلى من يعاونه في حملها والقيام بمسؤولياتها.

لا يصح أن يطلق عليهم وزراء دون تقييد، حتى لا يلتبس مدلول الوزير في الإسلام مع مدلول الوزير في الأنظمة الوضعية الحالية التي على الأساس الديمقراطي العلماني أو غيره من الأنظمة الموجودة في عصرنا الحاضر.

يشترط في معاون التفويض ما يشترط في الخليفة، أي أن يكون: رجلاً مسلماً حراً بالغاً عاقلاً عدلاً قادراً من أهل الكفاية فيما أوكل إليه من أعمال… وذلك أن عمل المعاون من الحكم، وأنه يمثل الخليفة في الحكم فكان اشتراط أن تتوفر فيه الشروط التي يجب أن تتوفر في الخليفة.

يقلد الخليفة معاون التفويض النيابة عنه في كل أرجاء الدولة مع عموم النظر في كل الأعمال… ومع ذلك فله أن يكلفه بعمل معين… فقد عين رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر على الحج، وعين عمر على الصدقة…. مع كونهما وزيري تفويض على الإطلاق، فكان جواز التقييد… على أن يراعى ما يلي:

من حيث التقليد: يقلد المعاون عموم النظر والنيابة في كل أرجاء الدولة

من حيث العمل: يكلف المعاون بعمل في جزء من الدولة، أي أن الولايات تقسم بين المعاونين، فيكون للخليفة مثلاً معاون في الشرق وآخر في الغرب، وآخر في الشمال، وآخر في الجنوب وهكذا…

من حيث النقل: ينقل المعاون من مكان إلى آخر ومن عمل إلى آخر دون حاجة إلى تقليد جديد، بل بتقليده الأول … لأن أصل التقليد يشمل كل عمل.

إن المعاون له صلاحيات الخليفة في كل ما يكلف فيه من أعمال، نيابة عن الخليفة… فله أن يحكم بنفسه وأن يقلد الحكام، و ينظر في المظالم ويستنيب فيها، وأن يتولى الجهاد بنفسه وأن يقلد من يتولاه، وأن يباشر تنفيذ الأمور التي دبرها وأن يستنيب في تنفيذها…

لا يخصص معاون التفويض بأي دائرة من الجهاز الإداري كدائرة المعارف مثلاً … لأن الذين يباشرون الأمور الإدارية هم أجراء وليسوا حكاماً، وهو حاكم وليس أجيرا، فعمله رعاية الشؤون وليس القيام بالأعمال التي يستأجر الأجراء للقيام بها … وهو ليس ممنوعا من القيام بأي عمل إداري، لكنه لا يختص بأعمال إدارية، فهو له عموم النظر.

على معاون التفويض: أن يرفع إلى الخليفة ما اعتزمه من تدبير، ثم مطالعة الخليفة لما أمضاه من تدبير وأنفذه من ولاية وتقليد… حتى لا يصير في صلاحياته كالخليفة، فعليه أن يرفع مطالعته وأن ينفذ هذه المطالعة ما لم يوقفه الخليفة عن تنفيذها فواقع المعاون أنه نائب عن الخليفة فيما كلف به من أعمال.

على الخليفة أن يتصفح أعمال معاون التفويض وتدبيره للأمور، ليقر منها الصواب ويستدرك الخطأ وذلك:

 لأن تدبير شؤون الأمة موكول إلى الخليفة، ومحمول على اجتهاده هو، لقوله عليه الصلاة والسلام: “الإمام راع وهو مسؤول عن رعيته”.

 لأن معاون التفويض قد يخطئ، فلا بد أن يستدرك الخطأ، لذا كان لا بد للخليفة من أن يتصفح جميع أعمال المعاون… على النحو التالي:

إذا دبر معاون التفويض أمراً وأقره الخليفة فله أن ينفذه كما أقره الخليفة ليس بزيادة ولا نقصان

إذا عاد الخليفة وعارض المعاون في رد ما أمضاه فينظر:

إن كان  في حكم نفذه على وجهه أو مال وضعه في حقه فرأي معاون التنفيذ هو النافذ، لأنه بالأصل رأي الخليفة، وليس للخليفة أن يستدرك ما نفذ من أحكام أو أنفق من أموال.

 إن كان ما أمضاه المعاون في غير ذلك مثل تقليد والٍ، أو تجهيز جيش، فللخليفة أن يعارضه، وفي هذه الحالة ينفذ رأي الخليفة لا رأي المعاون، لأن للخليفة أن يستدرك ذلك من فعل نفسه، فله أن يستدركه من فعل معاون التفويض.

تعيين معاوني التفويض وعزلهم:

يعين المعاون ويعزل بأمر من الخليفة

 عند وفاة الخليفة تنتهي ولاية معاوني التفويض ولا يستمرون في عملهم إلا في فترة الأمير المؤقت

 لا يحتاجون إلى عزل، لأن ولايتهم في حكم المنتهية بوفاة الخليفة الذي اتخذهم معاونين له

 إذا أراد الخليفة الجديد أن يعينهم معاوني تفويض له فإنهم يحتاجون إلى تقليد جديد من الخليفة الجديد.

إن معاونو التفويض هم الجهاز الثاني من أجهزة دولة الخلافة بعد الجهاز الأول والرئيس في الدولة وهو: الخليفة…

احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.