Take a fresh look at your lifestyle.

مع الحديث الشريف – باب ما جاء في الإصلاح بين الناس إذا تفاسدوا

 

مع الحديث الشريف 

 

باب ما جاء في الإصلاح بين الناس إذا تفاسدوا

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الصلح باب ما جاء في الإصلاح بين الناس إذا تفاسدوا وقول الله تعالى {لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} وخروج الإمام إلى المواضع ليصلح بين الناس بأصحابه

 

حدثنا سعيد بن أبي مريم حدثنا أبو غسان قال حدثني أبو حازم عن سهل بن سعد رضي الله عنه: “أن أناسا من بني عمرو بن عوف كان بينهم شيء فخرج إليهم النبي صلى الله عليه وسلم في أناس من أصحابه يصلح بينهم، فحضرت الصلاة ولم يأت النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء بلال فأذن بالصلاة ولم يأت النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء إلى أبي بكر فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم حبس وقد حضرت الصلاة فهل لك أن تؤم الناس؟ فقال: نعم إن شئت، فأقام الصلاة فتقدم أبو بكر ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم يمشي في الصفوف حتى قام في الصف الأول فأخذ الناس بالتصفيح حتى أكثروا، وكان أبو بكر لا يكاد يلتفت في الصلاة فالتفت فإذا هو بالنبي صلى الله عليه وسلم وراءه فأشار إليه بيده فأمره أن يصلي كما هو، فرفع أبو بكر يده فحمد الله وأثنى عليه ثم رجع القهقرى وراءه حتى دخل في الصف وتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس، فلما فرغ أقبل على الناس فقال: يا أيها الناس إذا نابكم شيء في صلاتكم أخذتم بالتصفيح إنما التصفيح للنساء من نابه شيء في صلاته فليقل سبحان الله فإنه لا يسمعه أحد إلا التفت، يا أبا بكر ما منعك حين أشرت إليك لم تصل بالناس! فقال ما كان ينبغي لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم”

 

الشروح

 

باب ما جاء “وحذف هذا كله في رواية أبي ذر، واقتصر على قوله: “ما جاء في الإصلاح بين الناس” وزاد عن الكشميهني “إذا تفاسدوا”.

 

والصلح أقسام: صلح المسلم مع الكافر، والصلح بين الزوجين، والصلح بين الفئة الباغية والعادلة، والصلح بين المتغاضبين كالزوجين، والصلح في الجراح كالعفو على مال، والصلح لقطع الخصومة إذا وقعت المزاحمة إما في الأملاك أو في المشتركات كالشوارع، وهذا الأخير هو الذي يتكلم فيه أصحاب الفروع، وأما المصنف فترجم هنا لأكثرها.

 

قوله: (وقول الله عز وجل: لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ إلى آخر الآية) التقدير إلا نجوى من إلخ فإن في ذلك الخير، ويحتمل أن يكون الاستثناء منقطعا أي لكن من أمر بصدقة إلخ فإن في نجواه الخير، وهو ظاهر في فضل الإصلاح.

 

مستمعينا الكرام: إن أفعال رسول الله هي تشريع علينا اتباعه، وإنه عليه الصلاة والسلام إذ لم يخرج لإمامة الصلاة فقد يكون الأمر كبير ولا يحتمل التأجيل أو له من الأهمية مكانة كبيرة وتعليم لنا نحن المسلمين كم الأمر مهم، وهذا ظاهر من عمله صلى الله عليه وسلم عندما حُبس مع المتفاسدين لإصلاحهما ولم يخرج للإمامة مما استدعى بلالا أن ينادي أبا بكر ليؤم في الناس، لذلك علينا أن نعطي خلافاتنا مع بعض التي تفسد علاقاتنا كإخوة في الله وتجعلنا منعزلين عن بعض كل هذا الاهتمام إلى أن يصطلح الحال.

 

يعلمنا رسول الله أن نكون طرفا مصلحا بين المتفاسدين لا أن نكون طرفا يبحث عن الخطأ لنعيب على بعضنا فقط، وأن علينا أن نكون طرفا يزرع الألفة والمحبة ونُعَدِّل ما اعوَج من العلاقات.

 

إن على المسلم أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، فكما نحب أن يكون بيننا وبين الناس عمار فلنعمل على إعمار وإصلاح ما بين إخواننا المتفاسدين، فنقلل من شأن الأمر الذي بينهم ونهدئ الأمور ولا نصب الزيت على النار، فنحن نعلم الكيفية التي ينظر منها المتفاسدين وكيف أن كل طرف منهم يظن أن الحق معه وأن الطرف الآخر هو المفسد لذلك فلنبين ولنستوضح الأمور ولا نكون طرف عون للظلم وأيضا لا نشعل نار الفتنة بينهم فتزيد الضغينة ويزيد البغض والحقد ولو باستخدام الكذب الذي اجازه الشرع للفصل بين المتفاسدين.

 

مستميعنا الكرام إن الدنيا زائلة لا محالة وإن كل ما كسبه ابن آدم في هذه الدنيا سيحاسب عنه أمام الله سبحانه، فهل يعقل ونحن أصحاب دين سليم يعلو ويرتقي بصاحبه، هل يعقل أن نلقى الله بتوافه الأمور التي تفسد علينا ثواب أعمالنا الأخرى؟

 

اللهم اجعلنا متحابين فيك، وانزع اللهم من قلوبنا كل بغض وكره لإخواننا واجمعنا اللهم وإخواننا في جنة عرضها السماوات والأرض .. اللهم آمين آمين.