حجاب ينتصر للمعتقلات زوراً وبهتاناً
الخبر:
أكدت رئاسة الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن المعارضة السورية برئاسة رياض حجاب أنها لن تشارك في مفاوضات جنيف، التي من المقرر استئنافها في 25 الشهر الحالي، “ما لم يطلق سراح النساء المعتقلات من سجون النظام السوري، وإرسال المساعدات الإنسانية إلى الأطفال.”
وأضافت أن الهيئة منذ تأسيسها في 10 كانون الأول/ديسمبر 2015 اتخذت قرارا استراتيجيا بالسير في العملية السياسية وتعزيز الجهود الدولية لتحقيق الانتقال السياسي من خلال المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة.
التعليق:
على الرغم من اعتراض بعض أعضاء المعارضة على انتقال رياض حجاب إلى صفوفهم وارتفاع أسهمه، وهو الذي قال عنه المعارض فايز ساره العام الماضي إن”حجاب كان ابناً عميقاً للنظام، وبالتالي من الطبيعي ألّا يصبح ابناً عميقاً للثورة” انتُخب حجاب ليترأس الهيئة العليا للمفاوضات بغالبية 24 صوتاً في مقابل ثمانية صوتوا لأحمد الجربا، من أصل 34 هم أعضاء اللجنة التي اختيرت خلال اجتماع الرياض الذي عقد في الثامن من كانون الأول والتاسع منه، وقد خلص المشاركون في هذا الاجتماع إلى وثيقة سياسية ورؤية موحدة لعملية التسوية السياسية في سوريا، كما أبدى المشاركون أيضاً استعدادهم للمشاركة في المحادثات استنادا إلى بيان جنيف واحد كمرجعية للتفاوض مع نظام الأسد.
وفي ظل تعثر هذه المفاوضات والتي لا هدف لها سوى منح الحياة للطاغية بشار وإعطائه وقتاً إضافياً يستطيع من خلاله استكمال مجازره ضد الشعب السوري ليكون ورقة ضغط يستخدمها النظام في أية مفاوضات مقبلة. في ظل ذلك تبدأ التصريحات من مختلف الأطراف لإعطاء حجج واهية عن سبب فشل أمريكا بإيجاد الحل السياسي الذي لطالما طمحت إليه رغم تشكيلها لمعارضة موحدة انبثقت من مؤتمر الرياض، وهذا ما كانت تنتظره وفق تصريحات مبعوثها إلى سوريا دي ميستورا للصحفيين عقب جلسة مشاورات مع رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة مونز لوكوتوفت، بمقرّ المنظمة الدولية بنيويورك إذ قال “من دون معارضة موحدة ومتماسكة سيكون من الصعب عقد اجتماع فعال في جنيف بين المعارضة والحكومة، وهو أمر طالما سبب مشكلة”. كما شدد المبعوث الدولي على أهمية إنجاح مؤتمر الرياض لأنه “يجب أن يكون هناك منبر مشترك للمعارضة لأنه سيكون على أطراف المعارضة التعامل، إما مباشرة أو من خلالنا في غرف مختلفة، مع موقف الحكومة الذي هو شديد الثبات والانضباط.” وذلك بعد أن كشف دي ميستورا عن أن قائمة المفاوضين باسم النظام جاهزة، قائلاً “نحن لدينا بالفعل قائمة للحكومة السورية (للمشاركة في المفاوضات)، لدينا أسماء 40 شخصاً، ومن المهم الآن أن تكون لدينا قائمة شاملة وواسعة تمثل المعارضة.”
فها قد توحدت أطراف النزاع في سوريا وفق تصريحات دي ميستورا، فتشكلت هيئة عليا للمفاوضات برئاسة رياض حجاب وتضم 36 من مختلف الشخصيات السياسية والفصائل المسلحة المعتدلة، يقابلها أربعون شخصية تُمثل النظام في المفاوضات.
فمن المستغرب بعد كل هذه الجهود والعمل الحثيث على إيجاد تشكيلة موحدة لمعارضة الخارج، أن يصدر من رئاسة الهيئة العليا للمفاوضات تأكيد على عدم مشاركتها في مفاوضات جنيف، إلا بعد إطلاق سراح المعتقلات وإرسال المساعدات الإنسانية إلى الأطفال! إلا إذا كانت هذه التأكيدات من ضمن الحجج الواهية والمعهودة من قبل أمريكا وحلفائها التي تُخفي خططاً جديدةً وأساليب أخرى للالتفاف على ثورة الشام وإخضاعها بعد أن كشفت عن أهدافها الإسلامية.
أين كانت هذه الشروط أيها المفاوضون منذ خمس سنوات؟ فمنذ بدء الثورة في سوريا بدأت معها حملات الاعتقالات العشوائية، فلم تستثن امرأةً أو طفلاً، فجميعهم سيان بتهمة معارضة النظام وإعلان الثورة عليه. ولم تتوان فروع التحقيق التابعة لنظام الطاغية بشار والتي تتوزع بشكل أساسي بين «الأمن السياسي» و«العسكري» و«أمن الدولة» و«المخابرات الجوية» و«المدارس» و«المستشفيات» و«الملاجئ» عن ممارسة وحشيتها بحق النساء، كما مارستها بحق الرجال.
هناك آلاف المعتقلات من النساء، يقبعن، إلى جانب عشرات الآلاف من المعتقلين، في سجون النظام، وتمارس عليهن كل وسائل الضغط والترهيب، التي تبدأ بالضرب المبرح ولا تنتهي بسحب الأظافر والصعق الكهربائي وما يعرف بـ”الكرسي الألماني” أو “الدولاب” و”إطفاء السجائر في الجسم” و”تعليق المعتقل من السقف” و”تهشيم الرأس”، بالإضافة إلى “الاعتداء الجنسي” و”توجيه الشتائم والألفاظ البذيئة” إلى أن تصل في أحيان كثيرة إلى القتل. لكن كيف لجدران السجن أن تسمع صرخاتهن؟ وكيف للأجساد النحيلة التي نهشتها أيدي شبيحة النظام أن تكون فوق قوة هذا السوط الموجه عليهن؟
سنوات تمر وصور المعتقلين الذين لقوا حتفهم تحت التعذيب تتوافد يوماً بعد يوم، وهي ليست بحاجة لإمعان كثير من النظر في الهياكل العظمية وتشويه الأجساد حتى يدرك الناظر وحشية نظام لا يعرف معنى أو لفظاً لكلمة الإنسانية.
هل استفاقت نخوة الرجال في رياض حجاب ورفاقه في هيئتهم العليا قبل أن يضعوا أيديهم بأيدي من توغل في دماء أطفال ونساء سوريا؟! أم أنه استغلال لمعاناة ومأساة معتقلات بكلمات إنسانية يضاف إلى سجل الخنوع والخضوع لقرارات دول كبرى لا تلقي بالاً ولا اهتماماً لاستغاثاتهن ومناجاتهن؟!
إن نساء المسلمين لا يستغثن بأشباه رجالٍ هم دمى عند أعداء الأمة، يُصرحون ويشترطون وكأن القرار بيدهم، لقد انكشفت تمثيلياتكم ومسرحياتكم أمام الرأي العام، الذي أدرك أن لا تفاوض مع المجرمين، وأن الثورة ستستمر، وأن كل من يجلس على طاولة التفاوض هو خائن لكل قطرة دم أُزهقت في سبيل نصرة المسلمين المستضعفين الذين شُردوا وقتلوا فقط لأنهم قالوا سيدنا محمد قائدنا للأبد.
إن أخواتنا المعتقلات وباسمهن نقول: إنهن لسن بحاجة لمن يخرجهن من السجون باتفاقيات ذل وعار تبقي على النظام المجرم، فما ينتظرهن في الخارج ليس بأرحم مما يعانينه، فنظرة المجتمع النفعي لهن وما سيلقينه من تعنيف وازدراء ومعاملة دونية ستقضي على ما بقي لهن من حب للحياة، إنهن بحاجة لنظام يرعى شؤونهن ويعيد لهن كرامتهن وعزتهن، لنظام ينشر العدل مكان الظلم، إنه النظام على أساس الإسلام فهو من عند أرحم الراحمين، فيه يُعزُّ الإسلام وأهله ويُذلُّ الكفر وأهله وينال كل ذي حق حقه.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
رنا مصطفى