مع الحديث الشريف – الجفاء والغفلة
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في تحفة الأحوذي في شرح سنن الترمذي
عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من سكن البادية جفا ومن اتبع الصيد غفل ومن أتى أبواب السلطان افتتن
من سكن البادية فقد جفا: أي جهل، قال تعالى: (الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله) صلى الله عليه وسلم قاله القاري. وقال القاضي: جفا الرجل إذا غلظ قلبه وقسا ولم يرق لبر وصلة رحم، وهو الغالب على سكان البوادي لبعدهم عن أهل العلم وقلة اختلاطهم بالناس، فصارت طباعهم كطباع الوحوش وأصل التركيب للنبو عن الشي . ومن اتبع الصيد :أي لازم إتباع الصيد والاشتغال به وركب على تتبع الصيد كالحمام ونحوه لهوا وطربا (غفل) أي: عن الطاعة والعبادة ولزوم الجماعة والجمعة، وبعد عن الرقة والرحمة لشبهه بالسبع والبهيمة، ومن أتى أبواب السلطان: أي من غير ضرورة وحاجة لمجيئه افتتن بصيغة المجهول: أي وقع في الفتنة، فإنه إن وافقه فيما يأتيه ويذره فقد خاطر على دينه، وإن خالفه فقد خاطر على دنياه، وقال المظهر: يعني من التزم البادية ولم يحضر صلاة الجمعة ولا الجماعة ولا مجالس العلماء فقد ظلم نفسه، ومن اعتاد الاصطياد للهو والطرب يكون غافلا لأن اللهو والطرب يحدث من القلب الميت، وأما من اصطاد للقوت فجاز له لأن بعض الصحابة كانوا يصطادون، ومن دخل على السلطان وداهنه وقع في الفتنة، وأما من لم يداهن ونصحه وأمره بالمعروف ونهاه عن المنكر فكان دخوله عليه أفضل الجهاد.
وهذا لأن الإنسان هو كائن اجتماعي لا يتأتى له العيش منفردا. ومن قبل لنفسه العيش منفردا فهذا من الشواذ لأن المجتمع هو مجموعة من الناس تربطهم علاقات دائمية بالإضافة للنظام المتحكم في الناس. وأيضا المجتمع الإسلامي متميز في علاقاته الدائمية بحيث يكون الحرص من المسلم على أخيه المسلم كالحرص على نفسه. وما تقوم به الرأسمالية الآن من جعل المصلحة الشخصية هي الأساس في حياة الناس، لذلك من المشاهد المحسوس أن الجفاء موجود خاصة في المجتمعات الغربية من الغلظة وقساوة القلوب وحتى على بعضهم البعض وما تقوم به هذا الأنظمة من بث الفساد بين الناس وإيجاد الملاهي والألعاب المتنوعة والانترنت وغيرها مما توجد الغفلة عند الكثير، وأخيرا إتيان الحكام ومساندتهم ودعمهم بطرق شتى لهم. إلا من أنكر على هؤلاء الحكام، ومن الملاحظ مثلا على سبيل المثال لا الحصر أن ترى الكثير من الناس يتقربون ويتوددون للحكام وأذنابهم لحفظ مصالحهم. وعود على المجتمع وتعريفه أن السلطان والمقصود فيه النظام هو من تركيبة المجتمع.
احبتنا الكرام، والى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.