مع الحديث الشريف – باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين والمنافقين
نحييكم جميعا أيها الأحبة المستمعون في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في صحيح الإمام مسلم في شرح النووي “بتصرف” في “باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين والمنافقين”.
حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار واللفظ لابن المثنى قالا: حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة قال: سمعت أبا إسحق يحدث عن عمرو بن ميمون عن عبد الله قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجد وحوله ناس من قريش، إذ جاء عقبة بن أبي معيط بسلا جزور، فقذفه على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يرفع رأسه، فجاءت فاطمة فأخذته عن ظهره ودعت على من صنع ذلك فقال: اللهم عليك الملأ من قريش، أبا جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وعقبة بن أبي معيط، وشيبة بن ربيعة، وأمية بن خلف أو أبي بن خلف شعبة الشاك، قال: فلقد رأيتهم قتلوا يوم بدر فألقوا في بئر غير أن أمية أو أبيا تقطعت أوصاله فلم يلق في البئر.
قوله: “تقطعت أوصاله فلم يلق في البئر” الأوصال: المفاصل.
يقول الله تعالى: ((لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَاب مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيرًا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ)).
هذه هي سنة الله في خلقه، هذه هي سنة الله في كونه، أن يُبتلى المرء بالنفس وبالمال، وأن يُصاب بالضرر والأذى فيسمع ما لا يطيق، ويطلب من ربّه أن يصبر، ليحقق ما يريد، فلا يمكن الوصول إلا على جسر من التعب ومن المشقة والعناء والأذى. وإذا كانت هذه هي الحال مع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حبيب الله وسيد الخلق وإمام المرسلين، فكيف بنا نحن اليوم وبما نلاقيه؟ لا بد إذن من أن نبتلى وأن نُصاب بالشدّة والبأس.
أيها المسلمون لا بد من الصبر على الشدائد مهما كانت، ولكن أي صبر؟ بالطبع ليس صبر الاستكانة والقبول بالأمر الواقع، بل صبر الثبات على الطريق وعلى الحق، والصبر على مشاقّ العمل لتغيير هذا الواقع المؤلم، الصبر على تبعات عملية التغيير الجذرية. فإن من أكبر الشدائد التي تحياها الأمة اليوم، وجود حكام عليها ليسو منها وليست منهم، لا يحكمونها بما أنزل الله، وكفى بها شدة، وإن من أكبر البأس أن تحكم هذه الأمة الكريمة بدساتير الكفر البواح، وإن من أكبر الهموم الأخذ على يد الظالم وقصره على الحق قصرا، وأطره على الحق أطرا، وعندما قامت الأمة بهذا الفرض العظيم في تونس ومصر وسوريا وغيرها من بلاد المسلمين سالت الدماء أنهارا، وتولى كبرها الحكام المجرمون، حكام الفترة الجبرية والتي بدأت أصنامها بالتساقط كحجارة النرد، والتي ستكون عاقبتها خلافة على منهاج النبوة قريبا إن شاء الله، لِتُنار الكرة الأرضية من جديد بنور الله والقرآن العظيم.
احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كتبه للإذاعة: أبو مريم