مع الحديث الشريف
حكم إجارة المنافع المحرَّمة
نحييكم جميعا أيها الأحبة المستمعون في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
روى الترمذي عن أنس بن مالك قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة، عاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه وساقيها وبائعها وآكل ثمنها والمشتري لها، والمشتراة له،
جاء في كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام للشيخ الجليل العالم تقي الدين النبهاني رحمه الله قوله في فصل أسباب التملك، باب العمل في شرح ما يتعلق بالعمل من أحكام الإجارة قوله في موضوع حكم الإجارة على المنافع المحرمة قوله: [يشترط لصحة الإجارة أن تكون المنفعة مباحة، ولا تجوز إجارة الأجير في ما منفعته محرمة، فلا تجوز إجارة الأجير على حمل الخمر لمن يشتريها ولا على عصرها – كما ورد في الحديث أعلاه – ولا على حمل خنزير ولا ميتة، وكذلك لا تجوز الإجارة على عمل من أعمال الربا، لأنه إجارة على منفعة محرمة، ولأنه قد روى ابن ماجه عن طريق ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم: “أنه لعن آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه”، أمّا موظفو المصارف (البنوك) ودوائر القطع وجميع المؤسسات التي تشتغل بالربا فإنه يُنظر، فإن كان العمل الذي استؤجروا له جزءاً من أعمال الربا سواء نتج عنه وحده الربا أم نتج عنه مع غيره من الأعمال ربا فإنه يحرم على المسلِم القيام بهذا العمل، وذلك كالمدير والمحاسبين والمدققين وكل عمل يؤدي منفعة تتصل بالربا سواء أكان اتصالها بشكل مباشر أم غير مباشر، أمّا الأعمال التي لا تتصل بالربا لا بشكل مباشر ولا غير مباشر – كالبواب والحارس والكناس وما شاكل ذلك- فإنه يجوز، لأنه استئجار على منفعة مباحة، ولأنه لا ينطبق عليه ما ينطبق على كاتب الربا وشاهديه، ومثل موظفي المصارف، موظفو الحكومة الذين يشتغلون بعمليات الربا، مثل الموظفين الذين يشتغلون في تحضير القروض للفلاحين بربا، وموظفي المالية الذين يعملون بما هو من أعمال الربا وموظفي دوائر الأيتام التي تقرض الأموال بالربا، فكلها وظائف محرمة يُعتبر من يشتغل بها مرتكباً كبيرة من الكبائر لأنه ينطبق عليه أنه كاتب للربا أو شاهده، وهكذا كل عمل من الأعمال التي حرمها الله تعالى يحرم أن يكون المسلم فيه أجيراً.
أمّا الأعمال المحرم ربحها أو الاشتراك بها لأنها باطلة شرعاً – كشركات التأمين وشركات المساهمة والجمعيات التعاونية وما شاكل ذلك- فإنه لا يجوز للمسلم أن يباشر العقود الباطلة أو العقود الفاسدة أو الأعمال المترتبة عليها، ولا يجوز له أن يباشر عقداً أو عملاً يخالف الحكم الشرعي، فيحرم أن يكون أجيراً فيه، وذلك كالموظف الذي يكتب عقود التأمين ولو لم يقبلها، أو الذي يفاوض على شروط التأمين أو الذي يقبل التأمين، ومثل الموظف الذي يوزع الأرباح بحسب المشتريات في الجمعيات التعاونية، ومثل الموظف الذي يبيع أسهم الشركات أو الذي يشتغل في حسابات السندات، ومثل الموظف الذي يقوم بالدعاية للجمعيات التعاونية وما شاكل ذلك، أما الشركات المنعقدة فجميع الموظفين فيها إن كان عملهم مما يجوز شرعاً أن يقوموا به جاز لهم أن يكونوا موظفين فيه، وإن كان العمل لا يجوز له أن يباشره هو شرعاً لنفسه لا يجوز له أن يكون موظفاً فيه، لأنه لا يجوز أن يكون أجيراً فيه، فما حرم القيام به من الأعمال حرم أن يؤجر عليه أو أن يكون أجيراً فيه.] انتهى.
أيها المستمعون الكرام:
كم نحن اليوم بأمس الحاجة لتطبيق شرع الله فنجتنب العمل في الحرام ولا يكون في المجتمع أبواب له مشرعة من دول لا تطبق أحكام الله، وتكره الناس على هذه الأعمال المحرمة.
كم نحن اليوم بحاجة إلى أن يلتزم الجميع شرع الله لأنه الرقيب فوق عباده وسيحاسبهم على ما اقترفوه.
إلى هذا الخير الذي سيعم العالم ندعوكم للعمل معنا في حزب التحرير لتطبيق هذه الأحكام الشرعية التي تسعدنا وتسعد البشرية.
مستمعينا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.