الشعب الكردي المسلم بين خندقين
(مترجم)
الخبر:
وقعت اشتباكات بعد أن رفضت الشرطة منح ترخيص لمسيرة احتجاجية لحزب الشعوب الديمقراطي كان قد خطط لها للتظاهر ضد تدابير أمنية مكثفة في بلدة سور في مدينة ديار بكر. وقد قتل شخصان بالرصاص خلال هذه الحوادث. (وكالات).
التعليق:
تستمر الاشتباكات بعد الانتخابات على نحو متزايد بين حزب العمال الكردستاني والسلطات الحكومية في المنطقة الشرقية والجنوبية الشرقية والتي بدأت بالفعل قبل انتخابات 1 تشرين الثاني/نوفمبر وتزايدت بعد إعلان نتائج الانتخابات. ويسود حظر التجول والمواجهات خصوصا في بلدتي سيلفان وسور في ديار بكر، وبلدة سيزر في سيرناك، وبلدة نصيبين في منطقة ماردين ويوكسيكوفا في هكاري. وبينما يهاجر عشرات الآلاف من الناس من هذه المناطق إلى المناطق المجاورة، فإن حظر التجول وتهديد حزب العمال الكردستاني يمنع باقي الأفراد من تلبية احتياجاتهم الأساسية. وعلى الرغم من أن الشرطة توفر للناس في المناطق الآمنة جزئيا الخبز والماء والغذاء، فإن المشاكل في المناطق غير الآمنة لا تزال مستمرة. وبينما تستمر العمليات لعدة أيام، فإن المدارس، والشركات التجارية، والمكاتب العامة أصبحت غير قادرة على تقديم الخدمات.
تصريحات الرئيس أردوغان بشأن اتفاق دولمبهس بعد فشل حزب العدالة والتنمية في الوصول إلى السلطة منفردا في انتخابات 7 حزيران/يونيو، فضلا عن إعلان حزب العمال الكردستاني عدم إلقاء السلاح؛ الذي وضع “عملية الحل” القائمة منذ سنتين “مجمدة”، قد أدى إلى اندلاع الاحتجاجات في العديد من المدن. في أعقاب ذلك بدأت الدولة في شن عمليات داخل البلاد وفي منطقة قنديل، واستمر هذا الصراع على نحو متزايد.
وقد أدلى رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو بالتصريحات التالية فيما يتعلق بالعمليات الأخيرة: “سيتم تطهير كل المناطق من العناصر الإرهابية، من شارع لشارع ومن بيت لبيت إذا لزم الأمر”. وقال: “قلت إن هذه الجبال سيتم تطهيرها عندما حدث داليجا. ويتم مسح تلك الجبال. ولن يبقى هناك شارع واحد في سيزر وسيلوبي وسور غير مطهر. لن نترك بيتا واحدا”، و”لن نعطي فرصة لأولئك الذين يسعون لتحويل سيزر إلى كوباني”. وتظهر هذه التعليقات أن الدولة ستستمر في سياستها الأمنية لحين آخر.
تركيا هي الدولة التي تعيش فيها غالبية الأكراد. ورأى حزب العدالة والتنمية أن حزب العمال الكردستاني قد عزز فعاليته على الصعيدين العسكري وفي المناطق الحضرية أثناء “عملية الحل”. ويشكل هذا الوضع عائقا لحزب العدالة والتنمية في كسب تأييد الشعب الكردي، وكذلك في اتخاذ الخطوات المتعلقة بتركيا. ويسعى حزب العدالة والتنمية إلى تدمير حزب العمال الكردستاني وامتداداته في المنطقة من خلال التفويض الذي تلقاه في الانتخابات العامة ودعم الجمهور. وبالتالي فإنه يواصل حظر التجول والعمليات.
حزب العمال الكردستاني يريد الحفاظ على ما حققه من إنجازات من “عملية الحل”. لقد أراحت “عملية الحل” شعوب المنطقة، ولكنها خفّضت أسباب محاربة الدولة. بالنسبة للسكان المحليين، فإن كسب الأعضاء من خلال الاستراتيجية القديمة والإجراءات المخططة لم يعد مناسبا كما كان من قبل. هذا هو السبب في تغيير حزب العمال الكردستاني استراتيجيته ونقل الصراع بعيدا أكثر فأكثر عن المناطق الريفية إلى المدن. لقد علّمت أحداث كوباني ودعم الشعب، وكذلك الخبرات بجانب صفوف حزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا، علمت حزب العمال الكردستاني حرب المدن. وفي الواقع، لقد أصبحت كوباني مقرا لكبار قادة حزب العمال الكردستاني بصدارة كل من باهوز آردال، ومصطفى كاراسو ونورالدين صوفي.
وتسعى الدولة لعرقلة تعزيز حزب العمال الكردستاني في المدن واسترداد إنجازات حزب العمال الكردستاني في السنتين الماضيتين. وهكذا، بقولها بأنه “ليست هناك مشكلة كردية وإنما هناك مشكلة حزب العمال الكردستاني”، فإنها تخطط لكسب تأييد الشعب للسياسة الديمقراطية وإبعادها من حزب العمال الكردستاني وامتداداته. وسوف يتيح تحقيق هذا اتخاذ تدابير فعالة ضد الاحتمالات في العراق وسوريا. وستتخذ الدولة خطوات سياسية جديدة باسم قرار بعد هذه الاشتباكات.
إن نقل المعارك إلى المدن، وحفر الخنادق والأنفاق في الشوارع هو نضال حزب العمال الكردستاني للتمكين، من خلال كسب دعم الشعب وتركيع الدولة. حتى وإن أخفق في تحقيق ذلك، فإنه لا يزال خطوة تهدف إلى تعزيز يده في المفاوضات مع الدولة. وإذا تمكن من تحقيق ذلك، فإنه يهدف إلى الحصول على مطالبها في مفاوضات محتملة مع الدولة، ولو تحت اسم مختلف.
وقد أجبرت هذه التجارب شعوب المنطقة على ما يشبه اختيار حالة من حالات الوفاة. لقد اضطرت لاتخاذ خيار بين أن تكون مع الدولة الديمقراطية العلمانية، أو أن تكون بجانب المنظمة التي تضطهد شعبها. وهكذا، فقد كان الشعب الكردي المحلي دائما هم المظلومين.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
موسى باي أوغلو