مصالح سياسية، ديمقراطية كاذبة
(مترجم)
الخبر:
اتُّهمت الحكومة بتحويلها النظام إلى “ناد لصبي عجوز” بعد أن حصل لينتون كروسبي، الخبير الاستراتيجي السياسي الذي أدار حملة حزب المحافظين في انتخابات 2015 الحالية على لقب فارس.
وقال مستشار الظل، جون ماكونيل بأن القرار بالاستعانة بالفارس كروسبي “لم يكن أفضل ما استخدمه النظام”.
وأضاف “الشيء الأساسي الذي يُعرف به هو استخدام أسلوب الحملات السلبية الهجومية، أو كما وصفها بوريس جونسون بـ “استراتيجية القط الميت” (التي تعتمد على تشتيت الجمهور في أمور وقضايا معقدة سياسيا وذلك عبر خلق ونشر أخبار صادمة). وبالكاد يستحق مثل هكذا أسلوب التكريم على كل حال”.
وقال أيضا بأن فروسية كروسبي هذه من شأنها أن تجعل الجمهور يفكرون بالإبقاء على “ناد الصبي العجوز”.
ووصف آندي بورنهام، وزير داخلية الظل لحزب العمل، خبر منح كروسبي لقب فارس بأنه “مشين” وقال بأنه “أوضح دليل حتى الآن بأن المحافظين يعتقدون بأن بإمكانهم الحصول على كل ما يحلو لهم”.
التعليق:
نشرت الحكومة هذا الأسبوع القائمة الرسمية للأفراد المقرر نيلهم لمرتبة الشرف من ملكة المملكة المتحدة وذلك تقديرا لخدمتهم المثالية للجيش أو المجتمع أو الدولة. كما يشمل التكريم الأفراد العاملين في مجال خدمات الطوارئ الذين خدموا وأنقذوا حياة الناس لأكثر من أربعين عاما.
كانت صدمة للكثيرين أن يكون خبير الانتخابات الاستراتيجي لينتون كروسبي مذكورا في قائمة هؤلاء الأشخاص المخلصين المتفانين. وفيما يمكن لكروسبي أن يكون مثالا للمواطن الشريف الذي يقدم خدمات للمجتمع بطرق كثيرة خاصة، إلا أن خبرته وقدراته كمستشار لحزب المحافظين لا تؤهله ولا بأي حال من الأحوال لنيل مثل هذا التكريم فقد تم تعويضه من قبل المحافظين على وقته وعمله وغالبا على نتيجة الانتخابات التي شهدت فوز المحافظين بمقاعد في مجلس العموم تكفي لتشكيل حكومة أغلبية.
وقد أثار هذا الأمر غضبا كبيرا فقد أدانت شخصيات بارزة في أوساط المعارضة هذه الخطوة التي انتهجها في السابق رئيس الوزراء، فيما علق آخرون بأن هذه الخطوة ترقى إلى اعتبارها من الفساد، حيث يتم تسليم المصالح السياسية لأفراد مؤسساتيين. وعلى الرغم من الترحيب بالاحتجاجات التي صدرت عن شخصيات بارزة في حزب العمال، إلا أنها في حقيقتها النفاق بعينه كما حصل في 2006-2007 عندما كان حزب العمال حينها طرفا في فضيحة “المال مقابل الحصول على لقب النبلاء”، ما يظهر أن ما جرى حاليا يعد أمرا عاديا ينتهجه قطبا البرلمان.
وفي هذه الحالة فإن لدينا أدلة على أن الساسة الغربيين ليسوا بأي حال من الأحوال أفضل أو أكثر صدقا من حكومات العالم الثالث وبأن الفساد أمر متفشٍّ في العالم المتحضر بقدر ما هو متفش في الدول النامية بين الطبقات الحاكمة. وإن هذه هي حقا السمة المُمَيِّزة للمجتمعات الفاشلة التي يتعاون فيها النخبة ويتآمرون ليصيب الضرر غالبية المجتمع.
إننا نحن المسلمين نؤمن بأن النظام الذي أرسله لنا الله خالٍ من مثل هكذا عيوب وأخطاء تُتجاهل فيها مساءلة الأشخاص وتعمل فيها النخبة الحاكمة ضد إرادة الشعوب بل وتستخدم سلطتها لأغراض أنانية. يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ [النساء: 135]
هذا هو مستوى المساءلة والعدالة التي فرضها الله علينا بوصفنا مسلمين، وحتى في كلية هارفارد للحقوق أشارت إلى أنها أعظم عبارات العدالة في العالم والتاريخ أجمع.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
مليحة حسن