ألِهذا استشهد الآلاف وهُجّر الملايين من أهل الشام؟!
ها هم من يصفون أنفسهم بممثلي الشعب السوري يجتمعون في الرياض، البلد الذي يحفل بالطواغيت والظالمين الهاربين من شعوبهم، أمثال بن علي، الذي أذاق شعبه الويل والهوان، وأمثال هادي، الذي اشترى بدماء شعبه كرسيًا ذليلًا ملطخًا بالدماء، وغيرهما. يريدون من خلال هذا الاجتماع تضييع التضحيات الكثيرة التي بذلها أهل الشام، وسرقة هذه الثورة المباركة، من أجل مصلحة الغرب، وعلى رأسه أمريكا، يريدون أن ينهوا هذه الثورة كما انتهت غيرها. والعميل السعودي هو الوسيط هذه المرة، وهو أهل لذلك، وكل إناء بما فيه ينضح.
وهذا الاجتماع له أجندة خاصة مُعدّة من قبل الغرب، ويريد من المجتمعين المصادقة عليها بوصفهم “ممثلين للشعب”، الذي يقول “الموت ولا المذلة”. هذه الأجندة هي الإبقاء على الأسد والدولة المدنية الديمقراطية كنظام حكم، وهذه جريمة بكل ما في الكلمة من معنى، جريمة شرعية، وأخلاقية، وإنسانية. جريمة شرعية لأن أي نظام حكم غير الإسلام هو نظام كفر، والله وحده له الحق في التشريع ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ﴾. وجريمة أخلاقية بأن لا يُعاقب من قتّل وشرّد الملايين. وجريمة إنسانية، لأنه بعد كل الجرائم ضد الإنسانية التي ارتُكبت في سوريا يُراد إبقاء الوضع على ما كان عليه في السابق، لا يتغير شيء، سوى أن أصحاب الفنادق والمال السياسي سيصبحون تحت حكم نظام الأسد الجديد.
والأمر الآخر اللافت للنظر هو من وُجهت لهم الدعوة لحضور الاجتماع بصفتهم “ممثلين” للشعب السوري، وهم الائتلاف، الذي أثبت أنه لا يمثل إلا نفسه، بعد أن أُلقي به على ناصية الطريق، فأصبح بلا عمل، لا نسمع به إلا عندما تكون هناك مؤامرة جديدة تُحاك ضد أهل الشام الأبطال. والمعارضة، التي صنعها النظام بهدف الإبقاء على النظام الذي يقصف المسلمين صباح مساء، وهي أيضًا لا تمثل سوى نفسها. وآخر المدعوين هما فصيلان عسكريان من فصائل “المعارضة” كما يصفونها، وهما معروفان عند كل أهل الشام بعلاقاتهما الحميمة مع النظام السعودي، وقبولهما المال السياسي القذر الذي ترسله لهما. والغريب أن هذين الفصيلين مرابطان في الغوطة منذ مدة، ولم نسمع عن حراك أو إنجاز على الأرض من طرفهما، وكأنه قيل لهما ناموا فما فاز إلا النوم! يقدَّم هذان الفصيلان لإضفاء الشرعية على الاجتماع، الذي هو حقيقة مؤامرة فاشلة إن شاء الله كغيرها من المؤامرات، ستُظهر للناس من هم أعداء هذه الثورة، ومن هم العملاء، ومن يسعى لاستغلال الثورة من أجل مصالحه الضيقة.
إن هذه الثورة المباركة التي سقط فيها الآلاف بل مئات الآلاف من الشهداء والجرحى، وهجر الملايين، لن يرضي أهلها إلا ما يرضي ربهم عز وجل، وهو نظام وقانون يعيد العدل، ويعطيهم حقهم الذي سُلب منهم، ويأخذون حقهم من الظلمة، ولن يقبل المخلصون بأقل من الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة. فارشدوا يا من اجتمعتم ضد أهلكم.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. ماهر صالح – أمريكا
2015_12_12_Art_Riyadh_Conspiracy_on_Ash-Sham_revolution_AR_OK_1.pdf