Take a fresh look at your lifestyle.

إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي (ح 187) سياسة التجارة الخارجية: حرية المبادلة

 

الحمد لله الذي شرع للناس أحكام الرشاد, وحذرهم سبل الفساد, والصلاة والسلام على خير هاد, المبعوث رحمة للعباد, الذي جاهد في الله حق الجهاد, وعلى آله وأصحابه الأطهار الأمجاد, الذين طبقوا نظام الإسلام في الحكم والاجتماع والسياسة والاقتصاد, فاجعلنا اللهم معهم, واحشرنا في زمرتهم يوم يقوم الأشهاد يوم التناد, يوم يقوم الناس لرب العباد.

أيها المؤمنون:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: نتابع معكم سلسلة حلقات كتابنا إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي, ومع الحلقة السابعة والثمانين بعد المائة, وعنوانها: “سياسة التجارة الخارجية: حرية المبادلة” نتأمل فيها ما جاء في الصفحة الثانية عشرة بعد الثلاثمائة من كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام للعالم والمفكر السياسي الشيخ تقي الدين النبهاني.

يقول رحمه الله: “التجارة الخارجية هي علاقة الدولة بغيرها من الدول، والشعوب، والأمم، من ناحية تجارية، أي هي رعاية شؤون الأمة التجارية من ناحية خارجية، ولا بد من أن تكون هذه السياسة مبنية على أسس معينة، تتقيد بحسب هذه الأسس.

وتختلف نظرة الأمم للتجارة الخارجية تبعا لاختلاف وجهة نظرها للحياة، فتعين بحسبها علاقاتها مع الأمم الخارجية. كما تختلف أيضا باختلاف نظرتها لمصلحتها الخاصة اقتصاديا، لتحقيق الربح الاقتصادي.

ومن هنا نجد سياسة التجارة الخارجية لدى الاشتراكيين في الاتحاد السوفييتي قبل انهياره في بداية التسعينيات، كانت مبنية على نظرتهم الاشتراكية في تطوير العالم. فهم مع ملاحظتهم للربح الاقتصادي يصنفون السلع بالنسبة للبلدان، فقد كانوا يحاولون أن يبيعوا سوريا أدوات زراعية، وسمادا، وأدوية، وأدوات صناعية للصناعات التي تنتج ما يستهلك، كصناعات الجبن، والثياب، وأدوات الحراثة، وما شابهها، مما يساعد في نظرهم على تطويرهم وتقريبهم من النظرية الاشتراكية. وحين يستوردون بضاعة لا يستوردون إلا ما يزيد الإنتاج، وما هم في حاجة إليه فحسب، بخلاف البلدان الرأسمالية -كإنجلترا مثلا- فإنها تسير وراء الربح المادي، جاعلة النفعية أساسا لسياسة التجارة الخارجية، فتبيع كل شيء لجميع الشعوب والأمم، ما دام يحقق ربحا اقتصاديا.

أما ما تفعله أمريكا من تقييد التجارة مع روسيا، والصين في أصناف معينة، ومنع التجارة معهما في أصناف أخرى، فإن ذلك ليس تابعا لوجهة النظر، بل تابع للسياسة الحربية، باعتبار أنها تعاملهما كدولتين محاربتين حكما، وإن لم تكونا محاربتين لها فعلا. وما عدا ذلك فإن أساس سياسة التجارة عند أمريكا قائم على النفعية.

إلا أن الاقتصاديين الغربيين اختلفوا في النظرة إلى التجارة الخارجية، وكانت لهم فيها مذاهب مختلفة، منها المذاهب التالية: حرية المبادلة, والحماية التجارية, والاقتصاد القومي, والسياسة الاكتفائية, وحديثنا في هذا اللقاء عن المذهب الأول ألا وهو حرية المبادلة.

المذهب الأول حرية المبادلة:

يقول الشيخ تقي الدين رحمه الله: “ونظرية حرية المبادلة تقضي بأن تجري المبادلات التجارية بين الدول دون أي قيد، وبعدم فرض أي رسم جمركي، أو أي حاجز يواجه الاستيراد. وهذا المذهب يعني زوال رقابة الدولة، فإنها لا تعود مكلفة لا بمراقبة التصدير، ولا بمراقبة الاستيراد، باعتبار أن التوازن بين التصدير والاستيراد تؤمنه القوانين الطبيعية، فهو توازن طبيعي وآلي.

وهذه النظرية تخالف الإسلام؛ لأن التجارة الخارجية علاقة من علاقات الدولة مع غيرها من الدول والشعوب والأمم، وهذه العلاقات كلها خاضعة لسيطرة الدولة، فهي التي تقوم بتنظيمها، وتشرف مباشرة عليها، سواء أكانت علاقات بين أفراد، أم علاقات اقتصادية، أم تجارية. ولذلك لا يصح الأخذ بنظرية حرية المبادلة مطلقا؛ لأن الدولة الإسلامية تباشر منع إخراج بعض التجارات، وإباحة بعضها، وتباشر موضوع التجار الحربيين والمعاهدين، وإن كانت تكتفي بالإشراف على رعاياها في تجارتهم الخارجية كتجارتهم الداخلية.

وقبل أن نودعكم مستمعينا الكرام نذكركم بأبرز الأفكار التي تناولها موضوعنا لهذا اليوم:

تعريف التجارة الخارجية:

التجارة الخارجية هي علاقة الدولة بغيرها من الدول، والشعوب، والأمم، من ناحية تجارية، أي هي رعاية شؤون الأمة التجارية من ناحية خارجية.

لا بد للتجارة الخارجية من أسس:

لا بد من أن تكون السياسة مبنية على أسس معينة، تتقيد بحسب هذه الأسس.  

نظرة الأمم للتجارة الخارجية:

1.    تختلف نظرة الأمم للتجارة الخارجية تبعا لاختلاف وجهة نظرها للحياة، فتعين بحسبها علاقاتها مع الأمم الخارجية.
2.    كما تختلف أيضا باختلاف نظرتها لمصلحتها الخاصة اقتصاديا، لتحقيق الربح الاقتصادي.

سياسة التجارة الخارجية لدى الشيوعيين:

1.    سياسة التجارة الخارجية لدى الاشتراكيين في الاتحاد السوفييتي قبل انهياره في بداية التسعينيات كانت مبنية على نظرتهم الاشتراكية في تطوير العالم:
2.    مع ملاحظة الشيوعيين للربح الاقتصادي يصنفون السلع بالنسبة للبلدان، فقد كانوا يحاولون أن يبيعوا سوريا أدوات زراعية، وسمادا، وأدوية، وأدوات صناعية للصناعات التي تنتج ما يستهلك، كصناعات الجبن، والثياب، وأدوات الحراثة، وما شابهها، مما يساعد في نظرهم على تطويرهم وتقريبهم من النظرية الاشتراكية.
3.    وحين يستوردون بضاعة لا يستوردون إلا ما يزيد الإنتاج، وما هم في حاجة إليه فحسب.

سياسة التجارة الخارجية لدى الرأسماليين:

1.    البلدان الرأسمالية -كإنكلترا مثلا- فإنها تسير وراء الربح المادي، جاعلة النفعية أساسا لسياسة التجارة الخارجية، فتبيع كل شيء لجميع الشعوب والأمم، ما دام يحقق ربحا اقتصاديا.
2.    ما تفعله أمريكا من تقييد التجارة مع روسيا، والصين في أصناف معينة، ومنع التجارة معهما في أصناف أخرى، فإن ذلك ليس تابعا لوجهة النظر، بل تابع للسياسة الحربية، باعتبار أنها تعاملهما كدولتين محاربتين حكما، وإن لم تكونا محاربتين لها فعلا.
3.    ما عدا ذلك فإن أساس سياسة التجارة عند أمريكا قائم على النفعية. 

مذاهب الاقتصاديين الغربيين في النظرة إلى التجارة الخارجية:

اختلف الاقتصاديون الغربيون في النظرة إلى التجارة الخارجية، وكانت لهم فيها أربعة مذاهب هي: حرية المبادلة, والحماية التجارية, والاقتصاد القومي, والسياسة الاكتفائية, وحديثنا في هذا اللقاء عن المذهب الأول ألا وهو حرية المبادلة.

     المذهب الأول حرية المبادلة:

1.    نظرية حرية المبادلة تقضي بأن تجري المبادلات التجارية بين الدول دون أي قيد، وبعدم فرض أي رسم جمركي، أو أي حاجز يواجه الاستيراد.
2.    هذا المذهب يعني زوال رقابة الدولة، فإنها لا تعود مكلفة لا بمراقبة التصدير، ولا بمراقبة الاستيراد، باعتبار أن التوازن بين التصدير والاستيراد تؤمنه القوانين الطبيعية، فهو توازن طبيعي وآلي.
3.    هذه النظرية تخالف الإسلام؛ لأن التجارة الخارجية علاقة من علاقات الدولة مع غيرها من الدول والشعوب والأمم، وهذه العلاقات كلها خاضعة لسيطرة الدولة، فهي التي تقوم بتنظيمها، وتشرف مباشرة عليها، سواء أكانت علاقات بين أفراد، أم علاقات اقتصادية، أم تجارية.
4.    لا يصح الأخذ بنظرية حرية المبادلة مطلقا؛ لأن الدولة الإسلامية تباشر منع إخراج بعض التجارات، وإباحة بعضها، وتباشر موضوع التجار الحربيين والمعاهدين، وإن كانت تكتفي بالإشراف على رعاياها في تجارتهم الخارجية كتجارتهم الداخلية. 

أيها المؤمنون:

نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. نشكركم على حسن استماعكم, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.