Take a fresh look at your lifestyle.

أيها الناس، ارفعوا سقف مطالبكم! إلغاء البرلمان، وليس فقط إلغاء معاشات البرلمانيين

 

 أيها الناس، ارفعوا سقف مطالبكم!

 

إلغاء البرلمان، وليس فقط إلغاء معاشات البرلمانيين

 

 

تشتعل مواقع التواصل منذ أسابيع بموضوع إلغاء تقاعد البرلمانيين والوزراء التي تكلف خزينة الدولة المليارات سنوياً، ورغم حدة الحملة الشعبية وانتشار عرائض المطالبة التي وقع عليها عشرات الآلاف ولعل الرقم قد وصل إلى مئات الآلاف، فإنه من الواضح أن البرلمان والحكومة كليهما يتلكآن في اتخاذ قرار لعل الأمور تمر بسلام.

 

إن طريقة تعامل البرلمان والحكومة مع هذا الموضوع هي دليلٌ آخر على فساد النظام الديمقراطي بل وإفلاسه، وإليكم البيان:

 

 – يدَّعي أهل الديمقراطية أن البرلمان ينوب عن الشعب ويمثله ويعبر عن آرائه، وأن سلطة البرلمان مستمدة من تمثيله للشعب بوصف هذا الأخير هو صاحب السلطان والسيادة في النظام الديمقراطي، وها نحن نرى بأم أعيننا كيف أن الشعب في وادٍ والبرلمان في وادٍ آخر، وأن البرلمان أبعد ما يكون عن تمثيل الشعب، فأين ذهبت كذبة التمثيل؟ وإن كان البرلمان لا يمثل الشعب فمن يمثل إذن؟

 

 – يقول بعض المدافعين عن نظام التقاعد للبرلمانيين أنهم ليسوا هم من سنُّوا قانون التقاعد موضوع النقاش، وعليه فإنهم لا يجوز أن يُلاموا على استفادتهم منه، وهذا دجلٌ واضحٌ، فالدور الأساسي للبرلمان هو سنُّ القوانين، وهذا ما يفعلونه يومياً حين يسنون قوانين في مختلف الميادين فما بال صلاحياتهم تجمدت فجأة حين تعلق الأمر بالمعاشات؟ لو كانوا جادين فعلاً لغيروا القانون بكل بساطة، لكنهم لم يفعلوا بدافع الهوى وحفاظاً على مصالحهم الذاتية، لِمَ يغيرون قانوناً يتفيئون بظلاله ويأكلون من ثمراته؟

 

إن جعل التشريع بأيدي البشر يستنبطون الأحكام مما تهواه أنفسهم أو تستحسنه عقولهم جريمة كبرى، فالإنسان مهما سمت أخلاقه لا يمكن أن يتجرد من الهوى مطلقاً، ولا بد إلا أن يتسرب الهوى والمنفعة إلى قراراته، هذا عن الإنسان التقي النقي الورع، فكيف إن كان هذا الإنسان من عوام الناس؟ حتماً سيشرع وفق هواه ومصلحته ووفق أهواء ومصالح أولياء نعمته، وها نحن نرى أثر هذا واضحاً في القوانين، وآخرها القوانين المنظمة للصحة والتي سمحت لوزير حالي أن يمد شبكته الأخطبوطية في اقتناء المستشفيات، بعد أن تم “تخريب” مستشفيات القطاع العمومي عمداً كي يُدفع الناس دفعاً نحو مستشفيات القطاع الخاص، تماماً كما فعلوا من قبل ولا يزالون يفعلون مع قطاع التعليم، ومنها أيضاً القوانين المنظمة لقطاع الطاقة التي فصلت خصيصاً على مقاس القصر لكي تسمح له بأن يدخل هذا الميدان من أوسع أبوابه ويضمه إلى لائحة القطاعات التي يتربع على عرشها دون منازع.

 

 إن التشريع لا يجوز أن يوكل لبشر مطلقاً يسن الأحكام من عقله وهواه، ومن شرَّع من دون الله فقد نازع الله في ملكه وصلاحياته، وهو بذلك يرتكب جُرْمًا عظيما يوشك أن يدخله في خانة الكفر إن كان يقدم عليه وهو مُنْكِرٌ لأحكام الله، أو يضعه بخانة الظلم والفسق إن أقدم عليه غير مُنْكِرٍ لأحكام الله. وعليه نهيب بأعضاء البرلمان بغرفتيه أن يتوبوا إلى الله ويقلعوا عما هم فيه ويعلنوا انسحابهم من البرلمان بغرفتيه انسحاباً نهائياً وليس فقط تخليهم عن تقاعدهم، فالمسألة أكبر من مبلغ مالي (جوج فرنك)، المسألة تتعلق بغضب الرب سبحانه وتعالى، وهذه مسألة لا تحسب بالمال.

 

إن مشكلتنا مع البرلمان ليست فقط في ارتفاع تكلفة أجور البرلمانيين وتقاعداتهم، وإنما مشكلتنا الحقيقية هي مع البرلمان نفسه بشكله الحالي الذي يجب أن يُحلَّ نهائياً، فلا يجوز شرعاً أن يوجد مجلس تشريعي مصدر ما يسن من قوانين عقول البشر القاصرة وأهوائهم، مهما ضاقت أو اتسعت دائرة مجاله التشريعي ومهما قلَّ أو كثر عدد نوابه، ومهما ارتفعت أو انخفضت مرتباتهم، فالحكم لله وحده، ومصدر التشريعات والقوانين هو الوحي وليس عقول الناس القاصرة وأهواءهم، وأحكام الله الـمُنظِّمة لشؤون الناس تُستنبط من أدلتها التفصيلية وفق الضوابط الفقهية والأصولية التي يعرفها أهل العلم.

 

لقد أصبح واضحاً لكل ذي عينين مدى ضحالة الوسط السياسي، ومدى تدني مستوى السياسيين سواء في الحكومة أو المعارضة، ومدى تشبثهم بالحكم وحرصهم عليه حتى لو أدى بهم ذلك إلى تغيير مبادئهم والتنصل من كل الشعارات التي كانوا يرفعونها يوماً. وأصبح واضحاً أن هيئات الحكم المختلفة ليست إلا هيئات صورية لا تصلح إلا لتأثيث المشهد بما يُمكِّن الحكام الحقيقيين (القصر وحاشيته) من الاستمرار في التحكم في مفاصل الدولة وخيراتها ومقدراتها بما يخدم مصالحهم ومصالح أسيادهم. وكي يضمن القصر ولاء خدمه فلا مانع لديه من أن يرمي إليهم ببعض الفتات بين الفينة والأخرى أو يسكت عن بعض تجاوزاتهم حتى يذيقهم لذة السلطة والمال فيزدادوا تشبثاً به ودفاعاً عنه بوصفه ولي نعمتهم.

 

أيها الناس،

إن كان الله قد قدَّر علينا أن نعيش اليوم في ظل حكام بهذا المستوى، فإنه نهانا عن القبول بهذا الواقع وأمرنا أن نعمل على تغييره، وسن لنا رسوله صلى الله عليه وسلم طريقة واضحة المعالم بعمل سياسي جماعي منظم ينقلنا من هذا الواقع المزري إلى غدٍ مشرقٍ يُحكم فيه بشرعه فتعم الخيرات وتتنزل البركات من السماء والأرض ويتقلد الأمر رجالٌ من طينة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ويخنس فيه الرويبضات الذين يملأون الساحة اليوم.

 

إن هذا العمل التغييري الضخم قد يسر الله أناساً منذ عقود يسيرون به يوماً بعد يوم، ليلاً ونهاراً، يبثون فكره ويدعون إليه ويُعلون رايته حتى أصبحت المطالبة بإقامة دولة تطبق الإسلام ولله الحمد والمنة، تملأ أرجاء الدنيا شرقاً وغرباً، عرباً وعجماً، وإن حزب التحرير هو من يتصدر هذه الدعوة منذ خمسينات القرن الماضي، حتى ارتبط اسمه بالخلافة وارتبطت الخلافة باسمه، وهذا من فضل الله عليه. فإن كنتم حريصين على التغيير الحقيقي، التغيير الذي يرضي ربكم ويرفع عنكم الذل والفقر والضنك الذي ترزحون تحته، فليس لكم والله إلا التغيير على أساس الإسلام، وليس لكم إلا أن تلتفوا حول هذه الثلة المخلصة الواعية التي نذرت نفسها لخدمة هذه الأمة وضحت ولا تزال تضحي بالغالي والنفيس لكي تصل إلى غايتها. فماذا أنتم فاعلون؟

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

محمد بن عبد الله

 

2016_01_05_Art_Salaries_of_parliamentarians_in_Morocco_AR_OK.pdf