إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي (ح 170) النقود المعدنية والنقود الورقية
الحمد لله الذي شرع للناس أحكام الرشاد, وحذرهم سبل الفساد, والصلاة والسلام على خير هاد, المبعوث رحمة للعباد, الذي جاهد في الله حق الجهاد, وعلى آله وأصحابه الأطهار الأمجاد, الذين طبقوا نظام الإسلام في الحكم والاجتماع والسياسة والاقتصاد, فاجعلنا اللهم معهم, واحشرنا في زمرتهم يوم يقوم الأشهاد يوم التناد, يوم يقوم الناس لرب العباد.
نقود معدنية عثمانية مضروبة في إسلامبول نقود ورقية للدولة العلية العثمانية
أيها المؤمنون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: نتابع معكم سلسلة حلقات كتابنا إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي, ومع الحلقة السبعين بعد المائة, وعنوانها: “النقود المعدنية والنقود الورقية”. نتأمل فيها ما جاء في الصفحة الحادية والثمانين بعد المائتين من كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام للعالم والمفكر السياسي الشيخ تقي الدين النبهاني.
يقول رحمه الله: “يرجع الاقتصاديون أنواع النقود المعدنية المختلفة التي يمكن وجودها إلى نوعين رئيسيين هما: نظام المعدن الفردي، ونظام المعدنيين. فالأول هو النظام الذي تكون النقود الرئيسية فيه قاصرة على مسكوكات معدن واحد. وأما الثاني، وهو نظام المعدنين، فهو الذي تكون المسكوكات الذهبية والفضية على السواء نقودا رئيسية. ونظام المعدنين هذا يتضمن توفر ثلاث صفات: الأولى: أن تكون للمسكوكات الذهبية والفضية قوة إبراء غير محدودة. والثانية: أن تتوفر حرية الضرب بالنسبة لسبائك المعدنين. والثالثة: أن يكون هناك نسبة قانونية بين قيمتي المسكوكات الذهبية والفضية. ونظام المعدنين يمتاز بأنه يجعل كمية النقود التي يجري بها التداول عظيمة. إذ تستعمل مسكوكات المعدنين معا نقودا رئيسية. وبذلك تحتفظ الأثمان بمستوى مرتفع. وهذا من شأنه أن يشجع على زيادة الإنتاج. وهو كذلك يجعل قيمة النقود أكثر ثباتا. وبذلك تكون الأثمان أقل عرضة للتغييرات الشديدة التي تؤدي إلى اضطراب الحالة الاقتصادية، وبذلك يظهر أن استعمال معدنين من النقود المعدنية خير من استعمال معدن واحد. النقود الورقية ثلاثة أنواع هي:
1. نقود ورقية نائبة: وهي أوراق تمثل كمية من الذهب والفضة على شكل نقود أو سبائك مودعة في مكان معين، لها من القيمة المعدنية ما لهذه الأوراق من القيمة الاسمية، وتصرف بها لدى الطلب. وفي هذه الحالة يقوم التداول على النقود المعدنية. وكل ما في الأمر، أنه بدلا من أن تتداول بنفسها، تقوم هذه الأوراق مقامها باعتبارها نائبة عنها.
2. نقود ورقية وثيقة: وهي أوراق يتعهد الموقع عليها بدفع مبلغ معين من النقود المعدنية لحاملها، وتتوقف قيمتها في التداول على ما يتوفر من الثقة في الموقع عليها، وعلى قدرته في الوفاء بتعهده. فإذا كان موثوقا به لدى الجمهور، سهل استعمالها في التداول كالمسكوكات. والنوع الرئيسي لهذه النقود هي الأوراق المصرفية، التي يصدرها مصرف معروف وموثوق به لدى الجمهور. إلا أن الأوراق المصرفية هذه، أو بعبارة أخرى، النقود الورقية الوثيقة، لا يحتفظ مصدرها، سواء أكان البنك أم الحكومة، بمقدار من الذهب يساوي قيمتها تماما، كما هي الحال في النقود الورقية النائبة، بل يحتفظ المصدر الذي يصدر النقود الورقية الوثيقة في خزانته، في الأوقات العادية، باحتياطي معدني، ضمانا لهذه الأوراق، بنسبة معينة من قيمتها، قد تكون ثلاثة الأرباع، أو الثلثين، أو الثلث، أو نسبة مئوية معينة. فلذلك يعتبر المقدار من الأوراق المصرفية، الذي يقابله ما يعادل قيمته تماما من الاحتياطي المعدني نقودا ورقية نائبة. في حين يعتبر المقدار الباقي، الذي لا يقابله احتياطي معدني نقودا ورقية وثيقة، تستمد قوتها في التداول من ثقة الجمهور في الموقع عليها. فمثلا، يحتفظ مصدر الأوراق، مصرفا كان أو حكومة، في خزائنه، باحتياطي معدني قدره عشرون مليونا من الدنانير، ويصدر نقودا ورقية قدرها أربعون مليونا من الدنانير. فالعشرون مليونا من الأوراق المصرفية، أي من النقود الورقية التي لا يقابلها احتياطي معدني، هي نقود ورقية وثيقة، والعشرون مليونا من النقود الورقية التي يقابلها احتياطي معدني مساو لقيمتها، هي نقود ورقية نائبة. وعلى هذا، فالدولة التي تضع ذهبا أو فضة يساوي قيمة النقود الورقية، التي أصدرتها تماما، تعتبر نقودها نقودا ورقية نائبة، وتعتبر نقودا كاملة. أما الدول التي تضع معدنا من ذهب، أو فضة، لا يساوي قيمة النقود الورقية كاملة، وإنما يساوي جزءا من قيمتها، فإن هذه النقود تسمى نقودا وثيقة.
3. نقود ورقية غير قابلة للصرف: وتسمى أيضا نقودا ورقية إلزامية. ويطلق عليها اسم الأوراق النقدية. وهي أوراق تصدرها الحكومات، وتجعلها نقودا رئيسية، ولكنها لا تصرف بذهب أو فضة، ولا يضمنها احتياطي ذهب، أو فضة، أو أوراق مصرفية (بنكنوت)، ولكن يصدر بشأنها قانون، يعفي المصرف الذي أصدرها من التزام صرفها بالذهب أو الفضة”.
وقبل أن نودعكم مستمعينا الكرام نذكركم بأبرز الأفكار التي تناولها موضوعنا لهذا اليوم:
النقود المعدنية نوعان رئيسان هما:
يرجع الاقتصاديون أنواع النقود المعدنية إلى نوعين رئيسيين هما:
1. الأول: نظام المعدن الفردي الذي تكون النقود الرئيسية فيه قاصرة على مسكوكات معدن واحد.
2. الثاني: نظام المعدنين الذي تكون المسكوكات الذهبية والفضية على السواء نقودا رئيسية.
صفات نظام المعدنين: نظام المعدنين هذا يتضمن توفر ثلاث صفات:
الأولى: أن تكون للمسكوكات الذهبية والفضية قوة إبراء غير محدودة.
الثانية: أن تتوفر حرية الضرب بالنسبة لسبائك المعدنين.
الثالثة: أن يكون هناك نسبة قانونية بين قيمتي المسكوكات الذهبية والفضية.
ميزات نظام المعدنين: استعمال معدنين من النقود المعدنية خير من استعمال معدن واحد لأنه:
1. يجعل كمية النقود التي يجري بها التداول عظيمة.
2. استعمال مسكوكات المعدنين معا نقودا رئيسة يجعل الأثمان تحتفظ بمستوى مرتفع.
إيجابيات احتفاظ الأثمان بمستوى مرتفع:
احتفاظ الأثمان بمستوى مرتفع له إيجابيات متعددة منها أنه:
1. من شأنه أن يشجع على زيادة الإنتاج.
2. يجعل قيمة النقود أكثر ثباتا.
3. يجعل الأثمان أقل عرضة للتغييرات الشديدة التي تؤدي إلى اضطراب الحالة الاقتصادية.
أنواع النقود الورقية: النقود الورقية ثلاثة أنواع هي:
1. نقود ورقية نائبة: وهي أوراق تمثل كمية من الذهب والفضة على شكل نقود أو سبائك مودعة في مكان معين، لها من القيمة المعدنية ما لهذه الأوراق من القيمة الاسمية، وتصرف بها لدى الطلب.
2. نقود ورقية وثيقة: وهي أوراق يتعهد الموقع عليها بدفع مبلغ معين من النقود المعدنية لحاملها، وتتوقف قيمتها في التداول على ما يتوفر من الثقة في الموقع عليها، وعلى قدرته في الوفاء بتعهده. فإذا كان موثوقا به لدى الجمهور، سهل استعمالها في التداول كالمسكوكات. 3. نقود ورقية غير قابلة للصرف: وتسمى أيضا نقودا ورقية إلزامية. ويطلق عليها اسم الأوراق النقدية. وهي أوراق تصدرها الحكومات، وتجعلها نقودا رئيسية، ولكنها لا تصرف بذهب أو فضة، ولا يضمنها احتياطي ذهب، أو فضة.
إلقاء الضوء على النقود الورقية الوثيقة:
1. النوع الرئيس لهذه النقود هي الأوراق المصرفية، التي يصدرها مصرف معروف وموثوق به لدى الجمهور.
2. النقود الورقية الوثيقة لا يحتفظ مصدرها سواء أكان البنك أم الحكومة، بمقدار من الذهب يساوي قيمتها تماما، كما هي الحال في النقود الورقية النائبة.
3. يحتفظ المصدر الذي يصدر النقود الورقية الوثيقة في خزانته، في الأوقات العادية، باحتياطي معدني، ضمانا لهذه الأوراق، بنسبة معينة من قيمتها. قد تكون النسبة ثلاثة الأرباع، أو الثلثين، أو الثلث، أو نسبة مئوية معينة.
4. يعتبر المقدار من الأوراق المصرفية، الذي يقابله ما يعادل قيمته تماما من الاحتياطي المعدني نقودا ورقية نائبة.
5. يعتبر المقدار الباقي، الذي لا يقابله احتياطي معدني نقودا ورقية وثيقة، تستمد قوتها في التداول من ثقة الجمهور في الموقع عليها.
مثال توضيحي للنقود الورقية الوثيقة:
1. يحتفظ مصدر الأوراق، مصرفا كان أو حكومة، في خزائنه، باحتياطي معدني قدره عشرون مليونا من الدنانير، ويصدر نقودا ورقية قدرها أربعون مليونا من الدنانير.
2. العشرون مليونا من الأوراق المصرفية، أي من النقود الورقية التي لا يقابلها احتياطي معدني، هي نقود ورقية وثيقة.
3. العشرون مليونا من النقود الورقية التي يقابلها احتياطي معدني مساو لقيمتها، هي نقود ورقية نائبة.
خلاصة البحث في النقود الورقية الوثيقة:
1. الدولة التي تضع ذهبا أو فضة يساوي قيمة النقود الورقية التي أصدرتها تماما، تعتبر نقودها نقودا ورقية نائبة، وتعتبر نقودا كاملة.
2. الدول التي تضع معدنا من ذهب، أو فضة، لا يساوي قيمة النقود الورقية كاملة، وإنما يساوي جزءا من قيمتها، فإن هذه النقود تسمى نقودا وثيقة.
أيها المؤمنون:
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. نشكركم على حسن استماعكم, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.