العلاج المروع للاجئين في أوروبا
(مترجم)
الخبر:
تواصلت الاشتباكات بين الشرطة ومهاجرين مساء يوم الاثنين بعد أن انتقلت السلطات في وقت سابق من اليوم لتفكيك أجزاء من مخيم للاجئين المعروفة باسم الغابة.
وقد هدمت منازل ما يقارب 200 شخص من بين نحو 3500 شخص يعيشون في المخيم بحلول منتصف النهار، وفقًا لمنظمة إغاثة اللاجئين البريطانية، كما تصاعد الدخان من الحرائق التي تجتاح ملاجئ مؤقتة.
وقالت متحدثة باسم مجموعة المتطوعين البريطانية لرعاية شؤون اللاجئين أنه قد ظهرت بعض المنازل تشتعل من حرارة الغازات المسيلة للدموع التي ألقتها شرطة مكافحة الشغب على الحشود، في حين يبدو أن بعض السكان قد أضرموا النار في آخرين خلال الاحتجاج.
وأظهرت لقطات فيديو من المتطوعين داخل المخيم هروب اللاجئين من سحب الغاز المسيل للدموع. وقال لرويترز إن الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع على نحو 150 شخصًا والنشطاء الذين ألقوا الحجارة، وقد احترق ما لا يقل عن ثلاثة ملاجئ.
واستمرت الاشتباكات حتى المساء بالقرب من الطريق السريع متجهةً إلى ميناء كاليه، حيث منع المهاجرون العربات من التحرك على امتداد الطريق التي تطل على قطعة من الأرض التي كانت في السابق جزءًا من المخيم.
وقالت منظمة العفو الدولية ردًا على عمليات الهدم أن كلاً من الحكومتين الفرنسية والبريطانية يجب أن ترقى إلى مستوى المسؤولية فيما يتعلق بالذين طردوا، بما في ذلك تيسير الوصول إلى إجراءات اللجوء في فرنسا والتأشيرات إلى بريطانيا للذين جاؤوا مع العائلة والأصدقاء. (المصدر بي بي سي)
التعليق:
في أعقاب الهجمات التي وقعت في باريس في تشرين الثاني/نوفمبر 2015 أشاد العديد بروح الدول الأوروبية كفرنسا وغيرها التي ما زالت تسمح للاجئين من سوريا وغيرهم في بلدانهم بطلب اللجوء ومحاولة لإعادة هيكلة القليل الذي تبقى من حياتهم. ولكن على الرغم من هذا الفعل والكرم المفترض، كانت رعاية اللاجئين والوضع برمته حالة من الفوضى والمعاملة السيئة المنهجية للاجئين على الحدود وداخل المخيمات، ولكن بشرط البقاء في غابة في كاليه، وربما حتى الغابة قد تكون أفضل.
بينما تواصل القوات الفرنسية العمليات العسكرية تحت ذريعة وقف إطلاق النار في سوريا، ومواصلة أعمالهم الراسخة لزعزعة استقرار منطقة الشرق الأوسط برمتها وما بعده؛ هؤلاء المشردون وقعوا في مرمى النيران المتبادلة يجدون أنفسهم في مواجهة الاضطهاد والقصف والعقوبات وبين المآسي الأخرى، الكثير منا لا يمكن أن يفهمها أبدا. أولئك القادرون بما فيه الكفاية فروا إلى أوروبا، وكذلك الدول المجاورة مثل الأردن ولبنان، على أمل الهروب من سلسلة الفظائع التي يواجهونها وإيجاد درجة من الأمن والفرص لهم ولأسرهم.
في فرنسا لم يكن هذا هو الحال، وكانت سياسة الباب المفتوح للاجئين لا تعدو عن كونها عملاً الغاية منه حب الظهور وإظهار المحاسن. وتعكس النظم المعمول بها للاجئين هذا، كما يقتصر التمويل على وجود الأعمال الخيرية فقط، ويتم إنشاء عمليات طويلة بشكل لا يصدق لإبقاء اللاجئين خارج المعادلة، وهم الأكثر استحقاقًا للمساعدة، في ظروف بائسة لا تختلف أيضًا إلى معسكرات الاعتقال لأوائل ومنتصف القرن ال20. ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾.
العنف الذي اندلع من هذه المخيمات في الأيام القليلة الماضية هو رد فعل لظروف غير إنسانية، حيث يجري حاليًا تهجير اللاجئين ويتم نقلهم قسرًا إلى حاويات، على الرغم من أن التقديرات تقول أن ما يصل إلى 3500 لاجئ لديهم مكان يذهبون إليه بعد ذلك. والحقيقة هي أن “الغابة” في كاليه أصبحت حرجًا وطنيًا للفرنسيين والبريطانيين وإزالة هذا المخيم لتكون قادرة على عرض تنظيم أكبر وإن كان أقل من نصف اللاجئين هناك يلقى بهم إلى البرية. إذا كان هذا، كما يحاول الكثيرون تسميته عملاً من أعمال الضيافة، كان يمكن للسلطات الفرنسية أن تكون على أقل تقدير على استعداد للسماح للاجئين بالبقاء في المنطقة حتى يمكنهم العثور على إقامة كافية.
لكن هذا الإجراء من قبل السلطات الفرنسية يجعل الرواة الأوروبيين يكتبون المجلدات عن وجهات نظرهم حول اللاجئين المسلمين. حيث ينظر إليهم على أنهم نصف إنسان وتم توجيه المسؤولية إليهم. باستثناء عدد قليل من اللاجئين الذين أمروا بشأن مكان الإقامة، ما يمكن القيام به، ويمكنهم طلب اللجوء. لا ينظر إليهم بحال من الأحوال على أنهم أناس حقيقيون مع رغبات أو تفضيلات، ناهيكم عن حقوق الإنسان التي يجب أخذها في الاعتبار. أما القوة التي استخدمتها الشرطة فهي دليل على ذلك، حيث لم يتم إجراء أية مفاوضات أو طلب التفسيرات المتاحة ويتوقع من اللاجئين الخضوع لإرادة المضيفين “الكرماء”، على غرار الأيتام الديكنزين.
إن طريقة الحياة الإسلامية والأنظمة السامية في دولة الخلافة هي على النقيض تماما مع ما هي عليه الحياة في أوروبا. المثال الأوضح على ذلك هو عندما هاجر المسلمون من مكة إلى المدينة المنورة، وقد تركوا خلفهم كل ما يملكون، استقبلهم الأنصار من المدينة المنورة بكل حفاوة، لدرجة تقسيم ممتلكاتهم بالنصف مع المهاجرين. حتى الفيديو من أطفال فلسطين في غزة، الذي انتشر بشكل كبير الأسبوع الماضي، عرض القيم الإسلامية العالية، وفيه رحبوا ترحيبا حارا باحتمال دخول مليون لاجئ من سوريا إليهم، والتي تبين الكرم الكبير والصدق على الرغم من انعدام الموارد والفقر والخصاصة. عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله r: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ».
قارنوا هذا بصعود اليمين في أوروبا، أو حتى الخطابات العادية لمكافحة المهاجرين المزعومة من قبل وسائل الإعلام التي تبحث عن نشر الخوف داعية إلى تشويه صورة المستضعفين في العالم. عقلية سرعان ما تسود إذا كنت ليبراليًا وهذا يوضح نظام حياتهم وحكمهم المعيب حيث الإنسانية والجماعية تلعب الدور الثاني للنزعة الفردية، رؤية قذرة من قبل منتج الفكرة العلمانية الليبرالية الرأسمالية، وهي الفكرة الوحيدة التي تجمع الناس على المنافع والمصالح المالية. أما الإنسانية فهي غير موجودة في ظل المبادئ والعمليات الحكومية الرأسمالية، باعتبارها جمعية خيرية وتمتد إلى مرحلة الدولة القومية على الأكثر، وتفوض كخيار للفرد. مما يحول دون الدول الرأسمالية ودون حلول دائمة للمشاكل العالمية.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
مليحة حسن