أوباما يتحدّث عن مبدأ التعايش بين السعودية وإيران
الخبر:
قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما: “إن على السعودية وإيران تعلم مبدأ التعايش معا والتوصل إلى سبيل لتحقيق نوع من السلام”، وأضاف أوباما في مقابلة مع مجلة “ذا أتلانتك” الأمريكية: “إن المنافسة بين السعوديين والإيرانيين التي ساعدت في إذكاء الحروب بالوكالة والفوضى في سوريا والعراق واليمن تتطلب منا أن نقول لأصدقائنا وكذلك للإيرانيين أنهم بحاجة للتوصل إلى طريقة فعالة للتعايش معا“.
التعليق:
إنّ أمريكا التي طالما أجّجت الصراع بين السعودية وإيران، والتي جاءت بحكام طائفيين في العراق، والتي أذكت الروح الطائفية البغيضة في المنطقة بأسرها، يتحدّث رئيسها اليوم عن نشر ثقافة التعايش والسلام بين الأقطاب المتناحرة التي ارتدت رداء الطائفية وتلبّست بلبوس المذهبية.
فكما تُحرّك أمريكا حكام السعودية وإيران لإشعال نيران الفتن الطائفية بالمنطقة كلّما عنّ لها خاطر، تُحرّكهم للتصالح والانتظام صفّاً واحداً لتحقيق أهداف تُريد تحقيقها من خلال المصالحة، فهي تلعب بهم كما تشاء، وقتما تشاء، وهم مجرّد أدوات تستخدمهم لتحقيق أغراضها ليس إلاّ.
ويبدو أنّ أمريكا تُريد تغيير لُعبتها مع السعودية وإيران في قابل الأيّام، فخلافاً لما تُروّجه وسائل الإعلام السعودية من أنّ أمريكا تقف إلى جانبها ضد إيران، وأنّ السعودية ستنتهج أسلوب التصعيد ضد الإيرانيين، وأنّها ستضع حدّاً للتدّخل الإيراني في المنطقة، فالأمر بالنسبة للأمريكيين بخلاف ذلك على ما يبدو، فهم يُريدون تخفيف حدّة الصراع بين الدولتين، وتمكين الإيرانيين من التغلغل أكثر فأكثر في قضايا المنطقة.
والأمر نفسه ينطبق على إيران التي تدّعي أنّها تُريد الاستمرار في محاربة أمريكا وأذنابها، بينما هي تُنسّق كل خطواتها مع أمريكا.
لقد أفصح الرئيس الأمريكي باراك أوباما عمّا تُريده أمريكا من كل من السعودية وإيران، بوصفهما دولتين خاضعتين للمظلة الأمريكية، فقرّر لهما سياسة التعايش (البارد) مستقبلاً، بدلاً من نهج التنافس (الساخن) الذي ساد العلاقات بينهما مؤخرّاً.
ولعل فوز من يوصفون بالإصلاحيين والمحافظين المعتدلين في الانتخابات الإيرانية الأخيرة يأتي في هذا السياق، ففوزهم يعني أنّ إيران تُريد التهدئة مع السعودية، وكذلك تثبيت أمريكا للهدنة بين نظام بشّار وبين المعارضة السورية التابعة للسعودية، وبدء انطلاق المفاوضات بينهما في جنيف يأتي أيضاً في السياق نفسه.
فإذكاء السعودية للهجة العداء الطائفي ضد إيران سيتقلص بشكل تدريجي، والتبجح الإيراني بمحاربة الاستكبار الأمريكي وتابعه السعودي سيتلاشى بشكل شبه نهائي، وسيتم تمهيد الطريق للعيش المشترك بين الدولتين ضمن حالة السلام (البارد) كما تُريد أمريكا.
إنّ هذه الرؤية الأمريكية الجديدة ربّما لن تظهر آثارها في عهد الرئيس أوباما، وإنّما قد تظهر في عهد الرئيس القادم، وهذه الرؤية ستؤسّس – على ما يبدو – لسياسة أمريكية جديدة لإعادة ترتيب أوضاع المنطقة حسب المُتغيّرات الجديدة.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أحمد الخطواني