معاناة النساء والأطفال المسلمين في فرنسا تتواصل على يد نظام “حالة الطوارئ” الفرنسي الاستبدادي (مترجم)
معاناة النساء والأطفال المسلمين في فرنسا تتواصل
على يد نظام “حالة الطوارئ” الفرنسي الاستبدادي
(مترجم)
الخبر:
وافق البرلمان الفرنسي بأغلبية ساحقة على تمديد حالة الطوارئ لثلاثة أشهر والتي فُرضت بعد هجمات 13 تشرين الثاني/نوفمبر الدموية في باريس وما حولها وذلك على الرغم من معارضة جماعات حقوق الإنسان التي تقول إنها تقوض الحريات المدنية.
وقد وافقت الجمعية الوطنية أو مجلس النواب في البرلمان الفرنسي على التمديد ليلة الثلاثاء بتصويت بلغ 212 مقابل 31. وقد وافق مجلس الشيوخ بالفعل على هذا الإجراء، وسيبقى الإجراء الآن ساري المفعول حتى 26 أيار/مايو.
وقد قال وزير الداخلية برنار كازنوف في نقاش يوم الثلاثاء في الجمعية الوطنية بأن تهديد عنف إرهابي جديد لا يزال محتملًا بشكل كبير جدًا بعد الهجمات الإسلامية المتطرفة التي قتلت 130 شخصًا.
وتزيد حالة الطوارئ من صلاحيات الشرطة لتنفيذ عمليات اعتقال وتفتيش وتسمح للسلطات القيام بتقييد حركة الناس والمركبات في أوقات وأماكن محددة.
وقد تم بالفعل تمديد حالة الطوارئ مرة واحدة من قبل وكان من المقرر أن تنتهي في 26 شباط/فبراير. [المصدر: تلفزيون فرانس 24]
التعليق:
يستمر النظام الفرنسي الاستبدادي والقانون التعسفي في قمع النساء والأطفال المسلمين بشكل واضح من خلال حالة الطوارئ التي تفرضها سلطات وزير الداخلية. ويتيح هذه القانون وضع الأفراد المشتبه فيهم تحت الإقامة الجبرية والذين “توجد حيالهم أسباب جدية للاعتقاد بأن سلوكهم يشكل خطرًا على النظام العام والأمن”.
ويجوز للسلطات أن تحتجز الناس في بيوتهم لمدة تصل إلى 12 ساعة يوميًا، وأن تحد من حركتهم خارج بيوتهم، وأن تطلب منهم أن يثبتوا وجودهم في مركز للشرطة إلى حد يصل إلى ثلاث مرات في اليوم.
وفي أعقاب هجمات في باريس، قام مسؤولو تطبيق القانون الفرنسي، دون الحصول على أمر قضائي، بإجراء أكثر من 3200 حملة مداهمة وتفتيش، وقامت بوضع 350 – 400 شخص تحت الإقامة الجبرية. ويكشف تقرير “هيومن رايتس ووتش” والحالات التي وثقها “التجمع ضد الإسلاموفوبيا” في فرنسا عن أن معظم الذين وُضعوا تحت الإقامة الجبرية أو الذين تعرضت منازلهم للتفتيش هم مسلمون من شمال أفريقيا.
وقد عمل هذا القانون على إيجاد مصاعب اقتصادية، وصنف الأشخاص المستهدفين، وسبب آلامًا نفسية للأطفال. فعلى سبيل المثال، قام نحو 40 عنصرًا من قوات التدخل الخاصة والشرطة المحلية بمداهمة شقة مريم نار عند الساعة 11:30 من مساء يوم 7 كانون الثاني/يناير 2016، وهي امرأة فرنسية من أصل جزائري تبلغ من العمر 25 عامًا، وتسكن بلدة ميلو في منطقة لانغدوك الجنوبية. وقد قالت مريم التي كانت تلبس لباسًا بأكمام قصيرة وكان رأسها مكشوفًا: “شعرت كما لو أني كنت عارية لأني ألبس الحجاب بشكل دائم”. وقد قالت مريم إنه بعد أن نظر طفلاها إليها وصرخا، قام عناصر الشرطة، الذين يغطي بعضهم وجوههم، بجعلها تنام على الأرض مرّتين ورفضوا طلبها بأن تغطي رأسها بحجابها، وهو ما وجدته مُذلًا. ولم تكتفِ السلطات بترويع هذه المرأة المسلمة، بل إنهم قاموا أيضًا بوضع طفليها، وهما بنت تبلغ من العمر 5 سنوات وولد يبلغ من العمر 8 سنوات، في دور الرعاية، وقالوا بأن بيتها غير صحي وأنها “تعيش كأنها في مخيم”. وقد قالت مريم، التي انفصلت عن زوجها، بأن شقتها كانت شبه فارغة لأنها كانت تقوم بالإعداد للانتقال إلى المغرب. وقالت إنها تشك بأن السلطات أخذت أطفالها بعيدًا لمنعها من هذه الخطوة. وقد نقلت السلطات فيما بعد الأطفال إلى دار رعاية أخرى لمدة ستة أشهر، وهو ما يجعل الأطفال يحتاجون إلى الانتقال إلى مدرسة أخرى. وقالت مريم، التي لم تتمكن من إلغاء قرار وضع أطفالها في دور الرعاية، إنه قد سُمح لها برؤية أطفالها فقط في عطلة نهاية الأسبوع، ووصفت أطفالها بأنهم “مصدومون تمامًا” وأن أعراضًا مختلفة قد أصابتهم ومن ضمنها التقيؤ.
ومثال آخر، وقعت حملة مداهمة قبيل فجر يوم 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2015، في نيس، وقد أصابت الشرطة خلالها طفلة كانت نائمة تبلغ من العمر 6 سنوات عندما أطلقت أعيرة نارية من أجل تفجير باب الشقة وفتحه، فأدت شظايا الخشب المتطايرة في أرجاء الغرفة إلى إصابة وجرح الطفلة في رقبتها وأذنها. ولم تعثر الشرطة على أي شيء في الشقة، وقد تبين فيما بعد أنها كانت عنواناً خاطئاً.
إن هذه الأمثلة ليست إلا عدداً قليلاً من آلاف الحالات التي تُظهر عواقب تمديد السلطات الفرنسية لحالة الطوارئ. وقد شرّعت الحكومات في جميع أنحاء العالم الغربي، مثل فرنسا، قانونًا استبداديًا خلال الحرب التي تقودها أمريكا على الإرهاب والتطرف والأصولية. وتسير فرنسا بشكل واضح في طريق الحرب ضد المسلمين الذين يتمسكون بإسلامهم على الرغم من السياسات القمعية التي تهدف إلى دمج المسلمين في المجتمع باستخدام القوة. ويواجه ملايين المسلمين الذين يعيشون في فرنسا العديد من الصعوبات ومن أبرزها صعوبة الثبات على دينهم.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يأتي على الناس زمان القابض على دينه كالقابض على الجمر» رواه الترمذي. ويقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾ [البقرة: 154-155]
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
ثريا أمل يسنى