Take a fresh look at your lifestyle.

ثورة الشام ووعي الأمة

 ثورة الشام ووعي الأمة

 

كثر الحديث في ثورة الشام عن أخطاء جسيمة وقعت فيها كتائب وفصائل في الثورة كانت تظن أن نهجها في محاربة النظام هو صحيح وشرعي بكل وضوح، ففوجئت بأنها أصبحت حبيسة ضمن خطوط وضعها لها من دعمها ومولها وسلحها، فعلموا أنهم ارتكبوا بقبولهم ذاك الدعم خطأً جسيماً ربما لا يُغتفر، فقد أزهقوا الأرواح وأوقعوا الناس في فاقة وعوز ودمار بلا أمل وهم يظنون أنهم يحسنون صنعاً! وزاد زخم تلك المراجعات حتى قال أحد قادة بعض المواثيق الإسلامية الذي أدخل الناس في متاهات “اقترب وقت قيامها”، مخاطباً من وقعوا “قلنا لكم وقعوا معنا فاشترطتم.. وطلبنا منكم العمل معنا فتذبذبتم.. وها أنتم الآن توليتم أعداء الثورة وجلستم مع أذناب النظام.. فكم أنتم أغبياء”!

 

إن هذا الخطاب علاوةً على الألم الذي يحتويه فهو بمثابة إدانة للمتحدث أولاً؛ فكيف تقبل بما لا يقبل به الشرع، وكيف تعلن أنه ميثاق اجتمعت عليه الفصائل وهم حقيقة لم يجتمعوا إلا على تصوير الفلم ونشره لتبييض سمعتهم على حساب نظافة سمعة غيرهم؟ وكي تحصد أنت الرفعة به وهي موضع تساؤل!

 

إن جلد الذات في هذه المرحلة لن يجدي مع أهمية الاعتراف بالخطأ، فلو فهم المتنطعون ما تبناه حزب التحرير بأنه حزب سياسي لا عسكري، يعمل بالسياسة الشرعية ولا جناح عسكرياً له، لا يدعم العسكر ولكن ينصحهم ولا يحمل السلاح كحزب بل يتمسك بطريقة الرسول عليه الصلاة والسلام السياسية، لو فهموا هذا لما أضاعوا الجهد والوقت والمال في خطب ود العسكر الجالسين في أحضان الداعم الخارجي، ولما وصلوا لخيبة أملهم التي يتعذبون تحتها والتي هي نتيجة عملهم هم لا عمل غيرهم، وليتهم تشجعوا أكثر فاعترفوا بحقيقة أخطائهم فقدموا اعتذارهم لله ولرسوله وللأمة ولحملة الدعوة المخلصين. لا عيب في الخطأ، ولكن العيب كل العيب في كيل التهم للغير وتبرئة النفس التي يعلم القاصي والداني أنها – أي أنفسهم – غارقة في الخطأ التراكمي الذي جرفنا مع من جرف إلى أطراف الثورة بدل وسطها.

 

وبين هذا وذاك يبرز خيار التفاوض مع النظام القاتل والاعتراف به لا بل واستجداؤه كي يدخل طحيناً ووقوداً لبعض البلدات، وأكثر من هذا تبجح كبير المفاوضين بأنهم، أي المعارضة، يريدون إحراج النظام وإظهار عدم جديته بالمفاوضات للعالم!! يا سبحان الله وكأنه يوجد اثنان يختلفان على ذلك مع أن النظام لا يلقي بالاً للعالم أجمع؛ فهو كالذئب المجروح يفترس كل من اقترب منه ولا حل معه إلا بالتخلص منه كلياً لا بالجلوس معه والتفاوض مع مجرميه!

 

إنها الشام التي لن يفسد أهلها بإذن الله والتي تبسط ملائكة الرحمن أجنحتها عليها، هي من جنس طريقة رسولها؛ فقد لفظت كل ما هو ليس من جنسها وستلفظ كل خوان أثيم، وستفتح أبوابها فقط للمخلصين غير المداهنين الصابرين الثابتين ليلقوا وعد ربهم: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا﴾.

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

رولا إبراهيم – بلاد الشام

2016_02_29_Art_Sham_revolution_and_the_Ummah_awareness_AR_OK_1.pdf