روسيا وحدود الدور في الشام
الخبر:
قالت صحيفة “الغارديان” البريطانية، إن الشهور الأخيرة من الأزمة السورية شهدت ظهور عدة سمات جديدة، متسائلا بقوله: “هل وصل الصراع السوري إلى مرحلة حاسمة؟”.
وفي تقرير لمراسل الصحيفة في الشرق الأوسط مارتن شولوف، قالت “الغارديان” إن أولى هذه السمات هو أن الضربات الجوية الروسية المكثفة وتقدم قوات النظام لم تستهدف تنظيم الدولة.
التعليق:
أولا: منذ انطلاق حركة الشعوب والغرب يحاول أن يحرف هذه الثورات أو يمتطيها لتحديد مسارها وأهدافها، محاولة منه لإبقاء النظم السياسية القائمة ولو قبل الغرب أحيانا بسياسة تغيير الوجوه والعمليات التجملية في بعض البلدان ولبعض النظم، ولكنه في الشام وجد واقعا مغايرا ورأيا عاما قويا وانبثقت قوى جديدة لم يساهم هو في إيجادها أو تكوينها وأصبحت هذه القوى لها وجود حقيقي على الأرض فأخذ يعمل على احتوائها من خلال ربطها ببعض الدول التابعة والعميلة وقد نجح مع بعضها.
ثانيا: لقد تحلت الولايات المتحدة بما يسمى بالصبر الاستراتيجي والقيادة من الخلف وأشركت جميع الأدوات والعملاء وبعض الأوراق حتى جاءت بالدب الروسي وأخرجته خارج أرضه ليقوم بالمهمة بعد إخفاق وسقوط بعض الأوراق، هذا الدب الذي قبل على نفسه تأمين مصالح الدولة الأولى لمصالح متفق عليها بينهما ولكنه بدور محدد ومؤقت وليس دورا طويلا إنما وظيفة محددة، وحتى تتم مكافأته على هذا الدور لا بد له من تحقيق إنجازات على الأرض فيما يبدو لاقتراب نهاية هذا الدور، ومن هنا نفهم خطاب كيري بتحديد ثلاثة أشهر للمعارضة بالتسليم والتوقيع أو جهنم، ومن هنا نفهم أيضا اشتداد الضربات وقوتها وعنفها وكثرتها برغم ما يقال عن المفاوضات في جنيف٣ وكأن روسيا لا يعنيها أمر المفاوضات لأنه ليس لها ولا بيدها وإنما أشركتها الولايات المتحدة كشاهد زور وإشباعا لدور موهوم عالميا لروسيا برغم أن دور وزير خارجيتها أشبه بناطق غير معلن لما تريده أمريكا وبتلقين مباشر من كيري.
ثالثا: في الوقت الذي تتبجح فيه روسيا بمحاربة الإرهاب وبطلب من الحكومة السورية الإجرامية فإنها تدرك خطورة البقاء، وخطورة آثار ما تقوم به بعد حين – إن لم يكن على أيدي المسلمين – فإنها تدرك تعالي الأصوات المنادية بمحاكمة روسيا كمجرم حرب وقتل المدنيين وتفريغ السكان من مناطقهم، وتدرك خطورة كون المسلمين أمة واحدة في حربها وسلمها، حيث يوجد في روسيا ملايين المسلمين، وهي لا زالت تدرك عقدة الشيشان وعقدة التاريخ الحديث وعقدة الفتوحات والعداء، وتدرك أيضا أنها أول من سيحترق بنار المسلمين إدراكا منها لعظمة هذه الأمة.
وتدرك أيضا أن لعبة الحرب الطائفية ستصطلي بنارها يوما خاصة وأنها في أوج قوتها لم تستطع القضاء على فكرة القوميات زمن الاتحاد السوفيتي، فما بالها في زمن ضعفها مقارنة بما كانت عليه؟!
وأخيرا إن عقلية إيفان الرهيب التي يتمتع بها بوتين ومن حوله لن تنقذه من جرائمه وإن غدا لناظره قريب، برغم الدماء التي سالت أنهارا إلا أنها لعنة على روسيا ومن خلفها وعلى كل الأدوات والعملاء.
قال تعالى: ﴿وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حسن حمدان – أبو البراء