مع الحديث الشريف
الحاجة للمال لأجل الحياة
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
روى الإمام أحمد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: “أيّما أهل عَرَصة أصبح فيهم امرؤ جائعاً فقد برئت منهم ذمة الله تبارك وتعالى”
وروى البزار عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به”.
جاء في كتاب الشيخ تقي الدين النبهاني رحمه الله النظام الاقتصادي في الإسلام في باب أسباب التملك قوله: (من أسباب التملك الحاجة للمال لأجل الحياة. وذلك أن العيش حق لكل إنسان فيجب أن ينال هذا العيش حقاً لا مِنحةً ولا عطفاً. والسبب الذي يضمن للفرد من رعايا الدولة الإسلامية الحصول على قُوتِه هو العمل. فإذا تعذر عليه العمل كان على الدولة أن تهيئه له لأنها الراعي لهذه الرعية، والمسؤولة عن توفير حاجاتها، قال عليه الصلاة والسلام: “الإمام الذي عن الناس راعٍ وهو مسؤول عن رعيته”، رواه البخاري عن ابن عمر.
فإذا تعذر إيجاد عمل له أو عجز عن القيام بالعمل لمرض أو كِبَر سن أو لأي سبب من أسباب العجز كان عيشه واجباً على من أوجب عليه الشرع الإنفاق عليه، فإن لم يوجَد من تجب عليه نفقته، أو وُجد وكان غير قادر على الإنفاق، كانت نفقته على بيت المال، أي على الدولة. وفوق ذلك كان له في بيت المال حق آخر وهو الزكاة، قال تعالى: ﴿والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم﴾. وهذا الحق فرضٌ على الأغنياء أن يدفعوه، قال تعالى في آية: ﴿إنّما الصدقات للفقراء والمساكين﴾ من سورة التوبة ﴿فريضة من الله﴾ أي حقاً مفروضاً. وإن قصّرت الدولة في ذلك وقصّرت جماعة المسلمين في محاسبتها وفي كفالة المحتاجين، وليس متوقعاً في جماعة المسلمين أن تقصّر، كان لهذا الفرد أن يأخذ ما يقيم به أَوَدَه من أي مكان يجده سواء أكان ملك الأفراد أم ملك الدولة. …
ولمّا كان العيش سبباً من أسباب الحصول على المال لم يعتبِر الشارع أخذ الطعام في عام المجاعة سرقة تُقطع اليد عليها، عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “لا قطعٌ في زمن المجاع”، وكما ضمن الشرع حق الفرد في ملكية المال لأجل الحياة بالتشريع ضَمِنَ إعطاءه هذا الحق بالتوجيه). انتهى
إن الناظر في بلاد المسلمين ليجد العوز قد أحاط بها والجوع قد ألم بها حتى أصبح المسلمون كالأيتام على موائد اللئام، وهم وأهل الأرض جميعا في أشد الحاجة إلى تطبيق هذه الأحكام الشرعية التي تعطي كل ذي حق حقه، وتمكن من إعمار الأرض وإسعاد البشرية، فلا يجوع أحد ولا ينتقص من حقه كما هو حاصل في الرأسمالية الظالمة، فالله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾
إن عدل الإسلام وشريعة الله الذي لا يظلم أحدا لا يتحقق إلا بوجود خليفة راع للمسلمين على منهاج النبوة.
أحبتنا الكرام وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر نترككم في رعاية الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.