بسم الله الرحمن الرحيم
الحديث الشريف
باب الوصاة بالنساء
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم “مع الحديث الشريف” ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني “بتصرف” في “باب الوصاة بالنساء”، حدثنا إسحاق بن نصر حدثنا حسين الجعفي عن زائدة عن ميسرة عن أبي حازم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره واستوصوا بالنساء خيرا، فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء خيرا”.
يقع كثير من المسلمين في الخطأ عند تفسير هذا الحديث، خاصة عند ذكر المرأة بأنها خلقت من ضلع أعوج، ويقف البعض حائرا أمام المعنى، بل ويصيبه العجز تماما أمام بعض المغرضين عندما يرمون هذا الكلام بوجهه مدعين ظلم الإسلام للمرأة وتفضيله الرجل عليها.
وأمام هذه الهجمة الشرسة وأمام عجز البعض عن الرد عليها نقول: لعل الشيخ محمد متولي الشعراوي أبدع في تفسير هذا المعنى للضلع الأعوج في المرأة. حيث قال: “معنى الضِّلع الأعوج لا يوجد فيه ذم للنساء، وإنَّما هو – صلَّى الله عليه وسلَّم – يُحدِّد طبائع النساء، وما اختصهنَّ الله به مِن تفوُّق العواطف على العقل، على العكس من الرَّجل الذي يتفوَّق فيه العقلُ على العواطف، فما زاد في المرأة نقصٌ من الرجل، وما زاد في الرَّجل نقصٌ من المرأة. وليس العوجُ في الحديث مرادًا به الفساد في طبيعة المرأة؛ لأنَّ عوجَها هذا هو صلاحُها لأداء مهمتها، فالمرأة من وظائفها أن تتعاملَ مع الأطفال، والأطفال في حاجةِ إلى الحنان والانعطاف الشديد، وليسوا في حاجةٍ إلى التعامُل معهم تعاملاً عقليًّا، أو يغلب عليه العقل، بل هم في حاجةٍ إلى تعامُلٍ تغلب فيه العاطفة على العقل، حتى يمكنَ أن يكونَ احتمالُ القَذَر ومشقات السَّهْر والبكاء، وغلبة عاطفتها على عقلِها. من هنا أصبح العوجُ صفةَ مدحٍ، وليس صفةَ ذمٍّ للمرأة؛ إذ إنَّ هذا العوج في حقيقته هو استقامةُ المرأة لمهمَّتها. فالمقصودُ بالضِّلع الأعوج إذًا المعنى المجازي، وليس اللفظي، وبناء على هذا أُمرنا بالتعامل مع النِّساء بما يُلائِم طبائعهنَّ، والتصرُّف معهنَّ على أساس أنهنَّ عاطفيات أكثرَ من الرَّجل، وقد خلقهنَّ الله كذلك بمشيئته لدواعٍ خاصَّة، ممَّا يتوجَّب على الرجال مراعاة الرِّفق في التعامل مع النِّساء دائمًا، وإن كنتَ قاسيًا في تعاملك مع المرأة، فهي لن تتحمَّلَ ذلك بوضعِها النفسيِّ والعضوي، وستنكسر مشاعرها كما ينكسر الضِّلع لدَى محاولة تقويمها، فالحديث إذًا يؤكِّد، ويوصي بالرِّفْق والرحمة في معاملة النِّساء”.
أيها المسلمون: هذا هو دينكم الذي كرّم المرأة فكانت وظيفتها في الحياة بحسب طبيعتها الخلقية. فكيف يَدَّعي دُعاة التحرّر في النظام الرأسمالي أنَّه دينٌ ينقص من مكانة المرأة وشخصيتها وأنه ظلم المرأة وأهانها؟ ولو أن لمعترض أن يعترض على النظام الرأسمالي الجشع، لكانت المرأة أولى الناس بهذا الاعتراض، لِما أوقع على المرأة من ظلم وإهانة، ولكن وللأسف لم تفهم المرأة بعد ما يكيده الغرب لها، فسارت وفق ما أراده لها الكافر، ونادت بما ينادي ظنا منها أنها تحسن صنعا، فنادت بالمساواة مع الرجل، ونادت بحرية المرأة، ونادت بيوم المرأة ونادت ونادت، …فكانت المصائب كارثية ومضاعفة. ولكن نقول للغرب ومن يكيد معه من حكام المسلمين: لن يدوم هذا الأمر طويلا، فقد وضعت الأمة أرجلها على طريق الخلاص، وأخذت بالمسير، وستصل قريبا بإذن الله، ستصل إلى من يعيد لها حياتها الإسلامية الصحيحة، وستأخذ المرأة دورها بإذن ربها، وما ذلك على الله بعزيز.
اللهمَّ عاجلنا بخلافة على منهاج النبوة تلم فيها شعث المسلمين، ترفع عنهم ما هم فيه من البلاء، اللهمَّ أنرِ الأرض بنور وجهك الكريم. اللهمَّ آمين آمين.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: أبو مريم