مع الحديث الشريف
أنتم أعلم بأمور دنياكم
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخرج مسلم عن طريق عائشة رضي الله عنها ومن طريق أنس رضي الله عنه أن رسول صلى الله عليه وسلم قال في موضوع تأبير النخل: “أنتم أعلم بأمر دنياكم”
ورُوي أنه صلى الله عليه وسلم أرسل اثنين من المسلمين إلى جُرَش اليَمَن يتعلمان صناعة الأسلحة
ورد في كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام للشيخ تقي الدين النبهاني “أمّا بالنسبة لمادة الثروة من حيث إنتاجها فإن الإسلام قد حثّ على إنتاجها ورغّب فيه حين رغّب بالكسب بشكل عام، ولم يتدخل ببيان كيفية زيادة الإنتاج ومقدار ما يُنتج بل ترك ذلك للناس يحققونه كما يريدون”.
فالله سبحانه وتعالى [خلق المال وخلق جهد الإنسان ولم يتعرض لشيء آخر يتعلق به، مما يدل على أنه لم يتدخل في مادة المال ولا في جهد الإنسان، سوى أنه بيّن أنه خلقها لينتفع بها الناس. وكذلك لم يتدخل في إنتاج الثروة، ولا يوجد نص شرعي يدل على أن الإسلام تدخّل في إنتاج الثروة، بل على العكس من ذلك نجد النصوص الشرعية تدل على أن الشرع ترك الأمر للناس في استخراج المال وفي تحسين جهد الإنسان] كما ورد في الحديث هذا
وهذا يدل على أن الشرع ترك أمر إنتاج المال إلى الناس ينتجونه بحسب خبرتهم ومعرفتهم.
إلا أن الشرع [تدخل في الانتفاع بالثروة تدخلاً واضحاً، فحرَّم الانتفاع من بعض الأموال كالخمر والميتة، كما حرّم الانتفاع من بعض جهود الإنسان كالرقص والبغاء، فحرَّم بيع ما حَرُم أكله من الأموال، وحرَّم إجارة ما حَرُم القيام به من الأعمال. هذا من حيث الانتفاع بالمال وجهد الإنسان، أمّا من حيث كيفية حيازتهما فقد شرع أحكاماً متعددة لحيازة الثروة كأحكام الصيد وإحياء المَوات وكأحكام الإجارة والاستصناع وكأحكام الإرث والهبة والوصية.
وعلى هذا فإنه تبين من ذلك أن الإسلام ينظر في النظام الاقتصادي لا في علم الاقتصاد، ويجعل الانتفاع بالثروة وكيفية حيازة هذه المنفعة موضوع بحثه، ولم يتعرض لإنتاج الثروة ولا إلى وسائل المنفعة مطلقاً].
وقد ورد في بيان سياسة الاقتصاد في الإسلام أنها [هي الهدف الذي ترمى إليه الأحكام التي تعالج تدبير أمور الإنسان. وسياسة الاقتصاد في الإسلام هي ضمان تحقيق الإشباع لجميع الحاجات الأساسية لكل فرد إشباعاً كلياً، وتمكينه من إشباع الحاجات الكمالية بقدر ما يستطيع باعتباره يعيش في مجتمع معين له طراز خاص من العيش، فهو ينظر إلى كل فرد بعينه لا إلى مجموع الأفراد الذين يعيشون في البلاد، وينظر إليه باعتباره إنساناً أولاً لا بد من إشباع جميع حاجاته الأساسية إشباعاً كلياً، ثم باعتبار فرديته المشخصة ثانياً بتمكينه من إشباع حاجاته الكمالية بقدر ما يستطيع، وينظر إليه في نفس الوقت باعتباره مرتبطاً مع غيره بعلاقات معينة تُسيَّر تسييراً معيناً حسب طراز خاص].
وتطبيق هذه السياسة، والحرص على زيادة الإنتاج وتوفير الحاجات الأساسية لأفراد المجتمع لا يكون إلا بوجود خليفة راع للمسلمين على منهاج النبوة.
أحبتنا الكرام وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر نترككم في رعاية الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .