دستور الجزائر الجديد
خمس سنوات مضت والشعب الجزائري ينتظر وعد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بتعديل الدستور، وهي بادرة اتخذها حينها خوفا من انتقال عدوى الربيع العربي من تونس إلى الجزائر، وفي يوم 2016/2/7 على إثر المصادقة على الدستور صرح بوتفليقة أنه يوم تاريخي تدخله الجزائر، والذي وصفه بأنه عبارة على تأسيس للنظام الجمهوري الجديد يحفظ مكونات الدولة الجزائرية.
ويعد هذا الدستور السابع بعد الاستقلال والثالث بعد تولي بوتفليقة الحكم، وقد أقر بأغلبية ساحقة في البرلمان؛ إذ صوت 499 نائبا بـ (نعم) واثنان بـ (لا) و16 نائبا رفضوا التصويت مع مقاطعة تامة للمعارضة، ومن أهم التعديلات عودة العمل بالحد من الولايات الرئاسية، إذ باتت ولايتين اثنتين فقط وهو بند ألغاه قانون 2008 مما جعل بوتفليقة يترشح لعهدة ثالثة ثم رابعة، ومنع تقلد مسؤوليات عليا لمزدوجي الجنسية، خاصة وأن الكثير من الجزائريين يحملون الجنسية الفرنسية، وتنصيب رئيس الوزراء بأغلبية برلمانية، وترسيم الأمازغية كلغة رسمية. وإثر الانتهاء من المصادقة على التعديل حذر بوتفليقة في رسالة له للشعب الجزائري في البرلمان من أي مغامرة خطيرة شبيهة بتجارب التغيير التي جرّت للفوضى والحروب الأهلية، وفتح الأبواب للإرهاب المدمر، في إشارة إلى ليبيا وسوريا. ومباشرة صرحت المعارضة بأن تعديل الدستور مجرد تمثيلية مثلها كمثل حل جهاز المخابرات “مديرية الاستعلام والأمن”، حيث استبدل به جهاز “مديرية المصالح الأمنية”، كما دعت جبهة الإنقاذ على لسان علي بلحاج للخروج إلى الشارع في أقرب وقت ممكن لإنقاذ جزائر المليون ونصف مليون شهيد رافعين شعارات لا لدستور الولاية 49 ولا لدستور نادي الصنوبر. وقال رشيد نكار “أنا سأجعلكم أضحوكة”.كما خرج سكان عين صالح في مسيرات ضخمة رافعين شعارات استفزازية “يا بوتفليقة بعد ما بعدتها لفرنسا في الرابعة نطالبك بالخامسة”.
نعم مشكلة الجزائر ليست في تعديل الدستور وهي زوبعة في فنجان كما جاء في الصحف الجزائرية، وإنما في النظام بمجمله الذي يكرس الرأسمالية المتوحشة وقوانينها الإجرامية غير الشرعية التي تبعد الشعب عن هويته الإسلامية وتجبره على الارتهان والتبعية، وفي القائمين عليه الذين غلبت عليهم طباع الجشع والطمع والمصلحة الذاتية. فعلى الشعب الجزائري الأبي أن يعي أن دستور الجزائر قد بلي كما يبلى الثوب ولا مجال للتعديل والترقيع، ولا حل له إلا بدستور إسلامي مستنبط من الكتاب والسنة وما أرشدا إليه بأدلته الشرعية التفصيلية في الاجتماع والاقتصاد والحكم والسياسة الداخلية والخارجية، وإلا فإنه كما قال عضو حركة رشاد محمد العربي زيتوت: “يوما قريبا جدا سينتفض الشعب، يومها بعضهم سيندم وبعضهم سيستقيل وبعضهم سيهرب ولكنهم سيتركون خرابا عظيما وفوضى عارمة إلا أن تتنزل رحمة من السماء”.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
سالم أبو عبيدة – تونس