بسم الله الرحمن الرحيم
مع الحديث الشريف
باب لصاحب الحق مقال
يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم: “ليُّ الواجد يحل عقوبته وعرضه” قال سفيان عرضه يقول مطلني وعقوبته الحبس
حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن شعبة عن سلمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل يتقاضاه فأغلظ له فهم به أصحابه فقال: “دعوه فإن لصاحب الحق مقالا”
قوله: (باب: لصاحب الحق مقال) ذكر فيه حديث أبي هريرة المقدم قريبا وهو نص في ذلك، وذكر الحديث المعلق لما فيه من تفسير المقال.
قوله: (ويذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم: ليُّ الواجد يحل عرضه وعقوبته) الليّ بالفتح المطل، لوى يلوي. والواجد بالجيم الغني، من الوجد بالضم بمعنى القدرة. ويحل بضم أوله أي يجوز وصفه بكونه ظالما. والحديث المذكور وصله أحمد وإسحاق في مسنديهما وأبو داود والنسائي من حديث عمرو بن الشريد بن أوس الثقفي عن أبيه بلفظه، وإسناده حسن، وذكر الطبراني أنه لا يروى إلا بهذا الإسناد.
قوله: (قال سفيان: عرضه يقول: مطلني، وعقوبته الحبس) وصله البيهقي من طريق الفريابي وهو من شيوخ البخاري عن سفيان بلفظ “عرضه أن يقول مطلني حقي وعقوبته أن يسجن” وقال إسحاق: فسر سفيان عرضه أذاه بلسانه وقال أحمد: لما رواه وكيع بسنده قال وكيع: “عرضه شكايته” وقال كل منهما: عقوبته حبسه. واستدل به على مشروعية حبس المدين إذا كان قادرا على الوفاء تأديبا له وتشديدا عليه كما سيأتي نقل الخلاف فيه، وبقوله: “الواجد” على أن المعسر لا يحبس.
إن الله سبحانه وتعالى أجاز البيع والشراء بالدين وأقر للمسلم أن يقضي حاجة المحتاج ولو بثمن مؤجل، سبحانه أعلم بشؤون عباده وكيف أنه يمر وقت على أحدنا ولا يكون معه ما يكفي لقضاء حاجاته، فأجاز لنا التعامل وأن يفرج أحدنا على الآخر دون قبض عاجل بل حبب أن ينتظر الدائن على المدين إلى أن يأذن الله بفرجه عليه ويصبح معه ما يسد به دينه، ولكن أن يكون أحدنا غني ومعه ما يسد به دينه لكنه يماطل فهنا اختلف الأمر واختلف الحكم، بل وأصبح من حق المُدين أن يحاسب المَدين وأن يستعمل معه الحزم إن لم يطالب بمعاقبته أيضا، فكيف بالتاجر يفرج على الفرد ويماطل الفرد بالسداد؟! ألا يجب أن يُعامل بالمثل؟
فبمثل ما تعامل معه التاجر وفرج عنه عليه أن يسد ويفرج هو بماله على التاجر ليكبر رأس ماله ويزيد ربحه، وإلا لكل مقام مقال ولصاحب الحقِ حق في استرداد ماله.