لا تقصفوا سوريا! (مترجم)
الخبر:
اندلعت احتجاجات حاشدة في لندن ومدن أخرى عديدة في جميع أنحاء البلاد تدعو الحكومة إلى عدم توجيه ضربات جوية إلى سوريا. وقد رفعت لافتات كثيرة تحمل شعار “لا تقصفوا سوريا” كما خرج آلاف المحتجين إلى شوارع العاصمة البريطانية لإيصال صوتهم، في مظاهرة نظمها تحالف “أوقفوا الحرب”. بدأت المظاهرة في لندن من شارع داوننغ 10 خارج مقر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون. وقد كان سببها الاحتجاج على تصويت البرلمان على خطة لدعم توجه الحكومة البريطانية إلى بدء قصف تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا. (المصدر: RT)
التعليق:
أظهرت هذه المسيرات في كل من بريطانيا وإسبانيا في 28/11/2015 تزايدا في أعداد أولئك الذين يدركون أن إلقاء مزيد من القنابل على سوريا ليس هو الحل للصراع المستمر فيها. وقد قامت مجموعة من موسيقيين وسياسيين وأكادميين وفنانين بريطانيين بكتابة بريد إلكتروني قاموا بتوجيهه لديفيد كاميرون يحثونه فيه على عدم توجهه لقصف سوريا، موضحين بأن حملة القصف هذه لن تساعد في مكافحة الإرهاب، لا بل إنها ستفاقم من الوضع. وعلى الرغم من هذه الإجراءات والاعتصامات إلا أن المتظاهرين أقروا بأن رئيس الوزراء البريطاني سيتمكن من الحصول على تصويت مجلس العموم لصالح قصف سوريا وذلك في وقت يشن فيه حملة جادة يسعى من خلالها لجعل أعضاء أحزاب المعارضة يساندون توجهاته هذه. وفي أعقاب هجمات باريس أصبح هناك رأي عام قوي عند كلا الجانبين؛ أولئك الذين يريدون أن يقضوا على تنظيم الدولة، والذين يعرفون أن مثل هذه السياسة الخارجية خلقت انعداما للأمن في شوارع أوروبا.
إن الديمقراطية في حقيقتها تظهر بأن أولئك المنتَخَبين الذين يفترض بهم تمثيل الجماهير المنتخِبة يفعلون في الواقع ما يريدونه هم ويرغبون به. تماما كما فعل توني بلير عندما أقدم على المشاركة في الحرب على العراق عام 2003 مع نقص واضح في المعلومات الاستخباراتية كما أصبحنا نعلم الآن. أما عن المعتصمين فسيسمح لهم بالاحتجاج ورفع أصواتهم عاليا كما سيتم احترام مبدأ حرية التعبير عند قيامهم بذلك. وفي المقابل فإن حججهم القوية التي سيقدمونها ستُتجاهل وهذا أيضا جزء من العملية الديمقراطية.
وفي الصراع السوري، فإن جميع القرارات المتخذة تستند حتى الآن إلى النموذج العلماني الرأسمالي ولا تخدم إلا أهواء أولئك الرأسماليين الذين يضحون بحياة الإنسان من أجل منافعهم المادية. وإن حرية التعبير ورفع الصوت للاحتجاج تصبح محددة مقيدة عندما لا يتعرض المسؤولون وأصحاب القرار في الدولة للمساءلة الحقيقية. أما عن أصوات المحتجين والناشطين فإنها تندثر وتُخفى ولا يلقى لها بال في سبيل تحقيق مزايا استراتيجية ومكاسب مادية على المدى الطويل.
لقد آن الاوان لكي يرى أولئك الذين رأوا عيوب تصرفات رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، البديل الحقيقي في نظام سامٍ راقٍ، هو نظام الخلافة. ففي نظام الخلافة على منهاج النبوة لم يُترك التشريع للبشر وبالتالي فإن الحلول التي قدمها لا تزيد من تفاقم المشكلة. وكل الأفعال مرتبطة في ظل هذا النظام برضا الله ومحاسبته تعالى، كما أن الأمة تعطي البيعة للخليفة ليحكم بالإسلام، لا لينجر ويصبح تابعا لقوى أخرى لمساعدتها في تحقيق أهدافها السياسية. أما عن رعايا دولة الخلافة فإن لهم ليس حق إبداء الرأي فحسب بل واجب إبداء الرأي والمحاسبة (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر). وعلى الرغم من هذا كله فإذا ما تعدى الخليفة حدوده التي أمره بها الشرع فإنه سيتعرض للمساءلة والمحاسبة العادلة الحقيقية وربما يعزل.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
نادية رحمان – باكستان