لماذا تُشاع الأكاذيب على حزب التحرير؟
جريدة العرب اللندنية مثال
الخبر:
تزامنا مع الحركات الاحتجاجية الأخيرة في تونس تناقلت العديد من وسائل الإعلام أخبارا كاذبة تتهم فيها حزب التحرير بالتحريض على العنف، هذا وقد نشرت صحيفة العرب اللندنية يوم الثلاثاء 2016/01/26 مقالا في صفحتها الرابعة بعنوان “السلفيون يحرضون على مؤسسات الدولة في تونس”.
وقد نسبت الصحيفة المقالة لها، يعني من المفروض أن يكون مضمونها على درجة عالية من الحرفية.
التعليق:
تضمن المقال اتهامات لحزب التحرير وتحريضا عليه فضلا عن عدة مغالطات إن لم نقل أكاذيب تحاول تشويه حزب باتت أفكاره وتوجهاته هي الأوضح والأشهر عند جمهور الناس في البلاد الإسلامية قاطبة، بل لقد اعتبرته بعض مراكز الدراسات العالمية الحزب الأكثر انتشارا عالميا ومحليا في عديد من الأقطار خاصة في شرق آسيا، وحذر منه عديد الساسة وصناع القرار في الدول الكبرى باعتباره يمثل البديل الحضاري الذي يهدد عرش الرأسمالية العالمية ومنها أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة في العالم المتنفذين على السياسة الدولية في هذا العصر، ولعل سبب تهجم جريدة العرب اللندنية يندرج ضمن هذا الإطار، أي خدمة لمصالح هؤلاء من الذين يخشون حزب التحرير الذي بلغ صداه عقر دارهم، أي بلاد الغرب، حيث أصبحت الجالية الإسلامية تنقاد له وبدأت صفوف من الغربيين يقبلون دعوته ويعتنقون الإسلام لقوة الفهم التي يحملها ووضوح أفكاره والتزامها بما جاء به محمد e.
أما حول ما يتعلق بما نشر في هذا المقال، فجريدة العرب البريطانية تعلم جيدا أن حزب التحرير ليس حزبا سلفيا؛ إذ إنه فتح باب الاجتهاد والتفكير ومنفتح في نقاشاته على الثقافة الإسلامية عموما والأطروحات الفكرية مهما تلونت واختلفت، أما إذا اعتبرنا أن الكاتب يتحدث عن التيار السلفي المعاصر، فقطعا هو خطأ لا يغتفر لمن يعتبر نفسه رائدا في الإعلام والصحافة، فلا يمكن اعتبار أنه خطأ في ضعف المعلومات لأن حزب التحرير قد تأسس حينما لم تكن هنالك تسمية السلفية أصلا، فضلا عن مواقف الحزب التي لا تتماشى مع سياسات آل سعود وآل الشيخ في السعودية بل يناقضها، وحزب التحرير يعتبر العمل المادي لا يجوز وليس هو طريقة العمل لإقامة مشروعه فيختلف بداهة عن الحركات التي تعتمد على الأعمال المادية.
أما عن عنوان المقال الذي ذكر فيه أن حزب التحرير يحرض على مؤسسات الدولة: حزب التحرير في الحقيقة يعارض فتح مؤسسات الدولة لتكون مستباحة في يد الإنجليز، فالحزب يعارض الاتفاق الأمني الذي بموجبه منحت الحكومة بريطانيا حق التدخل في الأجهزة الأمنية تحت عنوان التنسيق الأمني، ويرفض وجود عناصر من السكوتلانديارد للتحقيق مع أمنيين تونسيين، كما ندد الحزب بمنح قاعدة بيانات الإدارة التونسية لإحدى مراكز الدراسات البريطانية تحت عنوان الهيكلة… نعم حزب التحرير حارس أمين على بلاد المسلمين، في الوقت الذي يرفع غيره شعار الوطنية وحب الوطن لكنه يحب العمالة لبريطانيا كما لا يحبها أحد!
أما عن الاحتجاجات الأخيرة فربما لن تكون هي الأخيرة في البلاد ما دامت سياسات البلاد عنوانها الأبرز هو الارتهان بما يعني من تفريط في ثروات البلاد إلى الشركات البريطانية أساسا ثم الفرنسية وغيرها، لن تكون الأخيرة لأنهم غير قادرين على حكم شعب وعى وظل وعيه في ازدياد رغم المكائد والمؤامرات التي تسعى لإعادته إلى السبات وإخماد ثورته.
وربما هي رسالة أخرى يوجهها الناس لهذه النخبة السياسية، سياسيي التوافق برعاية الدوائر الخارجية، فالرسالة الأولى كانت بعدم مبالاة الناس لكتابة الدستور وإعلانه، حتى إن نسبة الحضور كانت ضعيفة جدا في الحوار حوله الذي نظمته الدولة آنذاك، بل شهد رفضا ومعارضة شديدة بشهادة مقرر الدستور الحبيب خضر، ثم كانت الرسالة الثانية هي مقاطعة 5 ملايين ناخب من ثمانية ملايين لهم الحق في الانتخاب، وبلغت نسبة مشاركة الشباب فيها أقل من 20%، لتكون هذه رسالة أخرى يعلن فيها الشعب رفضه لمحاولات استغفاله واصطناع مشاكل أبعد ما تكون عما يعيشه على غرار مشاكل الحزب الحاكم أو نقير السياسيين الفاشلين في البلاتوهات السياسية، وفي الأثناء فإن حزب التحرير يواصل وجوده الطبيعي مع الناس يعرض مشروعه ويبلغ آراءه التي تتعلق باسترجاع الثروات، وانطلاق في التصنيع، واستغلال الأراضي المعطلة والخروج النهائي من المديونية؛ فها هو يتصل بالخبراء والقضاة والجميع، وينظم المنتديات العملية والندوات الشعبية فيحصد بنضاله الصادق حب الناس والجماهير.
وما بيانه الأخير إلا دليل على أنه لا يصطاد كغيره في الماء العكر بل يؤسس لرؤية وبديل حقيقي راشد، فقد ساند فيه تحركات الناس ومطالبهم المشروعة، وأوضح سبب الأزمة بعمق وعرض الحل باستنارة، ولا يغرنا افتراء الحاقدين أو ثرثرة المشوهين، فأحداث العنف والفوضى ظهر جليا أنها كانت في خدمة من أراد إخماد أصوات الناس النقية، وحتى التصريحات الرسمية اتهمت رجال أعمال فاسدين ومهربين فضلا عن أطراف خارجية امتنعت عن تسميتها، ولكن البعض لا يريدون رؤية الحقيقة بل هي لا تعجبهم! ولكن لن تنجح كما لم تنجح من قبل هذه المحاولات اليائسة البائسة في التحريض الإعلامي على الحزب، فحتى موضوع الاعتقالات شهدناهم يغطونها ولكنهم وقفوا عندها ولم يتحدثوا عن إطلاق سراحهم بمجرد اطلاع النيابة على ما كانوا يوزعون، بل أثنى عدد كبير من الأمنيين على موقف الحزب وعلى دعوته الواضحة في الحفاظ على الطابع السلمي للتحركات وتجنب تحولها إلى أعمال عنف وفوضى.
طبعا لسنا نخجل من دعوتنا للخلافة ذلك الحكم الراشد الذي دعا إليه الإسلام وبشرنا به رسولنا الكريم e«ثم تكون خلافة على منهاج النبوة»، ولكننا نؤكد دائما أننا ملتزمون بطريقة الإسلام في ذلك عبر الصراع الفكري والكفاح السياسي، ولا نقولها تزلفا أو خوفا بل هي قناعة كقناعتنا بكل المسائل الشرعية. ولكن على البعض أن يستحي أن يكون ورقة صغيرة يحركها أسياده في ضرب مشروع أمته لغايات تافهة؛ مالاً كانت أم سلطة، وما الخيرية إلا في نصرة قضايا المسلمين والاصطفاف وراء العاملين بجد لإعادة مجد هو ليس ببعيد عنا.
هي ليست المرة الأولى التي تكتب فيها جريدة العرب البريطانية مقالا بهاته الرداءة والضعف السياسي، ونشير أن مثلها تزيد في شعبية الحزب، ولكن مراعاة منا لاسمها الذي يقترن بالعرب فإننا نهيب بها بأن توجه أقلامها لتعرية الواقع الاستعماري الذي تعيشه البلاد العربية.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
المهندس محمد ياسين
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية تونس