أزمات المسلمين حلها إقامة نظام الإسلام
الخبر:
تحدث الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام لسلطنة عمان، عن الأزمة الاقتصادية في ظل انخفاض أسعار النفط والسبل للخروج منها قائلاً: “نحتاج إلى عنصرين لحل كل مشاكلنا وهما: التخطيط السليم والتنفيذ الأمين فإن وجدت ارتقت الأمة، والنفط في بلادنا بحاجة إلى تعاون وتكامل وليس التشاحن والتباغض”. وذكر أن الإسلام لم يغفل تنظيم الجانب الاقتصادي في حياة المسلمين، وحذر من أكل المال بغير حق. جاء ذلك في حديث له لبرنامج “سؤال أهل الذكر” الذي بثه تلفزيون السلطنة مساء الأحد مشيراً إلى أن التقشف ليس الحل الوحيد.
التعليق:
إن العلماء صنفان؛ علماء ربانيون هم ورثة الأنبياء، يحمون دين الأمة وعقيدتها، وهم من يبصّر الأمة الحق ويبعدها عن الزلل والانحراف. وعلماء سلاطين، يوالون الحاكم ويناصرونه، ويدعمون قراراته بل وخيانته للأمة وتجرؤه على دين الله في كثير من الأحيان. وفي ظل الأزمات التي تعيشها الأمة اليوم، والواقع الأليم الذي نشهده فإن الناس في أشد الحاجة إلى علماء ربانيين يبيّنون لهم بالفقه الصحيح والفكر المستنير المخرج والخلاص مما هم فيه من أزمات ومشكلات، ويقودون حركتهم نحو التغيير الواعي والارتقاء.
وعندما يتحدث عالم بمنزلة مفتي عام السلطنة ونائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ويقول للناس أن حل كل مشاكلنا هما “التخطيط السليم والتنفيذ الأمين”، فإن العوام الذين يثقون بعلمه وفقهه يفهمون من حديثه هذا بأننا في بلدٍ النظام فيه نظام إسلامي، وأن السياسات والقوانين كلها وضعت وفقا للأحكام الشرعية، وأنه لا ينقصنا سوى “التخطيط السليم والتنفيذ الأمين” لهذه السياسات حتى ترتقي أمتنا وتكون الأمور كلها على خير ما يرام. وحينما يذكر المفتي في حديثه أن الإسلام لم يغفل تنظيم الجانب الاقتصادي في حياة المسلمين، ومن ثم يقول أن “النفط في بلادنا بحاجة إلى تعاون وتكامل”، فهل لنا أن نفهم من ذلك أن المفتي يجهل أننا في بلد لا يطبق النظام الاقتصادي الإسلامي ومنها الأحكام الشرعية المتعلقة بالنفط والتي من أبرزها كونه من الملكية العامة، أي حق لعامة المسلمين جميعا وليس ملكا للدولة وليس لأحد التصرف به إلا وفق الإقرار الشرعي وضوابطه الفقهية؟!.
إن من الأمور المكشوفة للعامة ناهيك عن العلماء والمثقفين، أن جميع المعالجات والسياسات والمعاملات الاقتصادية في بلادنا قائمة على النظام الرأسمالي. فنظام الربا في البنوك والمصارف، ونظام التأمين، ونظام الخصخصة، والتجارة الحرة… الخ، كلها نظم اقتصادية رأسمالية، بل حتى الميزانيات التي توضع في بلادنا توضع على أساس هذا النظام الرأسمالي العفن. والمعلوم أيضا أن الحكومات تقوم بتنفيذ سياسات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية، تلك المؤسسات التي أنشأتها الدول الاستعمارية الكافرة لنهب ثروات البلاد الإسلامية وغيرها من دول العالم الثالث وبسط سيطرتها على شعوب العالم. ومن المدرك، لا سيما عند علماء المسلمين، أن هذه المعالجات والسياسات الوضعية جميعها مخالفة لأحكام الإسلام. وأن الاستمرار في تطبيق هذا النظام والسير على خطى الغرب و”التنفيذ الأمين” لمعالجاته التي بان عوارها لن يزيدنا إلا إثما وعنتا ومشقة.
إن العلماء الربانيين لا يصورون الحلول الترقيعية في ظل الأنظمة الوضعية بأنها هي الحل للمشكلات، لما في ذلك حرف للمسلمين عن جادة الحق والصواب. ولا يقومون بمسايرة الأنظمة العلمانية القائمة على غير أساس الإسلام لإطالة أمدها، حيث إن ذلك ليس من شيم العلماء الربانيين، وهو خداع للمسلمين الذين يتوقون للرقي والعيش الكريم. وبدلا من ذلك فإن واجب العلماء أن يبينوا للأمة أن الأزمة الاقتصادية التي نمر بها سببها تطبيق النظام الاقتصادي الرأسمالي العلماني الجشع، الذي أنتجه عقل بشري عاجز ناقص، والذي أثبت ويثبت فشله وتناقضه مع مبدأ تكريم الله للإنسان وخلافته وتمكينه في الأرض. وأن الحل الإسلامي الوحيد والمتكامل والخالص والنابع من عقيدة المسلمين لهذه الأزمة ولكل ما يعانيه المسلمون من مشكلات، هو التحرر من هيمنة نظام الدول الاستعمارية الكافرة، وتطبيق أنظمة الإسلام في الاقتصاد والدولة والنظام الاجتماعي وغيره من الأنظمة، وأن تحقيق ذلك لا يكون إلا في خلافة على منهاح النبوة الواجب إقامتها. فالأمة ترتقي فقط باستئناف الحياة الإسلامية وذلك بإقامة دولة إسلامية تطبق الإسلام كاملا وليس من خلال “التخطيط السليم والتنفيذ الأمين” لما يقدمه لنا الغرب الكافر من أنظمة فاسدة أساسها فصل الدين عن الحياة.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
فاطمة بنت محمد