الحمد لله الذي شرع للناس أحكام الرشاد, وحذرهم سبل الفساد, والصلاة والسلام على خير هاد, المبعوث رحمة للعباد, الذي جاهد في الله حق الجهاد, وعلى آله وأصحابه الأطهار الأمجاد, الذين طبقوا نظام الإسلام في الحكم والاجتماع والسياسة والاقتصاد, فاجعلنا اللهم معهم, واحشرنا في زمرتهم يوم يقوم الأشهاد يوم التناد, يوم يقوم الناس لرب العباد.
أيها المؤمنون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: نتابع معكم سلسلة حلقات كتابنا إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي, ومع الحلقة السادسة والثمانين بعد المائة, وعنوانها: “العلاقة النقدية بين الدول”. نتأمل فيها ما جاء في الصفحة الحادية عشرة بعد الثلاثمائة من كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام للعالم والمفكر السياسي الشيخ تقي الدين النبهاني.
يقول رحمه الله: التجارة الخارجية توجد علاقة نقدية بين الدول؛ لأنه لا بد من أن تدفع الدولة ثمن البضائع بعملة البلد التي تستورد منها، أو بالعملة التي تقبلها. ولا بد من أن تقبض ثمن البضاعة التي تبيعها بعملتها، أو بالعملة التي تريدها، وبذلك توجد العلاقة النقدية بين الدول.
وهناك تبادل السلع، أو الصادرات والواردات المنظورة، وهناك تبادل الخدمات، أو ما يسمى بالصادرات والواردات غير المنظورة، وهي تشمل خدمات النقل، كنقل الركاب، وشحن البضائع بين الدول، وأجور البريد، والتلغراف، والتلفون الدولي، والخدمات التجارية، وما تستلزمه من دفع عمولة، أو سمسرة، للوكلاء والسماسرة، وكذلك جميع الخدمات المرتبطة بحركة السياحة.
فعندما يذهب السائح إلى بلد أجنبي، وينفق فيه بعض دخله، فإنه يأخذ أموالا من أمواله، ولكنه يأخذ من دولته ما يمكنه من الإنفاق في البلد الذي يذهب إليه، إما إذنا بإنفاق مبلغ معين من عملة ذلك البلد لتغطيه دولته من عملتها، أو إذنا بعملة مقبولة في ذلك البلد، مما توفر لدى الدولة من هذه العملة. وإننا لأجل أن ندفع قيمة الواردات، نعرض عملتنا الأهلية طالبين العملة الأجنبية، أو نعرض بضاعتنا في البلاد الأجنبية، من أجل الحصول على عملتها. فالحصول على عملات أجنبية أمر ضروري للدولة، ليتأتى لها إيجاد علاقة تجارية، أو علاقة اقتصادية مع الدول.
إلا أنه لا يجوز أن نضحي بعملتنا فنعرضها للاضطراب، وزعزعة الثقة بها في سبيل إيجاد علاقة تجارية، أو اقتصادية، بل يجب أن نجعل تحكمنا نحن في العلاقات الاقتصادية الخارجية – تجارية كانت، أو غير تجارية – أساسا من أسس هذه العلاقات. وبذلك يتيسر لنا المحافظة على عملتنا، مع حصولنا على العملات الأجنبية التي نريدها. وللمساعدة على ذلك يجب أن تتجنب الدولة أخذ القروض، سواء أكانت قصيرة الأجل أم طويلة الأجل، لأنها من الأشياء التي تسبب اضطرابا في سوق عملتنا، كما قد تسبب هبوطا في قيمة نقدنا”.
وقبل أن نودعكم مستمعينا الكرام نذكركم بأبرز الأفكار التي تناولها موضوعنا لهذا اليوم:
التجارة الخارجية توجد علاقة نقدية بين الدول:
التجارة الخارجية توجد علاقة نقدية بين الدول لسببين اثنين:
1. لأنه لا بد من أن تدفع الدولة ثمن البضائع بعملة البلد التي تستورد منها، أو بالعملة التي تقبلها.
2. لأنه لا بد من أن تقبض ثمن البضاعة التي تبيعها بعملتها، أو بالعملة التي تريدها.
العلاقات النقدية بين الدول:
العلاقات النقدية بين الدول تشمل التبادلات الآتية:
1. تبادل السلع، أو الصادرات والواردات المنظورة.
2. تبادل الخدمات أو ما يسمى بالصادرات والواردات غير المنظورة، وهي تشمل خدمات النقل، كنقل الركاب، وشحن البضائع بين الدول، وأجور البريد، والتلغراف، والتلفون الدولي، والخدمات التجارية، وما تستلزمه من دفع عمولة، أو سمسرة، للوكلاء والسماسرة، وكذلك جميع الخدمات المرتبطة بحركة السياحة.
أثر السياحة في العلاقات النقدية بين الدول:
1. عندما يذهب السائح إلى بلد أجنبي، وينفق فيه بعض دخله، فإنه يأخذ أموالا من أمواله.
2. يأخذ السائح من دولته ما يمكنه من الإنفاق في البلد الذي يذهب إليه وهو أحد أمرين:
1) إما أن يأخذ إذنا بإنفاق مبلغ معين من عملة ذلك البلد لتغطيه دولته من عملتها.
2) أو أن يأخذ إذنا بعملة مقبولة في ذلك البلد، مما توفر لدى الدولة من هذه العملة.
كيف تدفع الدولة قيمة الواردات:
لأجل أن ندفع قيمة الواردات نتبع إحدى الطريقتين الآتيتين:
1. إما أن نعرض عملتنا الأهلية طالبين العملة الأجنبية.
2. أو نعرض بضاعتنا في البلاد الأجنبية، من أجل الحصول على عملتها.
الحصول على عملات أجنبية مع المحافظة على عملتنا:
لكي يتيسر لنا المحافظة على عملتنا، مع حصولنا على العملات الأجنبية التي نريدها ينبغي أن نتنبه إلى الأمور الآتية.
1. الحصول على عملات أجنبية أمر ضروري للدولة؛ لإيجاد علاقة تجارية أو اقتصادية مع الدول.
2. لا نضحي بعملتنا فنعرضها للاضطراب وزعزعة الثقة في سبيل إيجاد علاقة تجارية أو اقتصادية.
3. يجب أن نجعل تحكمنا نحن في العلاقات الاقتصادية الخارجية أساسا من أسس هذه العلاقات.
4. للمساعدة على ذلك يجب أن تتجنب الدولة أخذ القروض، سواء أكانت قصيرة الأجل أم طويلة الأجل، لأنها من الأشياء التي تسبب اضطرابا في سوق عملتنا، كما قد تسبب هبوطا في قيمة نقدنا.
أيها المؤمنون:
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. نشكركم على حسن استماعكم, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.