بريطانيا تهاجم الدور الروسي في سوريا
إياك أعني واسمعي يا جارة
الخبر:
رويترز 2016/2/2- قالت بريطانيا يوم الثلاثاء إن روسيا ربما تحاول اقتطاع دويلة علوية في سوريا لحليفها الرئيس بشار الأسد من خلال قصف معارضيه بدلا من قتال تنظيم الدولة الإسلامية.
وتبادلت روسيا وبريطانيا الانتقادات اللاذعة بعد أن قال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند لرويترز إنه يعتقد أن الرئيس فلاديمير بوتين يؤجج نيران الحرب الأهلية السورية بقصف أعداء الدولة الإسلامية. ورفض هاموند الانتقادات الروسية بأنه ينشر “معلومات خاطئة وخطيرة” قائلا إن هناك حدودا للمدة التي يمكن أن تلعب فيها روسيا دور الداعم لعملية السلام بينما تقصف معارضي الأسد الذين يأمل الغرب في أن يتمكنوا من بناء سوريا جديدة فور رحيل الأسد.
وقال هاموند للصحفيين في روما “هل روسيا ملتزمة حقا بعملية سلام أم أنها تستخدم عملية السلام كورقة توت تخفي وراءها محاولة لتقديم نصر عسكري من نوع ما للأسد يتمثل في إقامة دويلة علوية في شمال غرب سوريا؟”… وأجاب هاموند ردا على سؤال حول ما إذا كان يعتقد أن روسيا مدانة بجرائم حرب في سوريا “الأمر في ظاهره – ويتعين عليكم التحقيق في هذه الأمور بصورة متمعنة للغاية – ثمة قصف متواصل ودون تمييز لمناطق مدنية. الأمر يمثل في ظاهره خرقا للقانون الإنساني الدولي.”
التعليق:
لم يبرز أي دور لبريطانيا في الأزمة السورية منذ بداية الأزمة وحتى أواخر العام الفائت باستثناء إعلانها المشاركة بالعملية العسكرية ضد تنظيم الدولة بالتزامن مع العملية العسكرية الفرنسية، ولم تتطور هذه المشاركة لتشكل فارقا مؤثرا على مجريات الأحداث في سوريا يجعل لبريطانيا دورا فاعلا فيها، فسماء سوريا تزدحم بالطائرات الروسية والأمريكية، والوجود الروسي يشكل درعاً يحول بين هذه الدول وبين التنغيص على إدارة أمريكا للأزمة.
ومنذ تفجر قضية اللاجئين، وأوروبا كلها مستثارة حيث أصبح استمرار الأزمة في سوريا يشكل تهديدا أمنيا وديمغرافيا لأوروبا، وهذا يدفعها للضغط لحل أزمة سوريا، ويظهر من ردة فعل أمريكا أنها تدير ظهرها لأوروبا فيما يخص قضية اللاجئين، وترفض أي محاولة أوروبية للدخول في عمق الأزمة السورية، فيقضى الأمر حين تغيب، ولا تُستأمر وهي شاهدة، وتصر أمريكا على جعل الأزمة بيدها وحدها، ودور روسيا في الأزمة دور صنعته أمريكا لروسيا بما يخدم مصالح أمريكا.
وهذا الاستعمال الأمريكي لروسيا، والتستر خلف مواقفها، لا يعجب أوروبا وبخاصة بريطانيا، ولأن بريطانيا تتخذ سياسة عدم المواجهة مع أمريكا، لذلك فليس لها إلا انتقاد روسيا كوسيلة لانتقاد أمريكا، وتشديد بريطانيا الهجوم على الدور الروسي في سوريا في هذا الوقت يتزامن مع مؤتمر المانحين في لندن، ويتزامن مع وقوع الأردن تحت الضغوطات الأمريكية، ويبدو أن روسيا قد أغلقت الباب في وجه محاولات زحزحتها عن سياسة خدمة أمريكا في المنطقة، أو على الأقل الخروج عن النص الأمريكي ولو قليلا، وقد ظهر هذا من عودة رئيس هيئة الأركان الأردني بخفي حنين من روسيا، كما سبق ذلك الإهانة التي تلقاها ملك الأردن بعدم لقاء أوباما له إلا ذاك اللقاء العابر وخلال استعداد أوباما الصعود إلى طائرته، مما يؤشر على أن أمريكا قد تكون قلبت للأردن ظهر المجن.
وقد جاء في مقابلة ملك الأردن مع قناة بي بي سي قبيل انعقاد مؤتمر المانحين لسوريا (“إن الشعب الأردني “بلغ درجة الغليان” نتيجة المعاناة التي تسبب بها نزوح مئات الآلاف من اللاجئين السوريين إلى الأردن… وحذر، “سينهار السد عاجلا أو آجلا على ما أعتقد.”).
فانتقاد بريطانيا للدور الروسي انتقاد لأمريكا، ومجيئه في سياق دعم الأردن يعتبر محاولة لتخفيف الضغط عن الأردن وتجنيبه القيام بدور تفرضه عليه أمريكا قد يكون فيه زواله، أو تعرضه لمخاطر تهدد وجوده مما يهدد النفوذ البريطاني المتجذر فيه.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الله المحمود