ماذا يعني أن تُحكم أمريكا قبضتها ثانية على سوريا
لقد كانت ثورة الشام وما زالت ثورة فريدة من نوعها لم تشبه ما سبقها من ثورات؛ ثورة أبية تقية علت فيها الحناجر بـ”هي لله هي لله” و”الأمة تريد خلافة من جديد” لتعكس وعيا كبيرا وهدفا نبيلا وغاية تعانق السماء رفعة؛ كل ذلك هو ما جعلها محط الأنظار وخاطفة الأبصار ومحبطة خطط الكفار.
لقد تكالب عليها الجميع وكثرت حولها المؤامرات والمخططات والسبب الرئيسي أنّ البديل الإسلامي المنشود على الأرض قد أرعب أرباب الكفر وجعلهم يتأبهون ويجتمعون على منع المارد النائم من الاستيقاظ وعودته للفعل والتأثير بل جعلهم يجتمعون على منع ذلك مهما كان الثمن!!!
مبادرة تلو المبادرة؛ واحدة أمريكية وأخرى روسية وثالثة صينية ورابعة عربية وغيرها؛ ومؤتمرات تتبعها أخرى بدءاً بجنيف مرورا بموسكو وفينا وباريس وصولا للرياض؛ الغاية واحدة فيها كلها والهدف الوحيد هو الحفاظ على النظام العلماني البالي وضمان المصالح والنفوذ في المنطقة.
لقد كان بشار وما زال عميلا أمريكيا بامتياز مما جعل اهتمام أرباب البيت الأبيض بثورة الشام المباركة اهتماما لا مثيل له، ومما جعلهم أيضا يقفون خلف أغلب المبادرات والمؤتمرات بشكل واضح في بعض الأحيان ومن وراء ستار في بعضها الآخر. ولكن المتابع بشكل دقيق لمجريات الأمور في سوريا يدرك أنّ الكفار عامة وأمريكا خاصة قد استعصى عليهم السيطرة على الأمور فلم يقدروا حتى الآن على إحكام القبضة من جديد وعودة الحال إلى ما قبل خروج الناس مناشدين التغيير ولو مع بعض الرتوش والتجميل.
لم تنجح أمريكا خصوصا؛ لأنّ الأمر يعنيها أكثر من غيرها؛ في إجهاض حراك الناس أو حرفه عن مساره وتنصيب عميل جديد لها ولم يُفِدْها جهدها الكبير الذي بذلته في شراء الذمم السياسية والعسكرية، عن طريق المجالس العسكرية وعن طريق المجالس والائتلافات السياسية؛ لم يفدها كل ذلك إلى الآن وجعلها تتخبط لا تدري ما الحل أو كيفية الخروج من مأزقها. فالناس قد بان منهم وعي كبير بفضله باتت المخططات والألاعيب مفضوحة وعلى ضوء انكشافها رفضوها وداسوها بأرجلهم مواصلين دربهم.
إلا أن استمرار الثورة على هذه الشاكلة يعتبر أمراً خطيراً يرهبه الكفار فهو يهدد نفوذهم ولذلك فهم لن يدخروا جهدا أبدا علّهم يجدون بديلا أو مخرجا وهم لن يتوانوا عن فعل أي شيء في سبيل ذلك ولو إبادة ملايين من المسلمين أو إنفاق البلايين لإيجاد عميل يرضى عنه الناس ويكفيهم شرّ مطالبتهم بتحكيم الإسلام.
فماذا سيحدث يا ترى لو نجحوا في مسعاهم؟؟ ماذا لو استطاعوا بمكرهم وكيدهم خداع أهلنا في سوريا أو تركيعهم وجعلهم يقبلون بمشروع أمريكي بديل عن بشار؟؟ ماذا لو نجحوا في ذلك في هذه الفترة من خلال ما يتمخض عن الرياض أو ما بعده؟؟
ماذا يعني لو تُحكِم أمريكا قبضتها من جديد وتستتبّ لها الأمور وتخرج من مأزقها؟؟
إنه يعني حقا ضياع كل الجهود سدى؛ إنه يعني ذهاب الأرواح التي أزهقت خسارة؛ وأن شلالات دماء الثوار الزكية الذين رفعوا راية لا إله إلا الله ونادوا بتحكيم شرع الله ستغدو هباء منثورا؛ وأن أكثر من 215 ألف قتيل من بينهم أكثر من عشرة آلاف طفل ستكون ديتهم رخيصة رخيصة ولن يُقتص لهم ولن يحاسب المجرم الذي أرداهم!
وقبل ذلك والأهم سيكون تنكُّب عن درب هي لله هي لله وخيانة لله وللرسول وللمؤمنين؛ واتباع لطريق الشيطان وما يعد الشيطان إلا غرورا؛ سيكون وأد للثورة وللتغيير بل وأد لآمال أمة تعلق بصرها وفؤادها بأهل الشام صفوة خلق الله. سيكون ذلك والله خسران مبين وجعل للكافرين سبيلا على المؤمنين وانتصار للباطل وأعوانه وركون إلى الدنيا والكفر، ومعاذ الله أن يقبل مسلم ضرب الإسلام بجذوره في قلبه وفكره بهذا. معاذ الله أن تُرتضى العلمانية المقيتة بعد كل تلك التضحيات والوعي والإباء والثبات والصبر. معاذ الله أن يُقبل بما هو دون تطبيق الشرع الحنيف كاملا مكملا.
نسأل الله العليّ العظيم أن لا يرينا في ثورة الشام الأبية ما يميت نفوسنا كمدا وحزنا، وأن يربط على قلوب إخواننا ويثبتهم وينجيهم من كل المؤامرات، كما نسأله تعالى أن يوفق حملة الدعوة الإسلامية لترشيد الرأي العام أكثر وأكثر فيواصل الأخيار في سوريا صفع أمريكا وعملائها وكل كافر خسيس.
فيا ربنا ومولانا وسيدنا كن مع إخواننا ولا تتركهم يحيدون قيد أنملة عن السعي لإقامة صرح الخلافة الراشدة على منهاج النبوة وعجل لنا بنصرك ووعدك وتمكينك لنمحق دابر الكافرين. اللهم آمين اللهم آمين اللهم آمين
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
هاجر اليعقوبي – تونس