مع الحديث الشريف
باب العبد راع في مال سيده
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني بتصرف في باب “العبد راع في مال سيده”.
حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “كلكم راع ومسئول عن رعيته فالإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل في أهله راع وهو مسئول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسئولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راع وهو مسئول عن رعيته، قال: فسمعت هؤلاء من النبي صلى الله عليه وسلم، وأحسب النبي صلى الله عليه وسلم قال: والرجل في مال أبيه راع ومسئول عن رعيته فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته”.
قوله: “العبد راع في مال سيده” فإنه حجة لمن قال: إن العبد لا يملك، والحديث إنما سيق للتحذير من الخيانة والتخويف بكونه مسئولا ومحاسبا، فلا تعلق له بكونه يملك أو لا يملك. انتهى.
قوله: “والمرأة في بيت زوجها راعية” إنما قيد بالبيت لأنها لا تصل إلى ما سواه غالبا إلا بإذن خاص.
أيها المستمعون الكرام:
كلنا يعلم هذا الحديث الشريف “كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته”، إلا أن الأمر اللافت للنظر في الحديث الترتيب الذي فيه، فقد بدأ بالحاكم أو الإمام، فالرجل في أهله فالمرأة في بيت زوجها ثم انتهى بالخادم في بيت سيده. وهذا ليس من قبيل الصدفة، بل من باب الأهمية واتساع دائرة المسئولية، فالحاكم مسئول عن الأمة كاملة، والرجل والمرأة والعبد كذلك كل له مسؤولية حددها الشرع، فكان الترتيب متناسبا معها، المسؤولية الكبيرة فالصغيرة فالأصغر وهكذا..
أيها المسلمون:
هذا الترتيب له دلالته التي تنسجم مع أوامر الله وسيرة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، حيث عمل عليه الصلاة والسلام على إيجاد الإسلام في واقع الحياة من خلال الوصول للحكم. فقد كان بمكة مستضعفا، لا يملك من أمر المسئولية على المجتمع شيئا.
إذن فلماذا يستغرب البعض من الدعوة لتغيير رأس الهرم قبل القاعدة؟ وكيف يستساغ قبول تحكم المسئول الصغير بالمسئول الكبير في قضية كبيرة تتعلق بتغيير المجتمع؟ لا شك أن هذا لا يخالف الشرع فقط، بل يخالف سنن التغيير في الكون.
أيها المسلمون:
بهذا جاء الشرع، وهكذا عمل نبيكم صلى الله عليه وسلم، فلم يتغير المجتمع المكي طيلة ثلاثة عشر عاما بالدعوة فقط، بل عندما أقام صلى الله عليه وسلم الحكم والدولة في المدينة، عاد إليها حاكما فاتحا فغيّر المجتمع بأكمله. وهذا ما نسعى إليه اليوم، نسعى إلى تغيير الرأس كي تتغيّر القاعدة. نسعى إلى إزالة رؤوس حكام المسلمين العفنة التي أذاقت الأمة الويلات، ليحلَّ مكانها حاكم واحد، خليفة يحكمنا بأحكام الله، فيطبق فينا كتابه وسنة نبيه عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
اللهمَّ عاجلنا بخلافة على منهاج النبوة تلم فيها شعث المسلمين، ترفع عنهم ما هم فيه من البلاء، اللهمَّ أنرِ الأرض بنور وجهك الكريم. اللهمَّ آمين آمين.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: أبو مريم