عدم التشدد (التطرف) يساوي العلمانية
(مترجم)
الخبر:
عقد مؤخرًا في كوالالمبور المؤتمر الدولي لمنع التطرف ومحاربة العنف المتطرف لعام 2016. وقد حضر المؤتمر جميع وزراء آسيا، بالإضافة إلى تسعة وزراء من الدول الاستراتيجية الشريكة وهي الولايات المتحدة، وفرنسا، وأستراليا، وبريطانيا، والسعودية، واليابان، والإمارات العربية، والصين وإيطاليا. وقام ممثلو الدول بعرض الإجراءات التي يقومون بها ضد الإرهاب في بلدانهم. ولمواجهة الجماعات الدينية المتطرفة والإرهابيين، قال رئيس وزراء ماليزيا داتوك سيري نجيب تون رزاق في كلمته الافتتاحية أن ماليزيا سنت قانون الجرائم الأمنية (إجراءات خاصة) (سوسما)، في عام 2012 من أجل حماية الناس من النشاطات الإرهابية، بالإضافة لهذا، فقد قدمت الحكومة تشريعًا لمجلس الأمن القومي كان قد وافق عليه مؤخرًا مجلس النواب ويهدف إلى مكافحة النشاطات التي من الممكن أن تشكل تهديدًا على الأمن الوطني. وأخيرًا، تبذل الحكومة الماليزية مساعي لجعل ماليزيا المركز الإقليمي للاتصالات والرسائل الرقمية، والذي سيحصل على ميزانية تبلغ 200 مليون رينجيت ماليزية من الحكومة الماليزية ويستخدم نماذج مماثلة للنماذج التي تبنتها الولايات المتحدة والإمارات العربية.
التعليق:
إن مصطلح “متشدد (متطرف)” ليس مصطلحًا غريبًا لأنه يستعمل منذ مدة لإعطاء مفهوم سلبي لأفراد أو جماعات يمتلكون وجهة نظر معينة عن الحياة. ولقد استعمله الغرب بشكل مكثف لوصم أفراد وجماعات إسلامية مختلفة. ولكن هذا المصطلح يعتبر جديدًا نوعًا ما كما أبرزته الحكومة الماليزية. إن كلمة “تشدد (متطرف)” هي كلمة ترتبط أو تؤثر على الطبيعة الأساسية لشيء ما (بعيد المدى أو عميق). وبناءً على هذا التعريف فإن “التشدد (المتطرف)” بمعناه الأصلي هو كلمة محايدة، وليست مائلة إلى شيء سلبي أو إيجابي.
ولذا فإن تقرير إذا ما كان هذا المفهوم هو سلبيًا أو إيجابيًا يعتمد على كيفية استخدامه. وعلى سبيل المثال إذا ما عرف مسلم بأنه “مسلم متشدد (متطرف)”، فهذا يعني أن الشخص هو مسلم يؤمن حقيقةً بالإسلام بشكل صحيح ودقيق، وهذا ما يجب أن يكون عليه حقيقةً موقف المسلم. وبكلمات أخرى إذا ما كان المسلم يطبق الإسلام بشكل جزئي أو يرى أن الحلول الإسلامية ليست حصرية، فهذا يعني أنه ليس “متشددا (متطرفاً)”. ولكن هذا المصطلح قد حرفه الغرب وأعداء الإسلام بنجاح من أجل إعطائه مفهومًا مرادفًا للإرهاب. وهذه الدعاية الكاذبة كانت ناجعةً عندما وجهت نحو أفراد وجماعات لا توافق الفكر والمصالح الغربية. وأصبح مصطلح “الإسلام المتشدد (المتطرف)” كثير الاستعمال ضد من يعارضون الأفكار الغربية ونظامها الرأسمالي العلماني الديمقراطي، ويسعون لإجاد الإسلام محله.
قال آنجيل راباسا، أحد أعضاء مؤسسة راند في ندوة لمؤسسة اليابان للعلاقات الدولية والذي عقد في طوكيو عام 2008، إن المسلم المعتدل هو المسلم الذي يقبل التعددية والمساواة بين الجنسين والديمقراطية والمجتمع المدني والإنساني. وقال أندرو مكارثي من ناشينال ريفيو أون لاين يوم 2010/08/24 بكل وضوح إن أي شخص يدافع عن الشريعة الإسلامية لا يمكن وصفه بالمعتدل.
وبناءً على ذلك فإن مصطلح “الإسلام المتشدد (المتطرف)” نشر بمضمون سلبي أدى بعدها لخلق مصطلح “الإسلام المعتدل”. وبهذا المصطلح تم إيجاد نوع غربي للإسلام. ومفهوم هذا المصطلح “الإسلام المعتدل” يناقض “الإسلام المتشدد (المتطرف)” في كونه ينطبق على من يرغبون، بوصفهم مسلمين، قبول طريقة الغرب في الحياة. في الواقع فإن هذه هي نية الكفار، لن يكونوا سعداء ما لم نتبع طريقتهم في الحياة، إن طريقة الغرب في الحياة هي طريقة علمانية تفصل الدين عن الحياة اليومية. ويجب ألا يتدخل الدين، في إطار العلمانية، في شؤون الحياة حيث لا محل لأحكام الله عز وجل. في هذه الخدعة العلمانية يعتبر الإسلام أمرًا شخصيًا، ولا يلعب دورًا في إدارة المجتمع والدولة. ومن هنا فإن أي مسلم يريد تطبيق الأحكام الشرعية بشكل كامل – في حياته الخاصة وفي الدولة؛ الخلافة – يعتبر متطرفًا و”متشددًا”. وقال رئيس وزراء بريطانيا السابق توني بلير أن الإسلام فكر شيطاني (بي بي سي 2005/07/16) لأنه: 1. يريد القضاء على “كيان يهود”. 2. يريد وضع أحكام الشريعة مصدرًا للقوانين. 3. يطمح لإقامة الخلافة. 4. ولأنه مخالف للقيم الليبرالية. وبدون شك هذا المضمون سوف يستمر في وصف المسلمين الملتزمين بالإسلام “بالتطرف” أو حتى “الإرهاب”، ويوصف من يتبعون القيم الغربية “بالاعتدال”.
في الواقع، إن مشروع عدم التطرف تم تقديمه لترويض من يطمحون لتطبيق الإسلام بشكل كامل. إن مصطلحات مثل “الدولة الإسلامية ” و”الخلافة” و”الجهاد” وغيرها تم إعطاؤها مفهوما سلبيا كبيرا. وكذلك فإن الشعائر الإسلامية والرموز الإسلامية مثل لواء رسول الله r ورايته سيتم ربطها مباشرةً بالتطرف والإرهاب. ويراد من خلال عدم التطرف دفع المسلمين والحركات الإسلامية للاستمرار بالعمل تحت المظلة الديمقراطية، وإطاعة القوانين البشرية والإعراض عن أحكام الله عز وجل، والقبول بالدستور الاستعماري ووضعه فوق القرآن الكريم، وأكثر من ذلك تقسيم المسلمين بواسطة القومية والوطنية وعدم العمل لإقامة الخلافة على منهاج النبوة.
هذا ما يريده الغرب، وسيكون هذا أحد المساعي الأساسية لفكرة عدم التطرف – دفع المسلمين بعيدًا عن الإسلام وعلمنة الأمة. يجب على المسلمين أن يدركوا أن أجندة عدم التطرف هي لإبعادهم عن المفاهيم الحقيقية للإسلام وتثبيط عزائم حملة الدعوة من التمسك به بوصفه طريقةً كاملةً للحياة. من الأفضل لنا أن نكون “مسلمين متشددين (متطرفين)”، نصوم ونصلي ونسعى لتطبيق الإسلام كاملاً، على أن نكون “مسلمين معتدلين” نصوم ونصلي ولكننا نتبع رغبات وشهوات الغرب.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. محمد – ماليزيا