مع الحديث الشريف
“أراضي الدولة لا تملك إلا بالإقطاع”
نحييكم جميعا أيها في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
روى أبو داوود في سننه قال:
حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ قَالَ الْعَبَّاسُ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَخْبَرَنَا أَبُو أُوَيْسٍ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْطَعَ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ الْمُزَنِيَّ مَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةِ جَلْسِيَّهَا وَغَوْرِيَّهَا – وَقَالَ غَيْرُهُ جَلْسَهَا وَغَوْرَهَا – وَحَيْثُ يَصْلُحُ الزَّرْعُ مِنْ قُدْسٍ وَلَمْ يُعْطِهِ حَقَّ مُسْلِمٍ وَكَتَبَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذَا مَا أَعْطَى مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ بِلَالَ بْنَ الْحَارِثِ الْمُزَنِيَّ أَعْطَاهُ مَعَادِنَ الْقَبَلِيَّةِ جَلْسِيَّهَا وَغَوْرِيَّهَا – وَقَالَ غَيْرُهُ جَلْسَهَا وَغَوْرَهَا – وَحَيْثُ يَصْلُحُ الزَّرْعُ مِنْ قُدْسٍ وَلَمْ يُعْطِهِ حَقَّ مُسْلِمٍ
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ:
(جَلْسِيَّهَا): بِفَتْحِ الْجِيم وَسُكُون اللَّام نِسْبَة إِلَى جَلْس بِمَعْنَى الْمُرْتَفِع. وَقَوْله غَوْرِيَّهَا بِفَتْحِ الْغَيْن وَسُكُون الْوَاو نِسْبَة إِلَى غَوْر بِمَعْنَى الْمُنْخَفِض، وَالْمُرَاد أَعْطَاهُ مَا اِرْتَفَعَ مِنْهَا وَمَا اِنْخَفَضَ، وَالْأَقْرَب تَرْك النِّسْبَة. قَالَهُ فِي الْفَتْح الْوَدُود
(قَالَ غَيْر الْعَبَّاس جَلْسهَا وَغَوْرهَا): أَيْ قَالَ غَيْره بِتَرْكِ النِّسْبَة وَهُوَ الظَّاهِر وَالْجَلْس بِفَتْحِ الْجِيم وَسُكُون اللَّام بِمَعْنَى النَّجْد أَيْ الْمُرْتَفِع مِنْ الْأرض وَالْغَوْر بِفَتْحِ الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْوَاو مَا اِنْخَفَضَ مِنْ الْأرض
(مِنْ قُدْس): بِضَمِّ الْقَاف وَسُكُون الدَّال الْمُهْمَلَة بَعْدهَا سِين مُهْمَلَة وَهُوَ جَبَل عَظِيم بِنَجْدٍ كَمَا فِي الْقَامُوس، وَقِيلَ الْمَوْضِع الْمُرْتَفِع الَّذِي يَصْلُح لِلزَّرْعِ كَمَا فِي النِّهَايَة
في هذا الحديث دلالة على أن للدولة أن تقطع للأفراد أراضيَ بشرط أن لا يكون في الأرض المُقْطَعَة حق لأحد من الرعية , ويفهم منه أن الأرض المُقْطَعَة يجب أن تكون من أراضي الدولة وليس من الملكيات العامة أو الملكية الفردية …. لأن الدولة لا حق لها في التصرف بالملكيات العامة أو الفردية لا بيعاً ولا شراءً ولا إقطاعاً.
فقط يجوز لها أن تقطع الأفراد من الأرض التي هي من ملكية الدولة ….
فما هي أراضي الدولة التي يجوز لها أن تقطع منها للأفراد؟
الأرض العامرة الصالحة للزراعة
الأرض التي سبق أن زرعت ثم خربت
الأرض الموات التي لم يسبق أن زرعت أو عمرت آباد الدهر ووضعت الدولة يدها عليها لأنها من مرافق المدن والقرى
الأرض التي أهملها أصحابها بعد ثلاث سنين وأخذتها الدولة منهم
إن هذه الأراضي تختلف عن الأرض الموات التي أباح الشرع تملكها بالإحياء أو التحجير ….بل إنها مما يضع الإمام (الدولة) يده عليها فهي من أملاك الدولة ولا تملك إلا إذا أقطعها الإمام (الخليفة) لذا فإن بلالا حين أراد إحياء تلك الأرض موضوع الحديث طلبها من الرسول ولم يبادر بإحيائها أو تحجيرها دون إذن …..بل لقد طلب من الرسول أن يكتب له فيها كتاباً …..مما يدل على أن ملكية الدولة لا تملك ملكية فردية إلا بالإقطاع من قبل الإمام.مستمعينا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.