Take a fresh look at your lifestyle.

مع الحديث الشريف ” باب جامع أوصاف الإسلام”

 

 

مع الحديث الشريف

” باب جامع أوصاف الإسلام”

 

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جاء في صحيح الإمام مسلم في شرح النووي “بتصرف”  في “باب جامع أوصاف الإسلام”

عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال: قلت: يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدَك وفي حديث أبي أسامة غيرَك، قال: “قل آمنت بالله ثم استقم”.

قوله: (قلت يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه غيرك قال: قل آمنت بالله ثم استقم) قال القاضي عياض رحمه الله: هذا من جوامع كَلِمِهِ – صلى الله عليه وسلم – وهو مطابق لقوله تعالى: “إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا” أي وحدوا الله وآمنوا به، ثم استقاموا فلم يَحيدوا عن التوحيد، والتزموا طاعتَه سبحانه وتعالى إلى أن تُوُفُّوْا على ذلك.

الاستقامةَ الاستقامةَ، الاستقامةَ الاستقامةَ، الاستقامةَ الاستقامةَ، لله دَرُّكَ يا سفيانُ الثقفي، يا من سألت الرسول عليه الصلاة والسلام عن هذا الأمر العظيم، وكيف لا يكون هذا الأمرُ عظيما وهو مفتاحُ دخول الجنة، وهو مفتاحُ رضى الله؟ كيف لا تكون الاستقامةُ أمرا عظيما والمسلمُ يطلبُها في كل ركعة من صلاته: “اهدنا الصراط المستقيم”، كيف لا تكونُ الاستقامةُ أمرا عظيما وقد طلبها الله سبحانه تعالى من رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام بقوله: “فلذلك فادْعُ واستقمْ”، فهي السلوكُ السليمُ والدينُ القويمُ.

أيها المسلمون:

أين الاستقامةُ اليومَ في حياتنا؟ نؤمن بالله ونصوم ونصلي وبعضنا يحفظ كتاب الله، ولا يُحكّم أحكامه في حياته، الاسمُ محمّدٌ والسلوكُ مَعاصٍ، الاسمُ عبدُ الله والأفعالُ منكراتٌ ومآسٍ. الحاكمُ الجديدُ حافظٌ لكتاب الله ويصلي الفجرَ والمهنةُ ظلمٌ وقتل وذبح وسلخ وحكمٌ بغيرِ ما أنزلَ الله:

 بُلينا بأميرٍ ظَلَمَ الناسَ وسَبَّحْ      فهو كالجزارِ فينا يَذكرُ اللهَ ويَذبَحْ

هذا حالُنا وحالُ حكامِنا وعلمائنا ببُعدنا عن شرع ربنا وصراطِه المستقيم، فاللهَ نسألُ أن يهديَنا الاستقامةَ على منهجِه القويم قولا وفعلا، لا أن نرفعَ شعاراتِ الإسلامِ ونطبقَ ما سواه، لا أن ندعوَ إلى الاستقامةِ ونحن نلعبُ على حبالِ الأنظمةِ الظالمة، فأين الاستقامةُ فيمن يزورُ إيرانَ ويرفعُ من شأنها وقد فعلت الأفاعيل بأهلنا في سوريا؟ وأين الاستقامةُ فيمن يَرْهِنُ بلادَه لربا صندوقِ النقد الدولي؟ وأين الاستقامةُ فيمن يقتلُ المسلمين المجاهدين في سَيناء وهم في رمضانَ على موائدِ إفطارهم؟ وأين الاستقامةُ فيمن يناديْ بالنظام الديمقراطي لحكم مصرَ الجديدة؟ وأين الاستقامةُ فيمن يجعلُ السيادةَ للشعب بدلَ أن تكونَ للشرع؟ وأين الاستقامةُ في ترك الحريةِ للمرأة لتختارَ اللباسَ الذي تريدُ في الحياة العامة؟ وأين الاستقامةُ فيمن يرى أمريكا -عدوةَ الإسلام والمسلمين- دولةً صديقة، ويجبُ أن تُحترمَ وتُقامَ لها سِفاراتٌ في أرض المسلمين ويُدافَعَ عنها؟
 إذن لا شك -أيها المسلمون- أن الاستقامةَ لا تعني الالتزامَ بشعائرِ الدين فقط؛ بل هي أوسعُ من ذلك بكثير، ما يجعلُنا نتوقفُ أمامَ كل قول وفعل من أقوالنا وأفعالنا، ونحاسبُ أنفسَنا وغيرَنا كلما خرجنا عن الصراط المستقيم، لا أن نضعَ رأسَنا في الرمال دون محاسبة، فلا نرى غيرَ أنفسِنا ولا نستعظمُ غيرَها ولو كانت على ضلال. فإلى الاستقامةِ بكل معانيها وإلى المحاسبةِ لمن يخرجُ عنها وعليها ندعوكم أيها المسلمون.

 اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه. اللهم آمين آمين.  

احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

كتبه للإذاعة: الأستاذُ أبو مريم