أهداف أمريكا من التدخل البري في سوريا
الخبر:
قال وزير الدفاع الأمريكي أشتون كارتر إنّه يتوقّع أن تُرسل السعودية والإمارات قوات خاصة إلى سوريا لمساعدة مقاتلي المعارضة في معركتهم ضد تنظيم الدولة الإسلامية لاستعادة الرقّة معقل التنظيم، وأضاف: “سنحاول أن نتيح الفرصة والقوة وبخاصة للعرب السنّة في سوريا الذين يريدون استعادة أراضيهم من داعش لا سيما الرقة”، وبيّن كارتر دور حلف الناتو في هذه المعركة فقال: “سيقدّم الحلف قدراته الفريدة بالإضافة إلى خبرته في تعزيز القدرات لدى الشركاء على صعيد تدريب القوات على الأرض وإرساء استقرار الوضع”، وأمّا دور سائر الدول المشاركة في التحالف الذي تقوده أمريكا في عدوانها على سوريا فيقول كارتر: “إنّ الدول الحليفة ستدرس خلال الأيام والأسابيع المقبلة الدور المناسب الذي تُشارك فيه بشكل منفرد ضمن التحالف الدولي ضد داعش”.
التعليق:
إن ّتصريحات كارتر هذه لا شك أنّها تُشير إلى وجود عمليات عسكرية جديدة في سوريا تُخطّط لها أمريكا منذ فترة، فهي تُريد إقحام المزيد من القوات المختلفة في أتون المعارك التي تُشعلها في سوريا لمدد زمنية طويلة، كما تُريد تعقيد الأوضاع، وتشتيت القوى في سوريا، لتحقيق أهداف خبيثة.
ونقلت رويترز يوم الخميس الفائت عن مسؤول في وزارة البنتاغون قوله إنّ: “الوزارة ستُقدّم قريباً خطّة للكونغرس بشأن هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية”، وأجرى كارتر في بروكسل محادثات مع أكثر من اثني عشر وزيراً في دول التحالف، وضغط عليهم للمساهمة في تقديم ما يمكن تقديمه في تلك الخطة، وهذا يعني أنّ المنطقة مقبلة على الولوج في حروب مفتوحة ضد عدوٍ مبهم، في حين يبقى نظام بشّار وهو المتسبب الرئيس في أزمة سوريا بمنأى عن هذه الحروب، بل يتم تقويته ودعمه وإضعاف خصومه وتشتيت قواهم، وقد عاقبت أمريكا ما يُسمّى بلواء المعتصم الذي تدعمه بقطع الدعم العسكري عنه بسبب مشاركته في صد هجوم لقوات الأسد في ريف حلب الشمالي بذريعة أنّ دعم أمريكا له كان مشروطا بقتال تنظيم الدولة فقط.
فهذه الخطة الأمريكية الجديدة تبدو صارمةً في إبعاد المتحاربين عن قوات بشّار الأسد، وفي جعل الحرب محصورة في مناطق لا وجود لقوات الأسد فيها، وقد أكّد عادل الجبير وزير الخارجية السعودي هذا المعنى بقوله: “إن هناك محادثات جارية حالياً حول إرسال قوات برّية للسيطرة على مناطق داخل سوريا لا يُمكن السيطرة عليها من الجو فقط”، وردّاً على تصريحات رئيس الحكومة الروسي ميدفيديف التي حذّر فيها من أنّ العمليات البرّية قد تؤدي إلى حرب دائمة كما حصل في أفغانستان، وأنّها ستمتد إلى سنوات قال الجبير: “أعتقد أنّ هذا مبالغ فيه“.
وانجرّت فرنسا بقوة وراء أمريكا في تأييد خطتها هذه خاصة بعد إقالة وزير خارجيتها فابيوس الذي يبدو أنّه كان معارضاً صريحا لخطط أمريكا بشكل عام في سوريا، وكان يُشكّك في الدور الأمريكي في سوريا، ووصف السياسة الأمريكية قبيل تركه للوزارة بسويعات بأنّها سياسة غامضة، وانجرار فرنسا لأمريكا أكّده رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس بقوله: “إنّ الهجوم البري لقوات محلية وعربية سيكون حاسماً في القضاء على داعش“.
من الواضح إذاً أنّ أمريكا زجّت بعملائها وحلفائها لخوض حروب جانبية في سوريا لتحقيق أهداف مُريبة، من أهمها تمزيق سوريا إلى كانتونات، ومحاولة القضاء على الثورة وإجهاضها نهائياً، وإقصاء القوة الإسلامية المتصاعدة في سوريا، والعمل على تدميرها، لذلك كان اعتماد أمريكا في تحقيق أهدافها الإجرامية تلك على السعودية بالدرجة الأولى وذلك لما لها من مكانة وقوة في المنطقة، والتي يسعى حكامها العملاء إلى إثبات جدارتهم في قيادة المنطقة نحو خدمة الخطط الأمريكية من دون تردّد، فقد صرّح أحمد العسيري مستشار وزير الدفاع السعودي: “إنّ إعلان المملكة المشاركة بقوات على الأرض قرار لا رجعة فيه، وإنّنا جاهزون لإرسال قوات برّية إلى سوريا بمجرّد اتخاذ التحالف الدولي قراراً بذلك”، وهذا يعني أنّ السعودية مستعدة لتلبية الرغبات الأمريكية بمجرد الطلب، وأنّها رهن إشارة أمريكا لها.
وبدلاً من أن تقوم السعودية – بما تملك من إمكانيات هائلة – بمواجهة نظام بشّار الذي تسبّب بكل تلك الكوارث والمآسي في سوريا، وبدلاً من قيامها بدعم الثوار والمستضعفين ورفع القتل والمعاناة والجوع والتشرد عنهم، بدلاً من ذلك كله، تقوم السعودية بمحاربة تنظيم الدولة في مناطق بعيدة جداً عن مركز الصراع الرئيس الدائر في سوريا، لا لشيء إلا استجابة للتعليمات الأمريكية.
لكنّ أمريكا وشركاءها كروسيا وفرنسا وبريطانيا، وأدواتها كالسعودية وإيران وتركيا، مهما حشدوا، ومهما خطّطوا ومكروا، فلن يُفلحوا في وقف لهيب الثورة، وستستمر القوة الإسلامية الثورية في الصعود في سوريا حتى إقامة الخلافة الإسلامية الحقيقية على منهاج النبوة رغماً عن أنف أمريكا ومن شايعها.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أحمد الخطواني