إن الله كافٍ عبدَه
الخبر:
“تعرضت بلاد الشام في الأيام الماضية إلى عاصفة قطبية تدنت فيها درجات الحرارة وسقطت الأمطار والثلوج، وما إن أعلنت الأرصاد الجوية عن هبوب موجة ثلجية على بلاد الشام ومنها فلسطين والأردن حتى بدأت حملات “التبضع” للأيام التي سيهبط بها الضيف الأبيض على الأرض. وأصبح الشغل الشاغل للناس خاصة على مواقع التواصل هذا المنخفض وترقبه والاستعداد له.”
التعليق:
منذ الإعلان عن هذه الموجة الثلجية بداية الأسبوع، لوحظت حملة شراء مجنونة وحمى تخزين تتكرر في مثل هذه الأجواء، وكأن الثلج سيهبط ولن يرحل. واصطفت الطوابير أمام المخابز ومحطات الوقود ومحلات بيع المواد الغذائية بمختلف أنواعها، وأتت على كثير من السلع الأساسية والكمالية، وأدى ذلك إلى ارتفاع الأسعار وتصريف بعض المنتجات ذات الجودة المتدنية، وشح الوقود اللازم للتدفئة خاصة الغاز لأن الشخص أخذ عدة اسطوانات غاز فوق حاجته، مع أن المنخفض هو فقط لعدة أيام، ولكنها “الأنا” التي تحكمت في العديد من الناس بحيث لم يهتموا بأن يتركوا لغيرهم ما هم بحاجة إليه، والثقافة الاستهلاكية التي سيطرت على الناس في هذا النظام الرأسمالي الذي نعيشه.
إن حالة الهلع هذه والتكالب على الشراء تعكس عدة أمور منها ضعف عقيدة التوكل على الله الذي يرزق الطير؛ تغدو خماصا وتعود بطانا، يكدسون طعاما يكفي لأشهر وليس لأيام غافلين عن حديث رسول الله e «منَ أصَبْحَ منِكْمُ آمنِاً فيِ سرِبْهِ، معُاَفىً فيِ بَدَنِهِ، عنِدْهَ قوُت يوَمْهِ، فكَأَنَّماَ حيِزتَ لهَ الدُّنيْاَ».. كما ظهر أيضا جشع وطمع واستغلال بعض التجار في ظل غياب الدولة الراعية الحامية التي توفر للناس حاجاتهم وتكفيهم مئونتهم وتمنع الاحتكار والاستغلال..
وقد زاد من خوف الناس تصريحات مسؤولي البلديات والمجالس القروية عن حالة الطوارئ واستنفار الآليات والعاملين لفتح الطرق وتسيير الأمور، وأعلن عن إغلاق المدارس في الضفة الغربية وعدد من المدن في الأردن.. مما أشعر الناس أنهم مقبلون على كارثة طبيعية تستلزم فعل ما قاموا به..
ولا ننسى هنا دور الإعلام المحلي الذي بالغ في التحذير من تداعيات المنخفض وتسبب في حالة الهلع هذه وما أدت إليه من تسوق غير مقبول وزائد عن الحاجة.. فأصبح هناك عشرات الراصدين الجويين وعشرات مواقع الرصد الجوي خاصة في مواقع التواصل، مما يؤكد مرة أخرى على دور الإعلام سلبا وإيجابا، وعلى قدرته على توجيه بوصلة الرأي العام حسب ما يريده القائمون على هذا الإعلام.
ومن جهة أخرى فقد أظهر المنخفض وغيره الجانب المضيء في عدد من الناس من الذين يغيثون الملهوف ويسألون عن غيرهم ويساعدونهم قدر الإمكان مستأنسين بحديث رسول الله e «أَيُّمَا أَهْلِ عَرْصَةٍ بَاتَ فِيهُمُ امْرُؤٌ جَائِعٌ، فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ»، ليؤكدوا على خيريّة هذه الأمة رغم كل ما نعيشه من فتن وبعدٍ عن أحكام الله..
اللهم ارزقنا الراعي الجُنّة الذي نأمن في عهده على أنفسنا وعوائلنا ونطمئن على تلبية احتياجاتنا في أي ظرف وأي حال وأي وضع..
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
مسلمة الشامي