مع الحديث الشريف – باب ومن سورة البقرة
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في تحفة الأحوذي، في شرح جامع الترمذي “بتصرف” في “باب ومن سورة البقرة”
حدثنا عبد بن حميد أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله ادخلوا الباب سجدا قال: “دخلوا متزحفين على أوراكهم أي منحرفين”
قوله: ادخلوا الباب أراد به باب القرية التي ذكرها الله تعالى في قوله: وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية سجدا أي ساجدين لله تعالى شكرا على إخراجهم من التيه، وقال ابن عباس: منحنين ركوعا، وقيل خشوعا وخضوعا قال: (دخلوا متزحفين على أوراكهم) أي متمشين، والأوراك جمع ورك. قال في القاموس: الورك بالفتح والكسر وككتف ما فوق الفخذ، وفي رواية البخاري: (فدخلوا يزحفون على أستاههم)، أي منحرفين.
هذا تفسير من بعض الرواة، أي منحرفين ومائلين عما أمروا به من الدخول سجدا.
هذا حال من يعرض عن الله، فقد أعرض بنو إسرائيل عن الله فأعرض الله عنهم. وحاصل ما ذكره المفسرون وما دل عليه السياق من الحديث أنهم بدلوا أمر الله لهم من الخضوع بالقول والفعل، فأمروا أن يدخلوا سجدا، فدخلوا يزحفون على أستاههم رافعي رؤوسهم، وأمروا أن يقولوا: حطة، أي: احطط عنا ذنوبنا، فاستهزؤوا فقالوا:
حنطة في شعرة. وهذا في غاية ما يكون من المخالفة والمعاندة؛ ولهذا قال تعالى: “فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ”.
أيها المسلمون: هكذا يريد منكم حكامكم، أن تعرضوا عن الله، وأن تعيشوا حياة مادية لا روحانية فيها، وأن تقولوا لنبيكم محمد – صلى الله عليه وسلم: “فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ”، فأعدّوا لكم البرامج التثقيفية بحسب المواصفات الغربية والشرقية، وأوجدوا لكم الأجواء المادية التي لا علاقة لها بالآخرة عندما فصلوا الدين عن الحياة، وصنعوا لكل ذلك رجال دين وعلماء ومثقفين ومفكرين على الطراز الغربي، ليمرروا هذه المخططات حتى أصبحت الأمة كالجثة الهامدة التي لا حراك فيها، فظنها الغرب قد ماتت وتُودع منها، فكانت في حكمه في عداد الموات، وربما أصدر لها البعض شهادة وفاة، إلا أن ذلك لم يحدث، فقد بدأت الأمة تتلمس طريقها، وبدأ هذا الجسد يتحرك لتدب فيه الحياة من جديد، فلئن كان الجسد هامدا لا حراك فيه، فإن الروح كامنة فيه، حضارة عمرها مئات السنوات، عادت الأمة تلملم شعثها وتجمع أشلاءها، وتقف على أقدامها وتنادي بأعلى صوتها: الأمة تريد خلافة من جديد. فكونوا – أيها المسلمون- مع هذا الصوت، مع “إنا معكما مقاتلون”، كي لا يكون حالكم كحال بني إسرائيل فتستحقوا رجزاً من السماء بما كنتم تُعرضون.
احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.