تعميم الخوف من الإسلام في الدول الغربية (مترجم) الخبر:
الخبر:
في يوم الاثنين 7 كانون الأول/ديسمبر، دعا المرشح الجمهوري المحتمل للرئاسة الأمريكية، دونالد ترامب، إلى “منع كامل وشامل للمسلمين من دخول الولايات المتحدة”. وكان قد أعلن في وقت سابق عن دعمه تنفيذ سياسات صارمة في رصد ومتابعة جميع المسلمين الذين يعيشون في البلد مطالبا ببطاقة هوية خاصة بهم في سياسة مشابهة بالسياسة الفاشية التي اعتمدها النازيون ضد اليهود في أوروبا. لم يكن ترامب وحده في هذا التصريح المفتوح من الخطابة المعادية للمسلمين. فقد حذا حذوه مرشحو الحزب الجمهوري المنافسين له للفوز بترشيح الحزب. حيث ذكر كل من حاكم ولاية فلوريدا، جيب بوش، والسناتور تيد كروز، أن الولايات المتحدة يجب أن تقبل فقط لاجئي سوريا النصارى لإعادة توطينهم في البلاد بسبب “خطر الإرهاب” الذي قد يشكله اللاجئون المسلمون. في حين شبّه بن كارسون لاجئي سوريا بـ”الكلاب المسعورة” وذكر في مقابلة مع سي إن إن: “لدي مشكلة مع شخص يعتنق جميع المبادئ المرتبطة بالإسلام، إذا لم يتخل تماما عن أحكام الشريعة الإسلامية وجميع أجزائها التي تحدث عنها القرآن الكريم”..
التعليق:
أدان العديد من المعلقين والسياسيين – محليا ودوليا – بصدق تعليقات ترامب الفاحشة البغيضة. لكن، ما كان غائبا هو إدانة النظام الديمقراطي العلماني في الولايات المتحدة والذي يسمح بمثل هذه التصريحات المتعصبة من ترامب وأمثاله بأن يتم الإفصاح عنها علنا والاهتمام بها تحت عنوان مشكوك فيه من الخطاب السياسي، بدلا من أن يتم تصنيفها على أنها جرائم التحريض الديني أو الكراهية العنصرية. هؤلاء المرشحون الجمهوريون للرئاسة الأمريكية ليسوا بأي حال من الأحوال وحدهم في نشر هذا التعصب الأعمى علنا ضد المسلمين. فقد أعطيت أيضا وسائل الإعلام في الولايات المتحدة، بل وداخل الدول العلمانية الغربية الأخرى، الحرية المطلقة لتعزيز هذا السم الخطير والتقسيمي والتحريضي للكراهية ضد الإسلام، الذي رخص له من قبل قيمة “حرية التعبير” الليبرالية ويتم تبريره تحت ستار خلق الحوار والنقاش. فعلى سبيل المثال وصف مقدم سي إن إن، كريس كوم، المسلمين بـ”العنيفين بشكل غير عادي” و”الهمجيين غير العاديين”. أما بيل أوريلي وهو مذيع معروف في قناة فوكس نيوز فقد وصف الإسلام بأنه “قوة مدمرة”، في حين قدمت المحطة الإعلامية منبرا لعضو في جماعة يمينية متطرفة يروج الاتهامات التحريضية الكاذبة، بأن المسلمين كانوا ينظمون تنظيمات شبه عسكرية سرية كانت تستعد لارتكاب أعمال إرهابية على الأراضي الأمريكية. اقترح مضيف آخر في محطة فوكس نيوز، أندريا تانتاروس، أن أعمال العنف التي يقوم بها تنظيم الدولة كانت نموذجا للسلوك والتاريخ الإسلامي، معتبرة أن “الشيء الوحيد الذي يفهمه هؤلاء الناس” هو “رصاصة في الرأس”.
وفي سياق مماثل، حث جيري فالويل الابن، رئيس جامعة ليبرتي، وهي واحدة من أكبر وأكثر الكليات الإنجيلية تأثيرا في الولايات المتحدة، حث يوم الجمعة 4 كانون الأول/ديسمبر، جمعا ضم أكثر من 10 آلاف طالب وموظف على حمل السلاح المخفي. وقال “لقد اعتقدت دائما لو أن لدى الأخيار مسدسات مخفية، لاستطعنا إنهاء هؤلاء المسلمين قبل أن يأتوا إلينا.” وفي بريطانيا، نشرت صحيفة ذا صن مؤخرا على الصفحة الأولى عنوانا استفزازيا كاذبا يقترح بأن واحدا من بين كل خمسة مسلمين في بريطانيا يدعم الأعمال الإرهابية التي ترتكبها جماعات مثل تنظيم الدولة. وعلى الرغم من أن مثل هذه التعليقات والأنباء قد أدينت من قبل الكثيرين، فقد أنشأت داخل العديد من الدول العلمانية بيئة يشعر فيها الصحفيون والسياسيون والجماعات اليمينية المتطرفة والأفراد المحرضون للخوف من الإسلام، يشعرون بالراحة نسبيا، بل في الواقع تمنح لهم السلطة للتعبير عن آرائهم المعادية للأجانب بكل حرية، وعلاوة على ذلك يتم الاعتقاد بأنه من حقهم تماما القيام بذلك.
وبالتالي ليس هناك شك أن هذا التعصب ضد المسلمين أصبح هو الاتجاه السائد داخل هذه المجتمعات وقد تم تطبيعه داخل المجال السياسي. والواقع أن سياسة الخوف من الإسلام أصبحت طبق اليوم في الحياة السياسية لهذه المجتمعات العلمانية، حيث يعمل كأداة من قبل السياسيين والأحزاب لحشد الدعم بين الجمهور الذي أصبح على نحو متزايد يشتبه ويتخوف من الإسلام بسبب هستيريا سياسية وإعلامية لا هوادة فيها ولدت تجاه المسلمين ومعتقداتهم. ففي فرنسا على سبيل المثال، فازت مارين لوبان، زعيمة اليمين المتطرف في حزب الجبهة الوطنية، الذي كان ينظر إليها في السابق كحركة هامشية بسبب وجهات نظرها المتطرفة المعادية للأجانب التي لها جذورها في الفكر النازي، فازت بالمركز الأول في الجولة الأولى من الانتخابات الإقليمية الأخيرة في البلاد. هذه هي المرأة التي قارنت صلاة المسلمين في الشوارع بالاحتلال النازي ودعت إلى حظر تقديم وجبات الطعام الخالية من لحم الخنزير في المدارس الفرنسية.
بالتأكيد تساؤلات خطيرة تحتاج إلى أن تثار حول مصداقية النظام الذي يسمح باستخدام التعصب كأداة انتخابية مقبولة ويصبح سمة طبيعية للنقاش السياسي. وبالتأكيد ينبغي أن يلقى بالشك على صحة أي نموذج سياسي سمح لمثل هذه المواقف البغيضة بالانتقال من هامش المجتمع إلى قلب السياسة، أو أن تزيد من شعبية السياسيين، وتدفعهم إلى الصفوف المتقدمة في الحملات الرئاسية، استنادا إلى حملهم وتعبيرهم عن هذه الآراء.
ومن المتوقع أن يكون بعض العنصريين والمتعصبين موجودين داخل أي مجتمع. ولكن ما يثير الدهشة هو أن النظام العلماني والديمقراطي الذي مكّن الأفكار الخطيرة المعادية للأجانب أن تصبح السائدة في المجتمعات ما زال يتم تسويقه للعالم باعتباره أفضل نموذج يمكن أن يحكم الدولة! في حين أن الإسلام، المبدأ ذاته الذي يهاجمونه ويذمونه، قدّم قبل 1400 سنة منظومة من المعتقدات والقوانين للقضاء على مثل هذه الآراء الضارة من الناس وكذلك نهجاً لا مثيل له من ضمان الاحترام والحقوق والحماية للأقليات الدينية التي حكمها. وقد ذكر العالم الإمام القرافي، من علماء الإسلام القدامى، حول مسؤولية الخلافة تجاه الذمي (غير المسلم من رعايا الدولة) بقوله، “وأما ما أمر به من برِّهم من غير مودة باطنية، فالرفق بضعيفهم، وسد خلة فقيرهم، وإطعام جائعهم، وكساء عاريهم.. وصون أموالهم، وعيالهم، وأعراضهم، وجميع حقوقهم ومصالحهم، وأن يعانوا على دفع الظلم عنهم، وإيصالهم لجميع حقوقهم…”.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الدكتورة نسرين نواز
مديرة القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير